الحميرُ والدوابُ: كتاب (مَوسُوعَةُ مَدِينَةِ العَزِيزِيَّةِ)

126
الحميرُ والدوابُ
كتاب
(مَوسُوعَةُ مَدِينَةِ العَزِيزِيَّةِ)
تَأليفُ وإعِدادُ ؛ مَحمُودٍ دَاوودَ برغلٍ

 

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا
حينما كنا اطفالا وبعد ذلك والى عهد قريب كان منظر الدوابّ الداخلة للمدينة مالوفاً جدا .
حيث كان الإنسان في المنطقة يستعين بهذه الحيوانات الأليفة لمساعدته في أنجاز بعض الأعمال .
عشنا طفولة ثرية في حراكها ولهوها البريّ في تلك الازقة والارصفة المعبدة والشوارع المتربة .
كان المشاكسون من الاطفال يمسكون بذيولها لاثارتها حتى تجري بسرعة وكان صاحب الحمار يحذر من الاقتراب منها .
ما ان تدخل المدينة حتى يتم ربطها الى اعمدة الكهرباء أو الأشجار المنتشرة في كل مكان ومنها جذوع النخيل أو اسيجة الحدائق الحديدية أو باي طريقة اخرى ويذهب صاحبها الى ما كان يبتغيه من وجهته الى المدينة.
الحمار صاحب المربط الطويل كان يفعل الافاعيل يلعب ويلهو ويستلقي على الأرض .
كانت الحمير الداخلة الى المدينة اليفة ومسعفة(مروضة) تحمل الأثقال ومالكها على ظهرها وهو يجلس بطرق مختلفه منها التي كانت تثير استغرابنا ونحن أطفال..كيف يجلس الى جانب واحد من ظهر الحمار ورجليه تتدلى قريبا من الارض ووجه الراكب في اتجاه ووجهة الحمار في اتجاه اخر .
كانت الاصوات تتعالى والنهيق اذا ما اجتمعت الحمير أو التقت في قارعة الطريق أو اثناء ربط بعضها بالقرب من بعض على مسافة قريبة .
حمولتها التي مازالت الذاكرة تحتفظ بشريطها هي كيس من الحبوب والمقصد المطحنة أو جليكانات ماء أو نفط أو محاصيل زراعية وغيرها . وكانت بعض الحمير تنوء بالاثقال فقد كانت تحمل كيسين أو ثلاثة أكياس لانعرف ما فيها ، كل كيس الى جانب وفوق الحمار الكيس الثالث يتقدمه صاحبه بخطوة والحمار يقتفي اثره بمنتهى الطاعة.
حينما يحرن الحمار ويتمرد احيانا يجلد بالسوط من قبل صاحبه مطلقا عليه كلمة (كديش) ليعنفه قولا وضربا.
هناك من كان يأتي الى المدينة بشكل يومي ومنهم
( ع ط ج) رحمه الله الذي عرفنا فيما بعد انه والد زميلنا في الدراسة الابتدائية ن . وكان هذا الرجل يشكو من عوق في احدى ساقيه وهو يحمل عصا غليظه يهش بها على الحمار احيانا ويستند عليها في مسيره وهو يترجل في السوق احيانا اخرى.
كما ان هناك عدد محدود من ابناء المدينة من كان يربي حمارا يستخدمه في عمله ذي الصلة وكانت تربط أما امام دورهم ولها معالفها أو في حضيرة اعدوها في منازلهم لهذا الغرض .وكان أكثر من يجنيها مربو الاغنام والابقار والماعز .

الحمار هو قصة صبر وأناة وتحمل لظلم الإنسان والحيوان على حد سواء، فدوره في الحياة لايزيد علي إسعاد جنس البشر في مساعدتهم في أعمالهم ومعاناتهم اليومية في الأماكن الوعرة، أو تحوله إلى طعام شهي لإطعام الحيوانات المفترسة وهذا ما شاهدته في حديقة الزوراء.
الحمار هو الحيوان الذي ركبه الأنبياء والمصلحون والفلاسفة عبر التاريخ , وأحبه الكثيرون منهم واعتبروه جزءا من تاريخ الحضارة , وهو الحيوان المسالم الذي نال ظلما كثيرا من الانسان.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع