جميلة…على نحو مثير !.يكفيها خط من إثمد لتشرق بألف نجم !.
الرجال… صرعى على أسوار حديقتها ، لم ينل حظوتها ذكر.
قالوا عنها : “مقوماتها للرجولة من أرشيف القرون الوسطى…ولن تندم إن داهمتها الكهولة وهي عانس. “
ثائرة … ما زال رجع عقيرتها – وهي تردد شعارات ثورية – عالقا برحاب حرم الجامعة، وما زال الرفاق يذكرونها تتقدم المظاهرات، وتتزعم الاحتجاجات، وما زال ندب شبه غائر لم يختف من على
وجهها ، شاهدٌ على ضراوة المواجهة والسلطةَ …
تفوقها في القانون جعلها تدخل سلك القضاء من بابه الواسع…وقد كانت قاب قوسين وأدنى من ترأس الجلسات، لكنها فضلت الطريق الشائك؛ المحاماة…
طموحة ، تعشق الريادة، تتطلع للتميز؛ ما اكتفت تبلوراً كامرأة رائدة ضمن كوكبة المجتمع المدني ، بل تاقت نفسيها لعضوية في مجلس الأمة، غير أن أملها خاب .
لم تنكسر، حاولت وحاولت… أكثر من أربعة مرات ، وكان الفشل نصيبها تباعا ً.
احتارت من معاكسة الحظ لها، وقدرت ـ أخيرا ، بعد ليال وليال من التركيب والتحليل ـ ان الأمر مخيض مؤامرة .كادت أن تعتقدها لولا ان جدتها وسوست لها يوما : ” اي سؤدد قد يحالف امرأة كسرت قلوب الرجال …صداً، وجعلت النساء يكسرن مراياهن.. !“
لملمت ذاتها المنكسرة بعد لأي وساعات وأيام من البرمجة اللغوية العصبية ، وانغمست حد الغرق في نشاطاتها الاجتماعية حتى صارت رئيسة جمعية الرفق بالحيوان .
باتت على الشفاه، وأضحى اسمها بين عناوين الصحف الوطنية والدولية حاضرا…حيث النهيق والنهيم، والنباح…
خصَت كل القطط والكلاب الشاردة ، ورحمةً … قضت على الجرباء، والمسعورة ، وأمرتْ بخيام على المروج والبرك لرعاية اللقالق المهاجرة… والبط والغرانيق…
اليوم وهي عائدة زوالا من قصر العدالة رفقة رفيقة دربها -على غير عادتها – عرجت على السوق المركزي وابتاعت شريحتي لحم عجل.
سالتها صديقتها مستغربة:
ـ أو لست عاشبة؟
بلى… ، ولكن كما تعلمين ذئابا وسباعا نعايش يا رفيقتي… إنّ كثيرا منا لم يغادر الغاب… !
ـ أه… !
ردت صاحبتها وهي تودعها بغمزة.
عند ولوجها البيت رمت بشرائح اللحم للخادمة عند باب المطبخ، تلقفت الثانية الرمية وهي تضحك قائلة :
ـ لا تغيير.. .؟ شكرا على كل حال … !
لا ترد ، وإنما تتابع في هدوء مهيب ، ثم ترمي محفظتها وتسارع مهرولة نحو الحمام.
بعد لحظات كانت جالسة على مائدة الطعام وسط غرفة المعيشة تتابع تسجيلا مصورا لها عن آخر نشاطها الاجتماعي ؛ حول عدوانية الإنسان القارت..و بين حين وآخر تغرس شوكتها في جسد الشريحة المدمّاة ، وتقطع بالموسى قطعا تلوكها باستمتاع وتلذذ…
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.