الإغتصاب في الحروب

الإغتصاب في الحروب
حسن خالد

 

من المعروف أن جملة من الممارسات و “السلوكيات” خارج إطار “أخلاقيات الحرب” ترافق مجريات الحروب والصراعات عموما متجاوزة قوانينها المرعية!!
لكن في منطقتنا الأمر مختلف في كل شيىء لتداخل عديد الأسباب في صورة صارخة لسياسة الهروب إلى الأمام…
وقد قيل قديما ( في الحب والحرب كل شيئٍ مباح ).
من هذه السلوكيات الممارسة الممنهجة الإعتداء الجنسي “الاغتصاب” في زمن الحروب.
صحيح أن الاغتصاب نشاط رافق ويرافق البشرية عبر تاريخها السحيق لكن ترتفع نسبتها بشكل مرعب في زمن الحروب التي تحدث بين الشعوب والدول .
فما هو الاغتصاب : جاء في موسوعة المصطلحات الإسلامية:
” الاغتصاب: هو أن يأخذ الشخص حق غيره ويستولي عليه قهرا وعدوانا، والاستيلاء يكون بالأخذ، كأن ياخذ مثلا أرضا للغير ويجعلها لنفسه، كما يكون بحبس الشيئ ومنع صاحبه من الانتفاع به، سواء كان هذا الحق مالا متقوما كالنقود أو اختصاصا كوظيفة معينة أو مجلس في طريق عام ولا يكون الاستيلاء غصبا إلا بشرطين :
1 – أن يكون علانية لا سرا
2 – أن يكون على سبيل الظلم والتعدي “
وفي المفهوم الاجتماعي يكون الاغتصاب ” الإعتداء الجنسي” هو: “الإعتداء على جسد الإنسان من قبل الإنسان دون إرادته”.
وترتبط فكرة الإغتصاب عادة في الموروث الاجتماعي بممارسة الجنس مع المرأة خارج طار العلاقة الشرعية عنوة، لكن هناك اغتصاب للرجال من قبل الرجال أيضا في الصراع و الحروب وفي السجون خاصة قصد الإذلال والضغط لنيل إجابات محددة من الخصم أثناء التحقيق في استجوابات الأطراف المعتدية أو المتحاربة!!
فغالبا ما ترتبط فكرة الحرب بفكرة اغتصاب شرف العدو “نساء الخصم” مستغلين ما لهذه الجزئية من علاقة ب “موروث الشرف” والتي تتحول إلى هدف حربي ممنهج في تلك الصراعات يمارسه الجنود إما باوأمر مباشرة وواضحة من قادتهم أو استغلال تغاضيهم عن الضبط لحركة وتعامل الجنود مع الجهات المدنية المحسوبة على الخصم، فتنظيم داعش حديثاً أكثر من مارس هذا السلوك مع ضحاياه خاصة النسوة الايزيديات ممارسة الجنس، البيع، اعتناق الديانة أخرى، إحياء نظام الجواري وغيرها من الممارسات التي كانت تفرض عليهم؟
وفي هذا السياق عرضت العربيةTV في برنامج “مهمة خاصة” بعنوان “ثوار على النساء” ما تقشعر لها الأبدان بهذا الخصوص من جهات محسوبة على “الجيش الوطني الحر” للمعارضة السورية “العلمانية” لكنها بتصرفاتها في جميع مناطق سيطرتها لا تمثل إلا ميليشيات إسلامية منفلتة بلبوس غير داعشي؟!
و يستخدم الاغتصاب الجنسي كوسيلة من وسائل الحرب النفسية عمليا في الصراع مع العدو “الخصم ” من أجل إذلاله وتقويض معنوياته وخلق حالة من الإحباط لديه وجعله فريسة لوصمة العار اللاحقة، و لا يتميز هذا النمط من الاعتداءات الجنسية عن الاغتصابات التي ترتكب بين صفوف الجنود في الخدمة العسكرية و كما يشمل أيضا الوضع الذي تجبر النساء على ممارسة الدعارة، ويعتبر الاغتصاب والاستعباد الجنسي بموجب اتفاقية جنيف حاليا في العرف الدولي، جرائم ضد الإنسانية و جرائم حرب، وأيضا الاغتصاب معترف به الآن بوصفه عنصرا من عناصر “جريمة الإبادة الجماعية” عندما ترتكب بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة مستهدفة.
ومع ذلك، لا يزال الاغتصاب واسع الانتشار في مناطق النزاع ومن شهد الصراع الدموي في كلا من سوريا والعراق سيعرف تلقائيا وبالأدلة الممارسة الممنهجة
لهذه الوسيلة في مناطق سيطرة داعش والجماعات الإسلامية المتطرفة وإن تعددت التسميات وتغيرت العمائم وحُلقت اللحى، ومهما أعلنت الجهات والمنظمات المعنية بتقصي وتتبع هذه الظاهرة تبقى الارقام المسجلة المعلنة غير عاكسة لنسبها على أرض الواقع لامتناع الكثيرات عن الإعلان عن اغتصابهن حتى لا ينبذن من المجتمع وتجنبا لوصمة العار فتغدو الجريمة مزدوجة ويضاف إليها النبذ الاجتماعي؟
وتبدأ المرحلة الأصعب في عملية العلاج لضحايا الإعتداء الجنسي بعد عملية الاغتصاب في الانعكاسات على الصحة النفسية والدمج الاجتماعي من جديد بضرورة تأهيلهن من جديد عبر عيادات وكوادر مهنية، لأن الكثير من الحالات تجد خلاصها في الإقدام على محاولة الانتحار أو تنفيذه؟
ولا يمكن إغفال دور رجال الدين والإعلام والفعاليات الاجتماعية والثقافية في العملية العلاجية كالاندماج والتفاعل مع المجتمع من جديد، باحتضان الضحية وتشجيعها على ممارستها للحياة لأن ما حدث لا دخل لها به إنما هي ضحية وتشجيع الشباب على الزواج من المغتصبة.
وحدد 19حزيران يوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، ترفع فيها المنظمات والجمعيات المعنية المدافعة عن حقوق النساء ومنظمات الأمم المتحدة الصوت عالياً لزيادة الوعي بالحاجة إلى وضع حد للعنف الجنسي في حالات النزاع
ومعالجة آثاره.
وكشف تقرير لمنظمة العفو الدولية إنه “تم استبدال أعمال السلب والنهب التي كانت تميز الحروب والنزاعات في قرون سابقة، بالاعتداء الجنسي واغتصاب النساء والفتيات والبغاء القسري والاتجار بالبشر في الحروب الحديثة”.

الإغتصاب في الحروبحسن خالد
Comments (0)
Add Comment