مناجاة…
الداودي الخالدي
توقف يا فؤادي فقد اتعبني الركض خلفك ككلب الصياد..رويدك بروحي فقد ادخلتها فيافي موحشة مقفرة الا من الجماجم وعظام الموتى وصراخ القبور..أي ماء عذب زلال ذاك يافؤادي ؟ ذاك سراب يتلألأ امام ناظرتيك الحالمتين فما وراء السراب هاوية تسكنها الشياطين والارواح المطرودة من محبة الله ..عد يا فؤادي ففينوس لم يعد لها وجود ماتت اثناء هجم الغرباء على طروادة مزقوا ثوبها واستباح المتوحشون قداسة هيكلها المبخر بزفير العشاق واهات المعذبين في الارض..توقف يا قلب فمن لم يشرب من بئر الاحزان مات ظمآنا ومن لم يغتسل بالذموع عاش دنس الروح قدر النفس ..عد حيث اشجار الزيزفون تعانق زهر النعمان بكل محبة وحيث الريح تحكي للعصافير قصة كيبوبيد الشقي المطرود الى الاحراش والسهوب..اصمت يا قلبي ولا تنظر تحت قدميك كيلا ترى عظام الابرياء وجماجم الضعاف الذين سحقتهم الشرائع البشرية والنواميس المزورة ..انظر حواليك ترى القوي يسحق بحوافر جياده اكف الضعفاء ..والجهل ناصحا والفاسق واعظا واللص امينا..انظر اليهم يخطبون عن الفضيلة نهارا ويتسللون الى دور الرذيلة ليلا.. انظرهم يسرقون ارغفة اليتامى باسم الرب ويرجمون الابرياء باسم العدالة ..التفت يمينك فتلك المومس شريفة الروح لكن دنستها ايدي من تمد قطعة خبز مقابل لذة عابرة في غلسة الظلمات ..
التفت شمالك فذاك الصبي ليس لقيطا بل ثمرة ذئب متوحش وسارق جبان لامرأة ضعيفة صدقت صناع التعاسة فانقادت مكرهة الى غابة الضياع والفقدان ..لان نواميس البشر تحاكم المرأة بالساقطة ولا تحاكم الرجل بالساقط..عد يا قلبي فالنفوس الكبيرة لا يسعها هذا الكون الضيق والارواح الطاهرة اجنحتها اوسع من هذا الفضاء الشاسع..تعالى يا فؤادي لنعد بادراجنا من وسط هذه المشاهد التي لن تراها اعين علاها الرمد ولن تحسها ارواح دنستها الخطيئة ..تعالى لنرحل من هنا فقد ازكمت انوفنا نثانة هذه الجثث التي تمشي على قدمين ولم تجد من يلحدها..تعالى فضجيجهم ملأ الفضاء وغطيطهم غطى الافاق…تعالى ودعهم يتصارعون وسط الغاب من اجل عظمة يابسة ولحمة عفنة ..ما ابخس نفوسهم .. وما أحقر مطامعهم وما اذل ارواحهم..تعالى فانت ابن الشمس التي اشرقت بين اظلع فينوس ..تعالى لنصعد قمة االجبل ونرتل وصيتها في خشوع ونقبل تويجات زهرات الاقحوان ونغسل ارواحنا بقطرات الندى ثم نتوضأ بذموعنا ونقف في قدس اقداس الملكوت جنب الملائكة ..ونسجد الى الابد…
الداودي الخالدي _المغرب
خالص تحياتي ووافر شكري وتقديري لشخصكم الكريم