اختتمت، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر “العرب والهند: تحولات العلاقة مع قوة ناشئة ومستقبلها“، والذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة.
وركزت جلسات اليوم الثاني من المؤتمر على البحث في طبيعة العلاقات العربية– الهندية وتحولاتها، بعد جملة التغييرات التي شملت محددات السياسة الخارجية الهندية تجاه قضايا المنطقة العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، إضافة إلى معالجة السياقات الإستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والجيوبوليتيكية للعلاقات بين الطرفين، في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي.
قراءة في العلاقات العربية– الهندية
وناقشت الجلسة الأولى من أعمال اليوم الثاني للمؤتمر، والتي ترأسها ماجد الأنصاري، قضايا حيوية في العلاقات العربية– الهندية؛ إذ سلط الباحثون في دراساتهم الضوء على التغيرات في سياسة الهند الخارجية تجاه الوطن العربي وقضاياه.
وفي هذا الصدد، أشار الباحث دبييش أناند في دراسته إلى أن التحول في نهج الهند فيما يتعلّق بغرب آسيا، من النهج المناهض للاستعمار وعدم الانحياز، والرغبة في إنشاء دولة قومية تنعم بالسيادة، ليتّسم لاحقًا، كما وصفه، بتفكير ما بعد الاستعمار، الذي يقتصر فيه التركيز على خدمة مصالح قوة صاعدة، قد انعكس على موقف الهند من القضيّة الفلسطينية والعلاقة بإسرائيل.
وعلى مستوى موازٍ، ركز الباحث أيمن يوسف، في بحثه المشترك مع الباحث محمود الفطافطة، على موقع فلسطين وإسرائيل في السياسة الخارجية الهندية، والتي تتمحور بدورها حول نقطة التوازن تجاه فلسطين وقضيتها العادلة من جهة، وشراكتها الاستراتيجية والاقتصادية والثقافية مع إسرائيل في سياق التحولات الجذرية والبنيوية في السياسة الخارجية الهندية من جهة أخرى.
كما قام الباحثان برصد المؤشرات المهمة التي طرأت على السياسة الخارجية الهندية في العقدين الماضيين، لا سيما بعد إقامة الهند علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل في عام 1992.
ورصد الباحث عُمير أنس تحولات سياسة الهند الخارجية تجاه منطقة غرب آسيا، إذ رأى أن ثلاثة تحديات تواجه السياسة الخارجية للهند في غرب آسيا، هي السعي لتحقيق التوازن بين المملكة العربية السعودية وإيران من جهة، وإسرائيل وفلسطين من جهة أخرى، ودور القوى الدولية في المنطقة ونشوء التنافسات بين دول غرب آسيا لفرض نفوذها، لا سيما إثر الثورات العربية في عام 2011، إذ عبّرت المنطقة عن رغبتها في أن تؤدي الهند دورًا أكبر في الحفاظ على السلام وتثبيت الاستقرار فيها، غير أن الخيارات الإستراتيجية للهند التي تسعى للاضطلاع بدور جديد في المنطقة، تبدو محدودة؛ إذ إنها لا تحتاج إلى تعاون ثنائي مع المنطقة فحسب، بل تتطلّب من الهند أيضًا تسويغ علاقات التنافس العديدة التي تقيمها على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
مستقبل العلاقات العربية– الهندية
ومثّل مستقبل العلاقات العربية– الهندية في مجال الطاقة والأمن الغذائي والتكنولوجيا الرقمية والتنمية البشرية، قضية رئيسة للبحث ضمن أجندة الجلسة الثانية التي ترأسها عادل الزاغة؛ فقد ناقش الباحث محمد أزهر الأسس المختلفة التي قامت عليها العلاقات العربية– الهندية وازدهرت من خلالها.
وبحث في مستقبل الجوانب الأخرى في العلاقات العربية– الهندية غير المتعلقة بالطاقة، وأكد ضرورة أن يركز الطرفان على الثروة الزراعية والحيوانية، بما فيها الزراعة العضوية والكيميائية وصناعة الملابس والقطن، وإنتاج السيراميك وصناعة السيارات والمواصلات؛ ولا سيما أن هذه القطاعات تعتبر الأعلى استهلاكًا في الهند.
بينما انتقل الباحث ناصر التميمي في بحثه إلى دراسة أسباب تنامي استهلاك الطاقة في الهند وتأثيرها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ما يستدعي نسج علاقات إستراتيجية مع القوى الصاعدة في آسيا عمومًا، والهند على وجه الخصوص، ولا سيما أن الخليج يحظى بالحصة الأبرز من بين أكبر مصدّري النفط والغاز الطبيعي المسال إلى العالم.