الرغيف اليتيم … الفينيق حسين صقور

الرغيف اليتيمالفينيق حسين صقور

 

سؤال يحاصرني بمئات الإشارات من التعجب
كيف نستقبل رمضان والشهور العجاف في هذا الزمان؟!!!!!
أهي غرابة السؤال القاهر ؟
أم هي حيرة الجواب الحاضر ؟
أليست عيون الأطفال الجائعة ودموع الثكالى جواباً ؟
أليست خيام المهجرين على أرصفة الحنين جواباً ؟
أليست كراسي المقعدين جواباً ؟ أليست البيوت الخاوية جواباً ؟
أليس القلق الذي يتخبط في ضباب الانتظار جواباً ؟
أليست الآمال المعلّقة على حبال الوعود الكاذبة جواباً ؟
أليست سياط لوائح الأسعار المشهورة في المحلات وعلى عربات الخضار والفواكه جواباً ؟
أليس الرغيف اليتيم جواباً ؟
أخوتي في الانسانية
عمّن تريدونني أن أتحدث ؟
أنا لا أستطيع أن أتحدث عن أولئك الذين ادّخروا ما يكفيهم لألف أزمة
ولا عن أولئك الذين تاجروا بالدماء
لا أستطيع أن أتحدث عن موائدهم العامرة والفاخرة في مطاعم وملاهٍ تستقبلهم
شهراً للسحور والإفطار على صوت القارئ الشيخ .. وشهوراً على رقصات العاهرات
أنا لا أستطيع أن أتحدث عن غرائزهم النهمة للجديد
سيدتي
أنا لا أستطيع أن أعلّمك كيف تعدّين طبق إفطارٍ لهذا اليوم … أنا لا أمتلك الوقاحة الكافية لهذا
أتريدونني أن أفعل كما (طبق اليوم ) الذي يقدّم عبر التلفاز في البرامج الرمضانية إذاً ………
أحضري الورقة والقلم لتسجلي المقادير
اجمعي الكثير من الحطب على مدى أيام فالكهرباء صارت ضوءا يزورنا فقط في الأحلام
سخّني الفرن إلى الدرجة 2000 ليرة
قطّعي عشرة آلاف ليرة على شكل مكعبات 3 سم
تبّلي ما قطعته مع 1500 ليرة و أضيفي عليها ملعقتين من 500 ليرة ثم اقليها جيداً ب…
حمّري القطع جيداً ووزّعيها في صحنٍ ثم افرمي خمسمئة ليرة ورشّيها فوقها
املئي طنجرة أخرى بالماء ، إن لم يستجب الصنبور فلا بأس هي مشاكل صحية طفيفة أو فاتورة لم تدفع بعد ، يمكنك شراء زجاجتين بثلاثة آلاف ليرة ولكن كوني حريصة فهما لا تكفيان
للغسل والطبخ في آن
سيدتي
ألا هل لإعلامنا أن يبتكر طبقاً لا يحتاج إلى شحمٍ ولحم !!!
ألا هل له أن يبتكر طبقاً لا يحتاج إلى سمنٍ وزيت !!!
ألا هل له أن يبتكر طبقاً لا يحتاج إلى حبوبٍ وخضار !!!
سيدتي
هل تملكين وصفةً لطعام الفقراء ؟
هل لك أن تصنعي طبقاً من هواء ؟
إلى من سألت
شكراً لسؤالك الذي وضعني في قفص الاتهام
ما الذي قدمه قلمي لأولئك المهجرين ؟
ما الذي قدّمه لحرّاس الحدود ، لشهداء الوطن و للمقعدين ؟
أتراني لم أكن أريد قلما يشرب مداداً من دمائهم ؟
أتراني لم أكن أريد كلماتٍ تتراقص جنوناً فوق أشلائهم ؟
أتراني كنت أترفع عن شهرة تنهش من أجسادهم ؟
لست طبلاً لأزفّ الأخبار ، وليست مهمتي أن أكشف ما يخبئه النهار
إن ليالي الوجع والحرمان والأحزان أغنى ،
وإن لم أخض بها معهم ستبقى كلماتي بلا معنى
ورغم ذلك يا سيدتي فعلت كما أردتِ
سألت ذاك السؤال الساذج لأحدهم وأرجو أني أحسنت الاختيار
كيف هو استعدادك لاستقبال شهر رمضان يا عم ؟ … فكان الجواب :
لنا عشر سنين صائمين وليس من العسير أن نصوم شهراً آخر أو سنة أخرى
ثم …. ثم استغفر ربه كثيراً ، فرغم تكالب الأحزان لازالت النفوس أبيةً
ولا زالت الصدور عامرةً بالأيمان
سيدتي
من أين أبدأ وكيف أبدأ علّها ذاكرتي تسعفني …..

يتبع

 

الرغيف اليتيم ... الفينيق حسين صقورالفينيق حسين صقورسؤال يحاصرني بمئات الإشارات من التعجب
Comments (0)
Add Comment