محطة رقم 10 الفرزة السابعة

82
محطة رقم 10 الفرزة السابعة
الحاج عطا الحاج يوسف منصور

 

في فرزتي هذه أتناول الجبهة التي أقامها الغريمان/ البعثيون والشيوعيون/ وما حقق كل طرفٍ منهما لصالحه من مكاسب وفيها اتطرق الى نَشأة الحزبين بما يُفيد القارئ.
فالكل يعلم أن ميشيل عفلق مسيحي سوري أرثوذكسي من عائلة متوسطة الحال تسكن وسط دمشق وقد انسلخت العائلة من العائلة الام وتسمّتْ باسم أحد اجدادها عفلق وكان ميلاده في 1910 ووفاته في حزيران 1989 في مستشفى بباريس ونُقل جثمانه الى العراق ودُفِنَ في بغداد / قرب القصر الجمهوري.
أكمل دراسته الابتدائية في سوريا والجامعية في السوربون بفرنسا انتمى في أول عمل سياسي له الى الحزب الشيوعي السوري ثم خرج منه لاختلاف وجهة نظره معهم.
أسس في عام 1940 حركةً اسماها /الأحياء العربي/ مع صديقه صلاح الدين البيطار ثم تغير اسمها الى/ حركة البعث العربي/ وفي عام 1947 اندمجت حركته مع حركة زكي الارسوزي التي تحمل نفس الاسم والأفكار وفي 7 نيسان 1947 تم انتخابه عميدًا لها.
في عام 1952 اندمج حزبه مع حزب أكرم الحوراني مؤسس الحزب الاشتراكي فأصبح الاسم/ حزب البعث العربي الاشتراكي وأصبح عميده أيضًا وفي عام 1954 تطورت علاقة الحزب بمصر وكانت الوحدة بينهما وبضغوط من الرئيس المصري جمال تم حلّ الحزب دون الرجوع الى أعضاء القيادة التي معه وتم فصله بعد الانقلاب وانفصال سوريا عن مصر عام 1961 ثم أعادوا انتخابه بعد فترة وجيزة أمينًا عامًّا للحزب.
ثم تراجع عدد مؤيديه داخل الحزب بعد انقلاب 8 آذار 1963 فقدّم استقالته في 1965 من الحزب وفي انقلاب عام 1966 خُلِعَ من القيادة بعد انشقاق الحزب فهرب الى لبنان وفي انقلاب 1968 في العراق انتقل اليه وتم انتخابه أمينًا عامًا للحزب في العراق دون أي دور فعلي له في قيادة حزب البعث العراقي.
أمّا عن اسلام ميشيل عفلق فهذا هو المكر بعينه اذا صحّ المنقول عنه فكيف يكون المؤسس والقائد لحزبه الذي تأسس على بُنية مادية وبقي أمينًا عامًّا له الى يوم هلاكه مُسلمًا وأفكاره تتعارض مع الدين.
ولو فرضنا جدلًا إسلامه ففي قول الشاعر حقيقة تُغنينا إذْ يقول:
ما زاد ميشيلُ في الإسلام خردلةً ….. ولا النصارى لها شغلٌ بميشيلِ [أبدلتُ حنون بميشيل في بيت الشعر ] ولمّا كان لكل قيادة حزب هدف وغاية فعفلق وحزبه هما مشروع عمل مخابراتي فرنسي امريكي مشترك له هدف محدّد هو اضعاف جماهيرية الحزب الشيوعي الموالي الى السوفييت مع جمع الأطراف الأخرى تحت شعاره الفضفاض المتجسد في/الوحدة والحرية والاشتراكية/ وهي فكرة ذكية فالذي يحمل اهدافًا قوميةً يجد شعار الوحدة والساعي الى الحرية يجد ما هو يبتغيه وفوق هذين يجد صاحب الميول الاشتراكية ضالّتَه في اشتراكية البعث لذلك نجد ان عبد السلام بعد انقلابه على البعثيين قدّم وأخّر في هذا الشعار فأصبح في زمنه / حرية وحدة اشتراكية / ولو تحرينا عن حقيقة هذا الشعار لم نجد منه حتى المظهر الشكلي للحرية.
أمّا الوحدة فأثبت الواقع أنها عداء وتنافر حتى مع البعث السوري وأمّا الاشتراكية فهي ليست إلّا مصادرة رأس المال الوطني بتأميم البنوك وبعض المصانع للقطاع الخاص وحصر التجارة بيد الدولة وتقنين المواد وتوزيعها عن طريق مؤسسات الدولة الى وكلائها في المحافظات.
وهُمْ في هذا حذووا حذو جمال عبد الناصر الذي خرج باشتراكيته العربية المزعومة التي ارادها نكايةً بالغرب وامريكا حين يئس من اقراض الصندوق الدولي له وذلك بتمويله لبناء السد العالي فكانت مغازلته الى الاتحاد السوفيتي بهذه الاشتراكية التي أنهكت الاقتصاد المصري ووصلت به الى الحضيض وعلى هذا النهج انتهجت الحكومة العارفية في عهد عبد السلام وأسمتها بالاشتراكية الإسلامية.
وعند عودة البعث في انقلاب 17 تموز 1968 وجد طريقه لتطبيق الخطوة الأخرى وهي قتل الطبقة الوسطى بحصر كافة الاعمال التجارية بوزارة التجارة.
وأنّ مؤسس نواة حزب البعث في العراق هو فؤاد الركابي الذي ينتسب لعائلة شيعية تسكن مدينة الناصرية في بداية خمسينات القرن العشرين وقد حصل انشقاق بينه وبين القيادة البعثية التي يرأسها البكر وصدام على أثره سُجن في سجن بعقوبة وقبل انتهاء محكوميته بأيام عام 1971 قامت المخابرات باغتياله على يد سجين يُدعى عبد الرزاق الدليمي حيث طعنه عدة طعنات بحادث مفتعل ومدبر وكان عمره 40 عامًا وبهذا الاغتيال يكون صدام قد ازاح عن طريقه أكبر عقبةً كأداءَ.
وقد يسال سائلٌ ما علاقة قيادة حزب البعث العراقي بالعمالة الى الغرب وامريكا؟؟
الجواب على هذا السؤال من تصريحات علي صالح السعدي بعد انقلاب عبد السلام عليهم في 18 تشرين ثاني عام 1964 حيث صرح القيادي البعثي علي صالح السعدي وقال: دخلنا بقطار انجليزي وخرجنا بقطار امريكي ثم يأتي صدام حسين غزت أمريكا وبريطانيا العراق حيث افتتح خطابه بالقول/لقد غدر الغادرون/وهذه العبارة تحمل في طياتها ما كان يدور بينه وبين وسطاء أمريكا وهم كُثرٌ ان الموضوع ليس أكثر من عرض عضلات كما صرح بذلك مدير مكتب العلاقات العامة لحسني مبارك المدعو أسامه الباز.
وما يدعيه البعثيون من أن قيادة البعث العراقي وطنية فهو محض هراء صادر من جاهل أو مُكابر.
والاعمى مَنْ لا يرى نور الشمس من خلال الغربال.
الدنمارك / كوبنهاجن الجمعة في 9 كانون أول 2022

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.