القوة في الكلمة

القوة في الكلمة
أ.م.د. سهام صائب خضير
جامعة بغداد / كلية اللغات

 

قد يستهن المرء بقوة الكلمة لكنها تحمل من المعاني ما يغير الحاضر ، و يحدد المستقبل فمنها : تتغير القناعات ، وتتولد الرغبات . لذلك كانت الكلمة أول ما تعلمناه من خالقنا حين قال عز وجل : ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنت صادقين ) ، فجعلت تلك الكلمات قدم السبق لنا على غيرنا من المخلوقات التي جهلت بأذن ربنا ما تعلمناه ، فمهدت الكلمة طريقاً للمعرفة و التحاور فحينما عاتب الخالق عز وجل أبونا آدم عاتبه بكلمات فأشار إلى ذلك في القرآن الكريم : ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ) ، فاستطاعت الكلمات أن تخرجنا من حيز الصمت وتجعلنا لكياننا معنى فهي أداة للتحاور والتفاهم ، فلها مفعول السحر في تغيير السلوك الشخصي والعام ؛ لذلك وجب جعلها شرعة للطريق السليم فنبتعد عن الكلمات الجارحة ، و السلبية ، والعدائية ، و الخارجة عن حدود الذوق العام ، والابتعاد عن النقد السلبي الذي يحطم الآمال و يهدد الهمم فتلك الكلمات لا تخرج إلا عن شخص مريض لا يقدر قيمة الكلمة و قوتها في التفكير.
فمهما كانت صعوبة الظروف وجب أن نكون مناراً يضيء العتمة في الكلمة ، ويمكن استشعار أهميتها حينما ذكرها نبينا الكريم (صل الله عليه وسلم وعلى آله الطبيبن ) في حديثه الشريف : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان) ، فالكلمة ليست أصواتاً نطلقها بل هي وسيلة للتغيير والتعبير ، فدرس النقاد الأسلوب وقوة الكلمة وترابطها مع بعضها بعضاً فاستعمل الكاتب الفرنسي جورج لويس في خطابه بالأكاديمية الفرنسية 1753 عبارة (الأسلوب هو الرجل) أي أن الكلمة في السياق لها دلالات تؤدي دوراً بارزاً و تؤثر في حياتنا وبمن يسمعها ، فوجب عدم الاستهانة بالكلمة واستعمالها و تناقلها قبل التفكير بتأثيرها علينا وعلى غيرنا .

أ.م.د. سهام صائب خضيرالقوة في الكلمة
Comments (0)
Add Comment