خرجة و بسطة في الصحراء
حشاني زغيدي
في جو صاف مع خير رفقة ، اتجهنا صوب صحراء البرقجية التابعة لتراب بلدية المغير ، كانت الوجهة إلى ذلك المكان الهادئ ، لا ضجيج و لا صخب ، في ذلك الهدوء حصل اللقاء مع ضيف الرحلة المحترم عمي محمد هبال ، رجل بسيط في تعامله ، لكنه كنز صامت ، رجل صقلته الأيام و تجاربها ، يحوي داخله كنوز مشعة ، رجل عايش ثورة التحرير فتى صغيرا ، رأت عيناه مأساة شعب ذاق ويلات الاستعمار ، تلك
الذكريات مازالت نفحاتها حية في ذاكرته .
ذلك الرجل السبعيني يحكي جمال الطبيعة في نضاله الكشفي ، فقد كان أحد رواد الحركة الكشفية بعد الاستقلال ، استمتعنا بتنشيط الذاكرة و هو يروي حياة الكشاف و تغاريد الكشافة و تاريخها المزهر في زمانه ، حمل ذلك الزهو لننشد مع جمال المكان نشيد الكشاف بصوته
كشاف هيـــا طلق المحيــا
أد إلى الهـــــدى رسالة الفــــدا
بأيد سفـــرة كرام بــررة
كشاف هيــــا هيا كشــاف
بشر بنا العالميــن واهتف بنا كـل حين
نحن المـلاك الأمين نحن ابتسـام الحزين
في هذه الخرجة استنشقنا الهواء الصافي الخالي من الملوثات ،كسرنا فيه الروتين و السكون ، كانت بحق خرجة جددنا فيها الأنفاس ، و عشنا فيها فسحة في روضة التاريخ أكملنا فيها نقاش جلستنا الأدبية ، أعدنا فيها ذكريات أبطالنا الذين عطروا أرضنا الطاهرة بجهادهم .
و أنا على هذا الحال عشته مع أحبابي استذكرت كم نحن مقصرون في اهتمامنا بجغرافيا منطقتنا ذات الجمال الرباني الأخاذ ، تنقصنا المعلومات عن أسماء مناطقنا الأثرية ، قد تكون مواضيع دارسة للباحثين في عالم السياحة و الفنون و الثقافة .
من جماليات خرجتنا تلك السياحة و نحن نسبح في بحر القرآن الكريم ونحن نستظهر حفظنا لعروس الرحمن ،كنا نتأمل جمالها و نحن نمر على نعم الرحمن التي تعطر كامل السورة ، يحصل ذلك و نطوف نجمع الحطب .
من جماليات خرجتنا تلك النفحات الأدبية العفوية لنثرا لأشعار و الفوائد و الحكم زادت الرحلة جمالا و متعة ، أحسسنا أن صادقتنا زادت رسوخا و عمقا ، زادت الصداقة مع عمي محمد هبال ليتحول الشيخ الساكت إلى نهر هدار ، يخرج مخزونه الثري دون عقدة أو حساب لمكنون السنين ، ضف ظرافة عمي صالح و لطاقته و عذوبة نكته ، .وخفة حركة يديه و هو يعد الطعام لأصحابه ، يطعمهم بيديه ، يمازح و يضحك , و اللطيف أن تختم الجولة بدعاء و ابتهال نشكر صاحب النعم المولى عز و جل على فضله و إنعامه ، أن يجازي صاحب المبادرة بالخير العميم له و لأهله و أحبابه و أن يبارك له في رزقه و أهله و ولده .
الأستاذ حشاني زغيدي