إلى أين ؟

إلى أين ؟
سناء الجديدي

 

إن تراجع المستوى الثقافي للمواطن العربي يجعلنا أمام تساؤلات ملحة، ما سبب هذا التصحر الثقافي؟ وكيف بلغنا هذه المرحلة من الفقر الثقافي؟ وكيف يمكننا تدارك هذا الوضع؟
عند العودة إلى الخلف نجد أننا كنا ضمن المراتب الأولى من حيث الانتاج الادبي والموسيقي والمسرحي فقد كان المثقف العربي في فترة ما يحمل على عاتقه مهمة طرح قضايا مجتمعه وآلامه وآماله ويسعى للتقدم به بمختلف الطرق التي يمكن أن تبلغ رسالته وبشتى المجالات.
اليوم وفي زمن التصحر الثقافي نجد النخب المثقفة منشغلة بقضايا أخرى لا يمكن أن تغير شيئاً في واقعهم، فنجد المنابر الإعلامية لا تستضيف إلا التفه الذين لا يحملون أي قضية بل غايتهم تمييع المجتمعات ونشر كل أنواع الرذيلة والمواطن ينخرط في هذه اللعبة عن وعي وعن غير وعي.
في مجتمعنا الحديث لم نعد نميز بين الثقافة والترفيه فنجد الراقصة تقدم نفسها على أنها مثقفة وتحمل رسالة نبيلة في حين أننا نهمل الكاتب والأديب ولا نتذكره إلا بعد أن توافيه المنية فلم يعد للكتاب أي قيمة بعد أن كان أطفالنا ينشؤون على قراءة القصص والكتب الفكرية التي تفتح أذهانهم على حضارات أخرى وتجارب إنسانية مختلفة فتؤثر وتتأثر أما اليوم فصغارنا يحفظون أسماء الفنانين ويجهلون أسماء الأدباء والمفكرين وتعلو أصواتهم وهم يرددون كلمات أغنياتهم أحياناً دون فهم معانيها ولا يعرفون بيتاً واحداً من الشعر أو سطراً من سطور أي كتاب كما أنهم يمضون كامل أوقاتهم أمام الأجهزة الحديثة من هواتف وحواسيب ويستغلونها في ما لا ينفعهم حتى وصل بهم الأمر إلى درجة الإدمان خاصةً على الألعاب و مواقع التواصل الاجتماعي، إن هذه الأجهزة تمثل سلاحاً ذو حدين تنفع الحريص على طلب العلم و الثقافة و تضر بمن لا يحسن استغلالها خاصة أن فيها ما يروج لكل أشكال التفاهة، فهل يمكن أن نرجع سبب ابتعاد الناس عن الكتاب وارتياد المسرح لهذه الأجهزة التي أخذت كل وقت الإنسان طفلاً كان أم شاباً ؟

سناء الجديدي
مؤلفة و كاتبة صحفية تونسية

إلى أين ؟سناء الجديدي
Comments (0)
Add Comment