نفخ في قربة مقطوعة!!

232
نفخ في قربة مقطوعة!!
لطفي شفيق سعيد

(جلس قصخون على منصة يقص حكاية على جمع من الناس:)*
سكوت رجاء سكوت
أريد أن أحكي لكم حكاية
قبل أن افن وأموت
كان يا ما كان في قديم الزمان….
وينطفئ النور في المكان!
ويصرخ الجميع: كهرباء يا جماعة الكهرباء
ويخرج الرجال إلى الخلاء
وتمكث في مكانها النساء
ويعلن الشيخ الوقور
يا سادة يا حضور:
لقد عاد النور ورجعت الكهرباء
وغمغم الحاضرون: (عادت حليمة)
وكرر الشيخ النداء:
هدوء رجاء هدوء بحق السماء
نحن لسنا بصدد حليمة وعادتها القديمة
بل من أجل قصة تلك الوليمة؟
قصة غراب ونهايته الوخيمة
يحكى أن غرابا نهابا
انطلق من عشه للغاب
يفتش بالأزبال والاسلاب
فوجد جبنة سمينة
وقبل أن يكمل الشيخ الرواية
تذبذب الضياء مرات ومرات!
وراحت الكهرباء في سبات
وصاح من صاح هذا بلاء وابتلاء
وعادت الروح للكهرباء في حذر
وصعد القارئ إلى المنبر
وقبل ن يبدأ (الحدوتة) لسانه تعثر
وصاح بالناس وهو يسب ويتذمر:
يا أيها الناس أسمعوا وعوا:
وصاح أحدهم: يا سيدي يا سيد الحكماء
لسنا هنا في خطبة الجمعة
لنذرف الدموع دمعة أثر دمعة
نريد أن تكمل الحكاية
وقلت أنت في البداية
كان ياما كان هنالك غراب
أكمل أيها الحباب
قبل أن تغيب عن وعيها
سيدة النور والكبرياء الكهرباء
وعاود الشيخ الحكاية:
أنطلق الغراب لعشه الأمين
وقبل أن يقضم جبنته المسكين
برز له ثعلب شيخ الماكرين
وهاجت الناس وصرخ كل الحاضرين
يا سيدي لا تكمل (السالوفة)
لإنها معروفة ممجوجة
أحك لنا حكاية الإنسان
ذاك الذي قاسى من جور الزمان
وردد الشيخ الوقور:
الويل لكم والثبور
أسألكم بالله هل هذه حكاية جديدة؟
غريبة من نوعها فريدة؟
أم أنها واقعة قد حدثت لأمم عديدة
يوم كان الهر يمتلك الحرس والسلاح
يسرح ويمرح في البطاح
يفترس من يعجبه من الفئران
فحارت في أمره كل الجرذان
فاقترحت وسيلة لتبسط الأمان
أن يربط بذنب الهر جرس
لكنما من سيخدع الحرس
الكل قد صمت كأنهم خرس
يا شيخنا ما مالنا ومال الجرذان؟
نحن نريد أن نعرف عما جرى للإنسان
وليس لقصة الهر وزمرة الفئران
انتظروا ولتسمعوا وتأخذوا العبر
وقيل في الأمثال (أمشي شهر ولا تعبر نهر)
خاتمة الحكاية لا تشبه البداية
يفهمها من يفهم أو عنده دراية
في ليلة ظلماء ولم يكن في حينها كهرباء
والمطر ينهمر من السماء
اتفق الكلب والديك والبطة
والعنزة والحمار في الخفاء
فشكلوا فرقة للغناء
ليطردوا الثعالب الأشرار
ويستعيدوا الأمن في الديار
فحمل الحمار صحبه الأخيار
وبدأوا نشيدهم بالصياح والنباح
الثعلب الماكر قد راح!!
وعندها سكت الشيخ عن الكلام المباح

*القصخون: قي النصف الأول من القرن الماضي كانت مقاهي بغداد الكبيرة تقيم سهرات ليلية يحيها شخص يسمونه(القصخون) يجلس على منبر ويسرد حكايات البطولة والحماس مثل(الزير سالم وسيف بن ذي يزن ومجنون ليلى وعنتر بن شداد) وكان قادرا على شد اسماع وابصار جمهوره والتأثير فيهم.

لطفي شفيق سعيد
رالي السابع من آيار 2021

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع