مؤاساة نازفة

نص سردي

230

مؤاساة نازفة

سكينة خليل الرفوع

 

” المساء باب يفتح للحكايات أن تتدفق من حنايا الزمن ، تتخطى فيه حدود الماضي ، و الحاضر يسابق الوقت ، ويحزم حقائبه فيمضي بخدر الحياء ، دون أن نملك معه رفاهية الشعور بلحظاته ، وفي حسيس الظلام الليل يسدل أنفاسه فيقيم موائد الأرق ، زفرات يائسة ، ينبجس فيها الألم ، ليغرس اسفينه في خاصرة الذاكرة ، الأمل مهيض الجناح ، وقد استشرت نار اليأس في أعجاز غيم خاوية ، في غمرة سكرات الوجع ،
قبيل نضوج الحلم ، يطل طيفك من بعيد ، فتضع الآهات أوزارها ، يزهر الصدى ، وتخضلّ الرؤى ، ويختال الياسمين بعبيره الذي يسري في قصائد خبيئة بالأحلام،
حنانيك أيها القمر اشدد بضوئك عتمة التيه التي تسرق السكينة ، وتختلس الألفة من أروقة الطرقات ، أيها المسكون بالأمل ، هذا الحلم متلفف بدثار اليقين ، أعد للروح بوصلتها ، وللذاكرة رشدها ، فالربيع آت بأسارير الفرح ، أكاد أسمع همسه المشبع بالندى ، وهذا الشغف يهدي سحائبه للغسق ، سأقرأ عليه تعاويذ السلام .
هلوسة مرهقة يغتالها الوجل ، تقص حكاية لوطن يستصرخ القدر
وطني …
أأنت شمعة تائهة تستجدي النور … أم عبرة مسجونة خبأت في جيوب الملح …
وطني كتاب مهمل ترك على رفوف النسيان منذ أن تنكرت له كتب التاريخ ، تنخره أنات النكران ،يتسول العدالة في عيون الخائنين …
وطني صرخة صامتة ، لم يبق له سوى بقايا مؤاساة نازفة أعيتها لجج الانتظار ، وأنهكتها زوابع الغدر .
وطني خبأتك قصة في شرود عبرة ، في روح هائمة على سفوح الرجاء ..
أشواك البغي تجرح ما تبقى لنا من عزيمة ، أنكيدو مات ولم ينهض، كل عام تنتظر حلما في رجفة الوعد لولادة جديدة لآذار في سنين عجاف ، أي واقع يحاصرنا ، والحزن يداهمنا فنغافله بتعزية باهتة ، نترقب معك قطاف الأمنيات ، الأرض تهذي بأحلام مسكونة بالانتظار ، تتمرد ….تتحرر من أغلال الصمت، تنهض من سباتها …
على أهداب الشمس تغفو أغنية للأمل ، فلنصافح معك الغيم ، الفرح توسد مآقي اليقين ….ومنابت النبض تزهر ،
ترى هل كانت هذه حكاية لطيف ، عاد على بساط السندباد محملا بالوهم بوعود شهرزاد ، أم
همهمات متشرذمة تذكّي لظاها المستعرة اختلاجات الروح في مفازات التيه ..
لعله مشهد يمعن في تأملات فوضى ماجنة ، بل هي زلزلة تورايها لعنة تشتكي الضمائر العقيمة للسماء …

 

سكينة خليل الرفوع

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع