كعكة اليمن السعيد
محمد الدباسي
منذ الصغر تعود الأطفال و طلاب المدارس على جلب كعكة آخر العام إلى داخل الفصل مع زملاءهم عند انتهاء العام الدراسي و بقدر عدم مبالاتهم ظاهرياً بتلك الكعكة إلا أن شجارهم فيما بينهم حال تقطيعها من أجل الحصول على حبة الكرز و النصيب الأكبر يفضح تلك النظرات التي كانوا يسترقوها بالنظر إلى الكعكة أثناء فقرات الحفل .
كان الكل يضحك على هذا المشهد حتى المدرسين كانوا يضحكون على هؤلاء الطلاب و الأطفال الذين كانوا يُظهرون عدم مبالاتهم بالكعكة و هم في الحقيقة ينتظرون نهاية الحفل من أجل الظفر بأكبر قدر منها .
هذا بالضبط ما يحدث في اليمن فكل الأطراف تريد نصيبها منه و إن تظاهرت بحرصها على سلامته فاليمن بالنسبة لهم غنيمة لا يستحقها أبناءها و لا ينبغي لهم أصلاً أن ينعموا بها فهي لهم مستودع خيرات لا يوجد له مثيل و لن تكون لتلك الدول قائمة إلا بالسيطرة على اليمن فنجاحها مرهون بهوان اليمن بحسب فكرهم الضيق و البغيض و أبناء اليمن ما هم إلا عمال في ذلك المستودع ليس لهم إلا خدمتهم و الاستجابة لأطماعهم .
ثورة التغيير و التي كان هدفها استعادة الحرية و أملاً لليمنيين و بغض النظر عن بعض سلبياتها كانت خطراً حقيقياً بالنسبة للكثيرين ممن ينظرون إلى اليمن على أنها كعكة لا بد من الظفر بها فكان لا بد من وأدها و ليس كذلك فقط بل و قطع كل الطرق التي قد تؤدي لذلك مرة أخرى فكان الحوثي و ما تبعه من أحداث خطوات لا بد منها لزعزعة اليمن و إدخاله في دوامة من عدم الاستقرار حتى ييأس أبنائها و يفكروا فقط بالبقاء على قيد حياة ..
إنها لعبة كبيرة جداً لاستنزاف اليمن يقود ذلك دول لا دولة و بأدوات أوجدتها في المشهد فكان ما كان و للتغطية على كل ذلك يقولون : و ماذا نريد من اليمن ؟
و للإجابة على هذا التساؤل .. اسألوا الماضي أولاً لتعرفوا التاريخ و حقيقة اللعبة .
اسألوا مضيق باب المندب و خيرات الجوف و حضرموت و ميناء عدن و الحديدة و ثروات المكلا البحرية .
اسألوا موقع سقطرى الاستخباراتي و الجميل ..
اسألوا سواحل تهامة و مرتفعات تعز و جبال إب .
اسألوا مزارع البن و الفاكهة و تراث سد مأرب و صنعاء القديمة .
اسألوا مناخها و تضاريسها و حدودها .
اسألوا طاقاتها من شبابها و فتياتها .. اسألوهم جميعاً لتعرفوا ماذا يريدون من اليمن ؟
محمد الدباسي
مؤلف و كاتب صحفي
عضو مجلس أمناء جائزة الاتحاد العربي للثقافة
maldubasi@gmail.com