أنا لعباس محمود العقاد

233

الإثنين 5 محرم 1442 هـ الموافق لـ 24 أوت 2020 – معمر حبار

شرعت في قراءة الكتاب بتاريخ: الخميس 6 ذو القعدة 1439 هـ الموافق لـ 19
جويلية 2018، وأنهيت قراءته بتاريخ: 19 سبتمبر 2018.

الكتاب هو: “أنا” لعباس محمود العقاد رحمة الله عليه، دار المجدد، سطيف،
الجزائر،2016، من 241 صفحة. واليوم يعود إليه القارئ المتتبّع ليعرضه ويضعه
بين يديك:

1. بعد أن أنهيت إجراء التحاليل الطبية اللّازمة اتّجهت للطبيب المختص الذي
أزوره كلّ 3 أشهر، وفي قاعة الانتظار قرأت 37 صفحة من كتاب “أنا” لعباس محمود
العقاد رحمة الله عليه، دار المجدد، سطيف، الجزائر،2016، من 241 صفحة، فكانت
هذه القراءة:

2. أحبّ العقاد “هند” ثمّ فارقها لخداعها، وخيانتها. وعاش من يومه صدمة
عنيفة. وأحبّ “مي” وفارقته لأنانيتها وكرامتها. بكى للأولى، وأبكى الثانية.

3. أنصح القرّاء بقراءة مقدّمة الكتاب الممتدة عبر صفحات 3-14، بقلم زميله
والمخلص الأمين الوفي الأستاذ الأديب البليغ : طاهر أحمد الطناجي قبل قراءة
الكتاب.

4. حياة العقاد النقية الصافية هي انعكاس لتربية الأب والأم أي انعكاس
لطفولته، ويعترف بذلك ويفتخر.

5. ما أعجبني وشدّني إليه قول العقاد في صفحة 30: “وجملة ما أذكره لذلك الأب
الكريم، أنني مدين له بالكثير، وأنّني لم أرث منه مالا يغنيني… ولكني استفدت
منه ما لا أقدره بمال”.

6. كتبت منذ سنوات: من أراد أن يعرف العالم محمد سعيد رمضان البوطي رحمة
الله عليه، فليقرأ كتابه “هذا والدي” فهو يعبّر بصدق عن الابن العالم الزاهد.
وكتبت – فيما أتذكر- من أراد أن يعرف الأمير عبد القادر رحمة الله عليه،
فليقرأ طفولته فهي تعبّر بصدق عن الأمير. واليوم أقول: من أراد أن يعرف الكاتب
عباس محمود العقاد رحمة الله عليه، عليه بقراءة كتابه “أنا”، فهو يعبّر عن
العقاد الذي يعرّف بنفسه ولا يعرفه النّاس، ويعرفه ربّنا جلّ وعلا.

7. لا يمكن بحال الفصل بين الحياة الشخصية للكاتب وحياته الفكرية، وعلى
المتتبّع أن يربط بينهما بما يعزّز الفكرة، ولا يتدخل في الحياة الشخصية لصاحب
الفكرة.

8. ذكر العقاد في كتابه “أنا” أنّ لقب “العقاد” ناله جدّه ولا علاقة له
بالعقاد الابن ولا علاقة له بالعبارة المذكورة. وأستغلّ الفرصة وأضيف: لقب
“العقاد” لاعلاقة له إذن بما سمعنا عنه في الصغر وما زلنا أنّ أسلوب العقاد
معقّد وكتبه صعبه القراءة !. وهذا من الأخطاء الشنيعة التي انتشرت، وما زالت.
والحقيقة التي يجب أن تقال هي: ممّا وقف عليه القارئ المتتبّع أنّ كتب العقاد
أسهل، وبسيطة.

9. مما حفظته وأنا أقرأ كتاب “أنا” لعباس محمود العقاد رحمة الله عليه: قوله لأن
تقرأ الكتاب 3 مرات، خير لك من أن تقرأ 3 كتب لمرّة واحدة.

10. كلّما أعدت قراءة كتاب كلّما وقفت على الجديد وعلى
نظرة جديدة، وأحيانا يقف القارىء المتتبّع على نظرة مضادة ومختلفة لقراءته
الأولى. وما يجب ذكره في هذا المقام أنّ قراءة الكتب العديدة بالإضافة إلى
الفهم والنقد مطلوب، وحسن. وأضيف الآن: الكتب التي تحتاج أن يقرأها القارئ 3
مرات هي الكتب التي تدخل ضمن تخصّصه ليزيد ثباتا ويقينا، لكن هناك بعض الكتب
تحتاج لأن يقرأها القارىء 3 مرات، فيكفي في هذا المجال أن يعدّد قراءة الكتب
لتكون له زوايا متعدّدة مختلفة تساعده في الفهم، والنقد، وتوفير المعلومة.
خلاصة، أثبتت التجربة أن قراءة الكتاب أكثر من مرّة يزيد في الفهم العميق،
والمريح. وقراءة الكتب العديدة يزيد في وفرة المعلومة، وتعدّد الزوايا واختلاف
وجهات النظر.

