محطة رقم 8 الفرزة الثامنة

135
محطة رقم 8 الفرزة الثامنة
الحاج عطا الحاج يوسف منصور

بقيتُ مُختفيًا في البيت اقضي الليل والنهار في سماع نشرات الاخبار العالمية فاذاعة موسكو تندد وبالكلام فقط بالانقلابيين وتتكلم عن حمّامات الدم وامّا اذاعة البي بي سي البريطانية فكانت تُدلي بعناوين بيوت بعض القيادات الشيوعية وانا بين التي واللتيّا أُقلبُ افكاري بالهرب الى دولة من الدول الجوار واقربها الى ذهني
هي ايران او الاختفاء عند صهري خضر محمد جودة الذي كان عندنا يوم الانقلاب وغادر الى داره في منطقة المشتل ببغداد قبل منع التجوال وفي خضم هذا الحَيصِ بيصٍ طُرِق الباب عصر يوم السبت فقام ابي لفتحها وصعدتُ الى السطح استطلع واذا بشرطيين ومعهما ابن محلتي وجاري الساكن في شارع سكّونه القومي العربي ماجد صالح مهدي الاحمر قد اخفى نفسه في ركن البيت حتى لا يظهر ومعه شرطيان .
طلب الشرطيان احضار نافع وتسليمه لهما ومن حسن الحظ ان والدي كان يحتفظ برسائل نافع عندما يقرأها في جيبه فأخبرهما بأن نافع قد سافر من عدّة اشهر وأخرج لهما رسائله فقرأوها وأيقنوا بصدقيته ثم غادروا وبقيتُ بعدها مختفيًا بالبيت الى يوم 16/ شباط يوم السبت ففاتحتني والدتي بضرورة ان التحق بالداوم المدرسي فدار بيني وبينها نقاش الى ان توصلتُ للسبب وهو خوفها من اجراءات التحري فسألتُها مَنْ أخبرك بهذا فأجابت بأنّ عمي عبود هو الذي أخبرنا بهذا عن طريق والدي حيث كان يتردد على محل عمي نوري .
كعادتي استيقظتُ في صباح يوم الاحد وتناولتُ فطوري ثم توجهتُ الى مدرستي اعدادية الكوت التي كان مديرها الاستاذ صبيح مكي القومي الاتجاه وهم من عوائل مدينة الكوت القُدامى .
وفي درس الرياضيات كان المدرس صبحي من اهل الموصل وهو كريم العين واقفًا الى شباك الصف فسمعتُ صوت باب سيارة يُغلق فالتفتَ وهو يركز نظره عليَّ فتجاهلتُ نظرتَهُ وانتهى الدوام وعُدتُ للبيت في ذلك اليوم بسلام وفي اليوم التالي الاثنين 18 / شباط استيقظتُ وفطرتُ وتوجهتُ الى المدرسة ومَرّتْ الحصة الاولى يسلام ومَرّتْ الحصة الثانية كذلك وفي فرصتها وعند تجوالي بالساحة يأتي ناجي كاظم الخنّاق زميلي الذي احتمى بي أيام المدّ الشيوعي ودافعتُ عنه وعن بعثيين وقوميين آخرين في ذلك الوقت امام مسؤول الطلبة الشيوعي علي ملا عيسى اقول جاءني ناجي وبكل ادب طلب مني ان اذهب معه الى ادارة المدرسة لأني مطلوب من قِبَل المدير ولتطميني قال هي كم سؤال تُجيبُ عليها وترجع .
ذهبتُ معه ووصلنا الى الادارة واذا باثنين بسلاحهما من الحرس القومي واقفان عند الباب فدخلتُ لوحدي فوجدتُ شخصًا عرفتُ اسمه بعد ذلك / حمه سور / وقد غير اسمه الى محمد رسول وهو معلم من اكراد الشمال وبدون مقدمات كلمني المدير واخبرني اني مطلوب للتحقيق وهي خمسة دقائق واطلع .
خرجتُ مع المعلم حمه سور الى الباب الخارجي فوجدتُ اربعة طلاب من الخلية التي كنتُ مسؤولها وهم حسن الدعج وحسن الجصاني وجميل الجصاني وسعود البدراوي وجدتهم راكبين في ظهر السيارة البيكب فصعدتُ معهم وركب الحارسان القوميان مع المعلم حمه سور وانطلقتْ بنا الى مركز شرطة الكوت وقد
استفهمتُ منهم في الطريق عن الموضوع فكان جواب الجميع لا نعلم .
وصلت بنا السيارة الى مركز شرطة الكوت في المدينة ودخلنا المركز ثم دخلنا الحجرة التي على اليمين وهي مكتب ضابط المركز فرأيتُ شخصًا يُصفّف شعره على مراةٍ صغيرةٍ على المنضدة فحَدَستُ كون هذا هو آمر الحرس القومي محمد محجوب السامرائي الذي سمعتُ اسمه في أول يوم لتشكيل الحرس القومي .
قعدنا نحن الخمسة على مصطبة خشبية قديمة وبعد ان فرغ من تصفيف شعره رنّ جرس الهاتف ومما فهمتُ من المحاورة ان المتصل مدير احدى المدارس يطلب منه ارسال افراد من الحرس القومي لوجود بعض المشاكل حاصلة عنده بين الطلاب فكان جوابه ان هذه المشاكل من اختصاص الشرطة .
بعدها التفتَ الينا ليتعرف على اسمائنا فسأل الاول والثاني الى ان جاء دوري وكنتُ الاخير فسألني عن اسمي فذكرتُهُ له فقال لي مستفهمًا أأنت اخو نافع يوسف فأجبتَهُ بنعم وبعد ما انهى استجوابنا قال للشرطي ادخلوهم في التوقيف وصلنا حجرة التوقيف واذا باهنيدس ابو السمك / أراه حارسًا قوميًّا وعلى كتفه بندقية
ويتمرجل بالكلام على الموقوفين من خلال فتحات الباب دخلنا الحجرة وهي تغص بالموقوفين واكثرهم من الواقفين وقد بقينا الى وقت المغرب فجاء احد افراد الحرس القومي ونادى على اسماءٍ كنتُ وسعود البدراوي من ضمنها فخرجنا وركبنا السيارة منطلقةً الى محلة 14 تموز ثم انعطفت الى مركز الخيالة الموجود هناك ونزلنا فأدخلونا الاصطبل فوجدتُ فيه مجموعةً من الموقوفين سأذكرُ أسماءهم لاحقًا .

الدنمارك / كوبنهاجن السبت في 19 / حزيران / 2021

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع