هؤلاء هم في القلب:اليوم مع الكاتبة الاعلامية الشاعرة والقاصة سليمة مليزي

196

” هؤلاء هم في القلب ”
اليوم مع الكاتبة الاعلامية الشاعرة والقاصة
” سليمة مليزي “
كتب : المهدي ضربان
في أعالي شارع ديدوش مراد …هناك يكتمل الفصل جميلا في بناية شاهقة تحمل أعلاها رمزا شبانيا هو شعار الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ..كنت ضمن طاقم مجلة الوحدة ..أو قل بالأحرى المدرسة الاعلامية التي تخرجت منها جل الاطارات الاعلامية الجزائرية باللغتين معا العربية والفرنسية ..بل كانت بمثابة الخزان الأكاديمي التكويني الذي أسس لمحطات وصحف أخرى زخما جادا من الاضافات…كانت مناسبة أن أعيش منذ سبتمبر 1983 تاريخ دخولي أروقة مجلة الوحدة…حكاية تجمعني بزملاء وزميلات رسموا اضافات ..وكان لهم السبق في ترسيم وعي إعلامي جاد يؤسس للجديد والمتجدد.. ويحاول في نسق كله إحتراف أن يجسد ما كان يتوق اليه القراء والمولعون بهذا المعنى الحالم… نتعطر بلمسته ونعيش حكايته الجميلة…في ذلك الزمن الجميل و ” الوحدوي ” نسبة لمجلة الوحدة… كان لي إن اصادفها واحدة ممن رسمن هذا التميز ..ارتسم في أروقة طوابق مجلة الوحدة ..لم أكن أعرفها عن قرب ..ولا أعرف فصيلتها الانسانية… ولا حتى طبيعة عملها في مجلة الوحدة الى أن جاء يوم ..هكذا جاء يصنع لي توليفة اللقاء ويبعدني عن غموض وعن اللامعرفة التي قد تصيبك وترسم في داخلك إحباطا من كونك تشتغل مع زميل أو زميلة ولا تعرف عنها أي شيء وإن كان المنطق الحضاري يقول أن كل من في البيت هم بالضرورة عائلتك ..وفعلا جاءت الصدفة مواتية كي أعرف عن قرب هذه البنت الجميلة التي كانت تصعد الى الطوابق العليا حتى أنني لم أكن أعرف في بداية الامر أين تشتغل ..لا علينا جاءت الفرصة ..قالت لي ..خويا ..قولي من من فضلك غرمول موجود ..قلت لها .. لحظة ..نشوفو لك ..لم أجده لحظتها ..في الطابق الخامس وهو طابق أركان المجلة الثقافي والرياضي عالم الشباب والمنظمة ..قلت لها ..أختي هو غير موجود ..و إذا أردت .. ترك وصية أو رساله له … فأنا هنا ..قالت لي ..لا لا معليش ..أنا راني. ” مادام غرمول ” …ياااه يا للصدفة الأخوية ..إنها زوجة زميلي غرمول …نعم زوجة غرمول عبد العزيز من أكبر وأشهر الإعلاميين في الجزائر…
جميل هذا.. والأجمل في الحكاية كلها …هو عندما عرفت فيما بعد… إن السيدة سليمة مليزي حرم عبد العزيز غرمول… لم تكن هناك لأمر شخصي عائلي بحت …بل كانت هناك تهندس لما عرفته لاحقا في أنها ستكون السيدة الاولى في الجمهورية الجزائرية التي ستهندس لنا ..مجلة أطفال. متخصصة..من منشورات مجلة الوحدة ..نعم ..سليمة مليزي الاعلامية المميزة سيخلدها التاريخ ..أنها هندست ملحقا تابعا للمجلة الأم.. الوحدة.. هو.. الوحدة الصغير… ليتحول الى مجلة قائمة بذاتها تسمى ” رياض ” الذي أشرفت عليها في سنوات 1984و 1985 …ترافق الطفل الجزائري وترسم له اضافاته ..فكان لكفاح سليمة مليزي أن جسدت ماهية جادة لأدب الطفل ..قالت لي يوما لما كرموها في ولاية البويرة من طرف النادي الأدبي هناك ..قالت لي ..كان هاجسي وانا صغيرة أن إجسد ما جسدته ..مجلة العربي الكويتية… عبر ملحقها الشهير المسمى “العربي الصغير”..وأن يكون لنا في الجزائر هذا المطبوع والدورية التي تشتغل في مسار أدب الطفل.. فوقتها لم تكن مجلة ” مقيدش ” قد تغلغلت في عقول الاطفال الجزائريين بل كانت المجلة الفرنسية ” بيف pif” هي من استولت على عقول اطفالنا من خلال الشريط المرسوم bande dessinée او باختصار BD …حيث لم يسمح هذا الغزو الفرنسي من أن يتشبع الطفل الجزائري بمنشور يتلاءم مع بيئته ومقوماته الحضارية ..