11. جاء تحت عنوان: “لماذا هويت القراءة؟”، قول العقاد:
“لست أهوى القراءة لأكتب، إنّما أهوى القراءة لأنّ عندي حياة واحدة في
الدنيا”. والعقاد ذكر سبب ذلك لمن أراد أن يعود إليه، وعليه أقول:

12. اعتبر العقاد أنّه من العيوب أن تقرأ لتكتب، ونحن
نقول: ليس عيبا أن تقرأ لتكتب. والعلوم جميعا تخدم بعضها، وتكمن البراعة في من
يحسن قراءة العلم الذي لا يتقنه لأجل الكتابة عن العلم الذي يتقنه. وكلّ يقرأ
لغاية، والقراءة لأجل الكتابة من الغايات. ولا يحقّ لأحد أن يمنع النّاس من
غايتهم، بل المطلوب منه أن يساهم في دفعهم للغايات الفاعلة.

13. قرأت للعقاد “العبقريات” وهو يدافع بقوّة عن أسيادنا
الصحابة رضوان الله عليهم جميعا. وسبق لي أن انتقدت عباس محمود العقاد وأنا
أقرأ له بعض كتبه.

14. قرأت “العبقريات” وأنا في شبابي. ويكمن منهجه في:
الرجوع إلى تاريخ الشخصية والمرور عبر حياته الحالية حين دخل الإسلام، ثمّ
الرجوع من حين لآخر إلى ماضي الشخصية حين يريد أن يؤكّد أمرا من خلال الجذور
التاريخية، وأنّ سلوكه ليس مرده حاضره فقط. وأعترف أنّ هذا المنهج لم ألحظه في
غيره من كتّاب السير والتراجم، وقد أبدع العقاد في منهجه. وكمثال على ذلك
يقول: لو أنّ سيّدنا عمر بن الخطاب لم يسلم لبقي في أحسن الأحوال شيخ قبيلة،
ولم يسمع به أحد.

15. من الفوائد التي وقف عليها القارئ المتتبّع وهو يقرأ
كتاب “أنا” للعقاد رحمة الله عليه:

16. تتمثّل الطريقة في ذكر محطات مختلفة من حياة الكاتب
دون مراعاة للتسلسل الزمني.

17. تكمن فائدة الطريقة في كون العناصر الخاصة التي ذكرها
الكاتب عن حياته الشخصية لها علاقة بحياته الفكرية، ما يعني أنّ حياة المفكر،
وكتاباته تعود لبعض الجزئيات الخاصّة به، فلا يمكن بحال الفصل بينهما.

18. لا أفرض طريقة بعينها في كتابة المذكرات والأيام، ولا
ألغي طريقة بعينها.

19. وأنا أقرأ “أنا” للعقاد، استحضرت أنّي كتبت عن محطات
خاصّة بحياتي، وهي الآن وبخط اليد في سجل خاص لم تنشر لحدّ الآن، فحمدت الله
على التوافق في كيفية كتابة الأيام، وزادني عزما على مواصلة ما كتبته سنة
1993، وقبل أن أقرأ “أنا” للعقاد.

20. من الملاحظات التي استوقفتني وإلى غاية صفحة 197 من
بين 241 صفحة من قراءتي لكتاب “أنا” لعباس محمود العقاد رحمة الله عليه:

21. يقول العقاد كيف أنّه لا يذكر من أبيه غير أنّه يصلي
الصبح ثمّ يتفرّغ للأذكار إلى غاية طلوع الشمس، ثم يداوم على المحافظة على
الصلوات في أوقاتها طيلة حياته وإلى مماته.

22. أقول: العقاد لم يكن عالم دين، ولا فقيه ولا مفسّر، لكنّه تعلّم من الأب
احترامه الشديد للوقت، فظلّ طيلة حياته يحترم الوقت، ويحترم الذين يحترمون
الوقت، وانعكس ذلك على الانضباط في أفكاره، والصرامة في التحليل. مايعني أنّ
الفضائل تحتاج إلى وقت، وإلى نفس صادقة.

23. ممّا وقف عليه القارئ المتتبّع وهو ينهي قراءة كتاب
“أنا” لعباس محمود العقاد، أنّه ولغاية الفصل الثامن كان الكتاب يعبّر عن حياة
العقاد، لكن لا حظت وأنا أقرأ الفصل التاسع الذي يتحدّث عن مكتبته، وكتبه،
وبيته كان في غاية السّوء ولم يكن له علاقة بحياة الكاتب، ولا يعبّر عن أيامه.

24. يبدو لي – وإلى أن يثبت العكس -، أنّ المكلّف بنشر
الكتاب أقحم الفصل التاسع ما أساء للكتاب، أو أنّ العقاد كتب العناوين في موضع
آخر ولم يكن يرمي إلى إدراجها في الكتاب بهذه الفوضى والضعف، ورحم الله عباس
محمود العقاد.

25. أؤكّد من جديد على ضرورة قراءة، وإعادة قراءة مقدمة
الأديب طاهر الطناجي لكتاب “الأنا” للعقاد، فقد كانت وافية، وشاملة، ومعبّرة
بحقّ عن حياة العقاد. وكان بحقّ أمينا، ووفيا، ومخلصا لزميله الذي قاسمه
الحياة بحلوها، ومرها.

الشلف – الجزائر

معمر حبار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع