نص الكاتبة والروائية المصرية (هدى حجاجي)
بقلم الدكتور حمزه علاوي مسربت .العراق
فُـأّتٌـنِتٌـيِّ
تبتسمٌ ،،
وخلف القناع احزان
تكسرٌ المرايا داخلها
ترقص وتغني
تتعبٌ وتغفو
سكنها السهد
وتيتمت الوجنتين!
يبست أغصانها
وتكسرت
لم يبقى لها شيء
باعت كل شيء
بلا شيء
عملت الشاعرة على ادراج العلامات في بداية القصيدة لتأخذ دورا ايقاعيا وبصريا في جذب انتباه المتلقي وتهيئته لقراءة النص ، فهي دوال تحمل دلالات وعلامات سيميائية تعمل على تفعيل النص جماليا وتحويله الى طاقة تعبيرية تتآلف فيه الدلالة البصرية ودلالة النص الشعرية ذهنيا وعاطفيا . تمكنت الشاعرة من تزامن الماضي ، الحاضر من خلال رمزية القناع الذي يعيد المتلقي لبناء ذاته عن طريق الذاكرة ، فهو عنصر تشويق وتوصيل الفكرة ، وكذلك يتماهى مع شخصية اخرى . تترك الشاعرة قراءة القناع للمتلقي ؛ اي انه يفتح باب التأويل والتفسير . يظهر النص اسقاط الشاعرة شعورها وتجربتها على القناع ؛ اي خلق وجود مستقل عن الذات . تستخدم الشاعرة ثنائية التضاد تبتسم ،احزان _ ، كي تفتح للمتلقي بابا للتخيل والقراءات المتعددة . ارادت الشاعرة ان تخفي حزن الفتاة ، وتبدي ابتسامتها كي لا تنبلج بمظهر الانكسار للآخر .اتخذت من المرايا المتكسرة دلالة رمزية لحركة الزمن واستحضار الذات ؛ فكسر المرآة دليل على فناء الروح ، انهيار الجسد ، قراءة الوجوة المتعددة ،تغير الابعاد الرؤيوية ، واخفاء الحقيقة . نجحت الشاعرة في تشكيل تزامن بين اللفظتين _ ترقص ، تغني _ اي اللغة الجسدية واللغة اللفظية ، وما بينهم الايقاع الموسيقي الذي يزيد من المساحة الجمالية للنص ؛ واللفظتين _تتعب ، تغفو _ اي الانهيار الجسدي والحسي ، وما بينهما من اللغة الصامته . تتخذ الشاعرة من السهد دلالة الكآبة والتوتر النفسي . اصبحت الفتاة قاحلة الوجنتين ..لا ماء ..لا عطر .. اكتظت بالاخاديد والتضاريس ..شابها العمر مبكراا..تعيش صراعات داخلية ، وغليان يشوبه الحزن .. بدا وجهها كغيمة عقيمة البلل . استوطنت اليبوسة بين ملامحها وتكسرت حزنا . اتخذت الشاعرة من الاغصان استعارة تشبيهية لملامحها وما اصابها من تصدع ، وما زرعته من امل انتابه القحط والانفصام . طفحت المشاعر السلبية على ملامحها ، يصاحبها الانفعال العاطفي والانطوائي . استخدمت الشاعرة التنوع الزمني للجمل الشعرية ما بين ماض ومضارع من اجل تفعيل فكرة النص ، ومنحه الحركة الانسيابية ، والحفاظ على النسق الشعري، والعمل على فتح شهية القارىء لقراءة النص . تجردت من كل امل ، اصابها اليأس ، كابرت .. اضمرت معاناتها خلف القناع الذي جعلت منه حجاب يخفي ما يكمن في بواطنها الداخلية ؛ تحطمت كل مظاهرها ، ولم يبقى لها شاخصا سوى امتداد الاحباط وجفاف الحلول النفسية ؛ انها المتاهات والضياع . اختتمت القصيدة بالتكرار الايقاعي لمفردة _ شيء لزيادة جمالية التعبير اللغوي والتوكيد على فكرة الفقدان _الاندثار _ ؛ وكذلك التنوع في ادوات النفي ، لخلق تنوع نغمي ايقاعي للجمل الشعرية.