قديستي…. تطلقُ حمائمها

146

مرام عطية/

أمِّي، لاترحلي الآنَ ، انتظريني ، أيَّتها القديسةُ المباركةُ لاتغادري دارنا الحبيبةَ ،امهليني رنوةً من عينيكِ السماويتين و ساعة من وقتكِ الثمينِ ،لأشربَ فنجانَ قهوتي الأخير معكِ ، و أطعمَ من كعكِ يديكِ بعيداً عن همومِ العالمِ الظالمِ و شروره
أضناني الشَّوقُ لابتسامتكِ الدافئةِ وهي تضمني إلي رياضِ الجنانِ
أمِّي يبستْ أغصاني بفراقكِ فضميني اليوم إلى غيمةِ صدركِ الوارفةِ فأنا مازلت طفلةً تلثعُ أمام جلالكِ
و فراشةً تطمعُ بحدائق دلالكِ، فأينَ راحتاكِ تمسدُ شعري ،و تغمرُ روحي بتينها و عنبها كعادتها
لا أدري أ أخبركِ عن رحلتي الشاقةِ في التعليمِ والأمومةِ أمْ عن بعض انتصاراتي على الأوجاعِ ،لكن عديني ألاَّ تحزني من رمال خيباتي ، و شلالِ إخفاقاتي ، فالزمنُ يتقدمُ عمراً ياحبيبتي ويصعدُ نحو الأسفل أخلاقاً و إيماناً
كل ماأعلمهُ أنَّني سأرهفُ السَّمعَ لأبجديتكِ و همس حروفكِ ، فلا حكمة تعلو كلماتكِ، ولا عذوبةَ تفوقُ موسيقا حروفكِ
انزلي من عليائكِ شمساً تضيء دروبي وسأدعو كل أشقائي الذين شتَّتهم الزمانُ بغيابكِ لحفلة حبٍّ أبدية الروعة ، فلقد اشتاقوا لسنا طلتكِ و بهاء حضوركِ .
و أنتَ أيُّها البردُ القاسي ابتعدْ عنَّا قليلاً ، خفِّف من سياطِ لسعكِ ، و قفْ خاشعاً أمامَ قديستي ، دعني أستمتعْ بوهجِ حنانها ، و أتذوقْ حلاوةَ دفئها ، فهذا اليوم ستطلقُ أمِّي حمائمها إلى الرفيفِ الأعلى وتودعنا للأبدِ .

مرام عطية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع