كنت أبحث في عالم اليوتيوب وأسراره واكتشفت قوة التأثير لأصحاب القنوات الذين
لهم متابعون بالملايين و أغلبهم شباب لم يكملوا دراساتهم أو ربات بيوت خاصة
قنوات الطبخ ، بعضها عدد متابعيها تجاوز المليار ونصف ،و أنا أبحث في هذا
العالم قادني البحث إلى قنوات بعض المثقفين من الدكاترة والباحثين فوجدت عدد
متابعيهم لا يتجاوز العشرة والعشرين وتساءلت في نفسي لم يبقى هذا المثقف خارج
لعبة التأثير وصناعة الرأي ؟هل بضاعته كاسدة لا تلق من يروج لها أم نه لا يملك
مهارات وتقنيات هذا العالم؟ ،فكما نعلم أن النجاح والتأثير ليس بكثرة
المعلومات بل بتعلم المهارات ،فهؤلاء الشباب الذين لا يملكون الشهادات لكنهم
تعلموا مهارات إنشاء قنوات على اليوتيوب و فن التصوير والإضاءة و كسب
المشاركين لأن من قوانين اليوتيوب الجديدة لا تفعل قناتك و تشارك في أرباح
اليوتيوب حتى تصل إلى أربعة آلاف ساعة مشاهدة أي 240ألف دقيقة و ألف مشارك
وبعد هذا تقدم قناتك للمراجعة حتى يوافق عليها اليوتيوب ويدرس هل المحتوى ملك
لك أم مكرر ؟ فأي شيء ليس لك كصور أو مقاطع موسيقية أضافتها لقناتك وفي
فيديوهاتك قد تعتبر سرقة وترفض قناتك ،هذه الأسرار يعرفها هؤلاء الشباب
ويعرفون فنون التأثير لذا يملكون ملايين من المتابعين .
فأين المثقف من هذا العالم الذي يدخله شهريا أكثر من مليار متابع ؟ فلابد
للمثقف إذا أراد أن يكون حاضرا حاضرا وليس غائبا غائبا أن يدرس عالم اليوتيوب
ويعرف أسراره ويعرف فنون التأثير وطريقة عرض أفكاره حتى يكون مشاركا فعالا في
عالم التأثير والتغيير ولا يكون على هامش الحياة لا صوت له إلا داخل المدرجات
إن كان له صوت .
قد يقول لي قائل عالم اليوتيوب لا يهتم بالثقافة بل بالفلوقات و تصوير المشاهد
اليومية للأشخاص من أكل وسفر و مناسبات فهذا أمر نسبي ،صحيح فهذا النوع له
ملايين الأتباع و كذلك الطبخ فالناس في العموم لا تهتم بالفكر والثقافة و حتى
لا نكون متشائمين هناك بعض خبراء التنمية ومستشاري الأسرة لهم أتباع بالملايين
و لكن أنا الذي يحز في أمري المثقف الكاتب والروائي والشاعر والقاص والناقد كل
هؤلاء غائبون عن هذه الكعكة العالمية لأنهم ببساطة لا يفكرون فيها ولا يهتمون
فهم في أبراجهم العاجية مرتاحون في دائرة الأمان .
فيا أصدقائي اخرجوا من دائرة الملاذ الآمن كما يسميها خبير تطوير الذات روبين
شارما و فكروا بطريقة جديدة تصلون بها إلى الجمهور لتكونوا أنتم أيضا نجوما
يهتدى بها وقدوات صالحة لمجتمعاتها .
*الكاتب والباحث في التنمية البشرية شدري معمر علي *