لذلك تقول سليمة مليزة كنت أكافح لتجسيد رسالة للطفل الجزائري تكون بمثابة المرجع الأساسي الذي يهتم بأدب الطفل أولا وكذا بأيجاد إعلام متخصص للطفل يرسم أحلامه وعالمه المميز ..ومن ساعدني ولا أنسى فضله علي أبدا ..هو مدير الوحدة سابقا وقتها …السيد محمد صغير قارة ..الذي ساعدني أنا وزوجي عبد العزيز غرمول… لما قدمنا له المشروع… مشروع مجلة للطفل .. الذي قبله على الفور على أن يستشير وقتها الامين العام للمنظمة الاتحاد الوطني للشبيبه الجزائرية السيد نور الدين جلولي ..طبعا جاءت الموافقة سريعه تؤسس لعالم كنت أنشده وكنت أحاول أن يرتسم في ثنايا صفحات مجلة ” رياض. التي كانت وقتها تباع في الجزائر وحتى خارج الجزائر ..تجربة مجلة رياض التي بدأت من عام 1984 الى عام 1988عبر طموح ومعنى يرصد حقيقة أن ينمي إدراك الطفل الجزائري ويربطه بواقعه الأصيل لكن الذي لم يكن في الحسبان أنه تأتي لقطات تفسد عليك عرس الاضافات و كذا هاجس الابتكار الذي يسكن النفوس التواقة للتغيير ولكل ما يهدف للجديد والمتجدد تظهر في الافق عقليات تقوض لك كل روح ابتكار فتوقفت مجلة رياض عن الصدور بمجرد مغادرة المدير العام لمجلة الوحدة السيد محمد صغير قارة البيت الوحدوي وجاءت عقليات عقليات يبدو لا يعجبها التغيير والاضافات حينما جاء فيما بعد السيد علي ذراع مديرا لمجلة الوحدة خلفا للسيد محمد صغير قارة ليتوقف المشروع والى الأبد..
هذا المعنى الجميل رسمته سليمة مليزي في حياتها حينما نتذكر تلك المحطات الخالدة لها في قاعة إبن خلدون ..كانت فارسة التقديم و التنشيط بلا منازع… كانت هي من قدمت الفنان الكبير اللبناني صاحب الاغنية الملتزمة” مارسيل خليفة ” الى الجمهور الغفير مع فرقته الشهيرة والخالدة
” الميادين ” ..كانت المنشطة سليمة مليزي… ترسم حكاياتها الناصعة تساعدها أناقتها ولمستها المعطرة في أن تلازم هذه المحطات الجميلة..يغوص في داخلها هذا الهرمون الذي يزين روحها الجميلة تتعطر بالعطور الباريسية..وتلبس تلك الصرعات الجميلة والإنيقة من لباس الشيك .. كانت تصنع أناقتها من روح تميزها و تسكنها بل تتغلغل فيها هذه التي اشتغلت في الاعلام وفي الادارة وفي التنشيط ..وكانت سفيرة لذاتها الرائعة… تتناسق مع زوجها المعطر أصلا ..عبد العزيز غرمول .. يغرينا بصرعات له في اللباس ..والأناقة..عائلة أنيقة..كما نرى .. تعرف كيف تلبس وكيف تبني الافكار والاضافات ..
وكان للافكار والقصيد…أن يلازم كاتبتنا الموقرة سليمة مليزي التي لم تتوقف الى الان في تغيير اكسسواراتها حسب كل نمط جديد تغوص في لمسته ..هي مع الكتابة والشعر والقصة والقصيدة…. تلون المشهد عبر اصداراتها الكثيرة والمميزة..
أتذكر جيدا هذه السيدة الرائعة سليمة مليزي التي فرحت بي عام 2018 بالبويرة يوم تاريخ تكريمها كانت سعيده لكونها التقت لها اخا من عائلتها… كانت ترسم للناس تراجمها وكانت تحيلني على جديدها بعد انقطاعي لسنوات عن الصحافة ..فهناك عايشت في البويرة جديدها ودرجة محبة الناس لها ..وكان لزاما أن نعايش مجددا محطاتها عبر التواصل والفيسبوك الذي كان وسيلة أخرى للمحبة الاخوية
تحيلني على جديدها ..بل يحيلنا نشاطها الدؤوب على حراك يومي لها …لم تهدأ يوما هذه السيدة التي تعرفها الاذاعات والمحطات التلفزيونية وقصاصات الصحف والكتب وومضات فيسبوكية تلون مشهدها اليومي والحياتي… حكايات جميله وواعدة كما نرى ..هذه التي أراها أختا لي ..كما ترون ..و عبر الدوام… بل باستطاعتك القول…. هي جزء من عائلتي الكبيرة ..بل قل أيضا .. أنها فعلا في القلب..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع