تدريس حكايات الف ليلة وليلة باللغة الفرنسية

تدريس حكايات الف ليلة وليلة باللغة الفرنسية
م.م. فكتوريا مناتي محمود

كثيرا ما يعتمد كتاب الغرب على التراث اليوناني القديم في اختيار عقدة قصصية ، أو شخصية اسطورية لها طاقة رمزية تستجلي مصير الانسان عامة في تجربة الانسان الخاصة ، مؤكدة على استمرارية الاسطورة في التاريخ ، ولكن “ الف ليلة وليلة  “ قد شغلت اهتمام الادباء الغربيين ليس فقط من خلال عقدتها أو شخوصها ، حیث صارت رمزا للاهتداء للحقيقة بالقلب والعاطفة، ولیس بالعقل والتفكیر، ورمزا للوصول إلى المعرفة بالإلهام فهي تمثل لدى الأوروبیین الهروب من الواقع المؤلم إلى عالم سحري فیه طرق النجاة من الواقع المریر محتذین  بشهرزاد التي جعلت من ذكائها وسیلة  للتخلص من الموت،  وان جاء ذلك عبر شخصية قصصية .

وغدت ترجمة غالان للقصص جزءًا من الأدب العالمي، وأمدّت ليالي الأدباء بعالمٍ وافر من الشخصيات والحوادث واستعانوا بها في كتابة قصص الأطفال لما تحمله من أدب سهل یتسم بالبساطة، والسذاجة، والمتعة، و الفائدة  فظهرت قصة “علاء الدین والمصباح السحري” وقصة “على بابا وأربعون لص” وقصة “السندباد البحري”.
ككل الروائع العالمية التي تشغل اهتمام الكبار والصغار ، شق كتاب الف ليلة وليلة طريقه إلى أدب الأطفال . حيث قام جول فرن  ـ الكاتب الفرنسي  ـ بتحويل “  قصة الف ليلة وليلة  “ إلى قصة  للاحداث والرحلات،  التي تتسم بعنصري المغامرة والتشویق. حيث نشرت قصته في عام  1873  ، وتحت عنوان “حول العالم في ثمانين يوماً “. مستلهماً قصته من  السندباد الذي يعتبر احد المستكشفين اﻟذي أﻀﺎف ﻤن ﺨﻼل رﺤﻼﺘﻪ اﺴﺘﮐﺸﺎﻓﺎت ﮐﺜﻴرة وﻤﻬﻤﺔ ﻓـﻲ ﻤﺠـﺎل اﻟﺒﺤر واﻟﺠﻐراﻓﻴﺔ واﻟﻨﺒﺎت واﻟﺤﻴوان ، ﻓﻬو زﻴﺎدة ﻋﻟﯽ ﮐوﻨﻪ ﺘﺎﺠراﹰ وﺒﺤﺎراﹰ ﻫو ﻤﮐﺘﺸف ﺒﺎرع.  اما الكاتب فقد اعتمد في كتابة قصصه على الخيال ، كما اعترف لاحقا- إلى حصر اسفاره بالخيال ومن ثم تدوينها على الورق.

ومن ضمن أدب الأطفال قام ميشيل تورنييه بكتابة روايته الأولى “جمعة أو ضفاف المحيط الهادي”  في عام 1967 . الحائزة على جائزة الأكاديمية الفرنسية.  يبتكر فيها أساطير جذابة ذات خلفية فلسفية وأخلاقية يدعي أنها للمراهقين والاطفال، ملوحًا بمغازيها للراشدين، مستوحية عقدتها واحداثها من قصة روبنسون كروزر، فلقد وجد فيها معلمًا في البناء السردي ومبدعًا في جمعه للأساطير والخيال. على هذا الدرب بدأ يستقي منها إلهامه ويستعير الشخصيات ليعيد بناءها من وجهة نظره التحليلية الفلسفية والأنثروپولوجية في أسلوب الحكواتي الذي يستميل إليه الصغار لعلَّه يكسب الكبار.

ونعتقد ان سانت اكزوبيري استلهم بالرحلة الثانية  في قصة الافعى التي تلتهم الفيل من روايته ” الامير الصغير” ( 1943) من قصص الف ليلة وليلة  حيث استعار التشخيص الأسطوري للحيوانات من قصص السندباد البحري التي وظفها بحكاية التاجر الذي كان  النسر سببا في نجاته من وادي الأفاعي حيث كان التجار یقومون بذبح شاة و یرمونها في وادي الأفاعي المليء بحجر الألماس ثم تأتي النسور حتى تلتقط تلك الذبیحة فتمسك السندباد بإحدى الذبائح التي أخذها النسر فكان ذلك .

وبخبرتنا البسيطة من الدراسة والتدريس لمادة طرائق تدريس اللغة الفرنسية، نقترح استخدام الهدف الاجتماعي اللغوي في تدريس اللغة  مع امثال هذه النصوص الادبية للمراحل الاولى في القسم وبلغة فرنسية مبسطة والتركيز باستخدام الصور او الرموز التي تمثل الشخصيات المذكورة اعلاه. نأخذ مثلا في رواية الامير الصغير لاكزوبري  بان نحاول تقريب قصة امير البحار السندباد البحري لما لهم مشترك في المغامرة بين التراث الشرقي قديما  مع الامير الصغير الفرنسي   او كأن تكون شخصية المسافر لحول العالم في اربعين يوما لجول فيرن  لكي نستثمر  تفاعل الطالب  في  درس التعبير الشفوي  من خلال بلورة افكاره وصقل مخيلته، بالمزج بين الحداثة والتراث.

 و على هذا الاساس نقوم بتشجيع الطالب باعطائه واجبات اسبوعية باوصاف او رموز لحكايات فرنسية  تقوم على اكتشاف صور من تراثه او حكايات اخرى من غير الف ليلة وليلة كأن تكون حي ابن يقظان او كليلة ودمنة  ولما لها من اثر واضح بشكل كبير على الادب الفرنسي عند لافونتين وحكاياته على لسان الحيوانات .

 

تدريس حكايات الف ليلة وليلة باللغة الفرنسيةم.م. فكتوريا مناتي محمود
Comments (0)
Add Comment