بـــــلاد إِسْمُها كندى ومطر وثلوج

بـــــلاد إِسْمُها كندى ومطر وثلوج
سعد جاسم

من أَينَ لكِ
بكلِّ هذا البياض ؟
سماؤكِ بيضاءْ
حقولكِ بيضاءْ
تلالُكِ بيضاءْ
وطيورُكِ وأَشجارُكِ
وزهورُكِ وفراشاتُكِ
بيضاءٌ …بيضاءٌ… بيضاءْ
وقلبُكِ الشاسعُ أبيضٌ أَيضاً ؛

ولكنَّكِ وبرغمِ كلِّ هذا البياض
فانَّ بعضَ الحمقى والقتلة والظلاميين
يأكلونَ ويشربونَ من طيّباتك وينابيعكِ
ولكنَّهم دائماً يشتمونَكِ
ويسمّونَكِ :
أرضَ البحيراتِ
والغاباتِ والخنازيرِ
والسناجبِ والثعالب
والعواصفِ والـثلوجِ الوحشية
*
يالبياضكِ الغامضِ
الفاتنِ الخفيِّ المستحيلْ
يابلادَ النساء
والسلام والبهاء
والحُبِّ الجميلْ
الذي تغمرينَ بهِ
ناسَكِ القادمينَ
}وطنٍ365من {
وشُبْهِ وطنٍ
ومنفىً قاسٍ
وبلدٍ مُسْتَعار
*
ولأَنكِ أُمٌّ رؤومٌ
وقلبٌ كونيٌّ ناصعٌ
يستوطنُ أَرضَ اللهِ الوحيدة
فإنكِ دائماً تقولينَ لكلِّ واحدٍ
من أَبنائكِ الأصليينَ والغرباء
واللاجئينَ والنازحينَ والقادمين
من كلِّ البلدانِ المنكوبةِ والمحروقةِ
والمجروحةِ والمذبوحة
بنيرانِ الحروب والمجاعاتِ والاوبئة
تقولين لهُ حانيةً … راضيةً … باكيةً:
انا أُمُّك الحنونْ
فـ كنْ
كندى ومطرٍ وينابيعَ وعيونْ
أَقولُ لكَ ثانيةً وعاشرةً : كُنْ
إِيّاكَ ياصاحبي وخلّي وحبيبي
إِياكَ ياعاشقي وواحدي ووحيدي
إِياكَ أَنْ تَنْحني أَو تَنْثني
وإِياكَ أَنْ تنكسرْ
وإِياكَ أَنْ تَنْدحرْ
فيلفّك النسيانُ والظلامُ
والموتُ والغبارُ والرغامُ
فتنطفي أَنتَ الى الأَبدْ
وتَذويانِ أَنتَ والبلادُ
وأَعني شعلةَ الروحْ
وأَسألُ شَمْعَةً البوحْ :
هَلْ آنَ أَوانُ الخرابْ ؟
وهلْ حانَ زمانُ الغيابْ ؟
وهَلْ هذهِ الاوبئة ؟
وهَلْ هذهِ العواصفْ ؟
وهَلْ نكوصُ العواطفْ ؟
هيَ دلائلٌ
وإِشاراتٌ
وعلاماتْ
بأَن القيامةُ
لا… قُلْ بأَنَّ القياماتْ
بلا شَكَّ قائمةْ وقادمةٌ
ونحنُ قَدْ نموت
ونحنُ قَدْ نَفْنى
وقَدْ يَفْنى الوجود
وتَفْنى الخليقةُ كُلُّها
ولَرُبَّما سوفَ تَفنى
كلُّ هذهِ الكائناتْ
وكُلُّ ينابيعِ الطبيعةِ
وكلَّ المقاديرِ والتصاويرِ
والقواريرِ والدنانيرِ
وكلُّ أَساطيرِ الموتِ
والحُبِّ والخلودِ والحياةْ

——————————
2020-10-8

بـــــلاد إِسْمُها كندى ومطر وثلوجسعد جاسم
Comments (0)
Add Comment