هشاشة اللّحظة
جميلة مزرعاني
يا من تعشقون الحياة تنهلون من عين الشّمس حبِّ البقاء تسبيكم الأنفاس إلى عالم الخلود تنسيكم دبيب الغروب وهمهمات الزّوال فلا تعي نفس أيّ حتف يكون لها بالمرصاد.بين لحظة وأخرى شموع متّقدة يطفئها هبوب ريح لا تبقي ولا تذر تذوب كائنات كالملح تدخل موسوعة الإندثار تسلم الروح لحالكات الظّلام قامات تتهاوى على شفير اللّحظة حين لا تعد تسمع خرير النهر في منعطف الخلجات ولا تغريدة طير تطرب الآذان أوليس هو زمن الانصرام؟ أحاسيس تقال من وظائفها مشاعر لقمة سائغة في فم قدر قيدأنيابه القاطعة في لقطة مباغتة كأسماك لفظها الموج العاتي نحو الشاطئ نجاحات تتبّخر وقد نهشت سالفا جلد التّعب مراكز أطاح بها الأفول خطى تتوالى تعرّي الدّروب من جميل الأثر سبل موحشة يرتع في ربوعها القطا إبتسامات كانت تسبق انبلاج الفجر غرّبها الفناء فلا يبقى غير خيط واه من ذكرى يتلاشى كقطرة ماء تغدو فقّاعة في زحمة الأيّام وظلال أقدام توارت في الضّباب.أيّها العابرون الدّنى وقفة صمت ذاهلة لما ينتظرنا من خريف قادم يسقط أوراقنا زرافات ووحدانا تلك الأيدي المبسوطة للعطاء تكفّها نسمة على حين غفلة يجفّ المداد في محابر الذكريات ويراع يتيم ترتحل منه الأنامل بكبسة زرّ تاركا صفحات بيضاء يلوح بين سطورها أطياف سود توئد الأمل في سراديب النسيان.
جميلة مزرعاني
لبنان الجنوب
ريحانة العرب.