نزين و عود كبريت..الإنفجار القادم

515

أثار اهتمامي الخبر الذي قرأته عن مطالبة الأفارقة الحاملي الجنسية النيجرية المقيمين في الجزائر بحقهم في السّكن، يقول الخبر نشرته إحدى المواقع الجزائرية الإلكترونية أن عددا  من النساء النيجريات المتسولات في شوارع العاصمةطالبت من الجهات المسؤولة بتمكينهم من الحصول على السكن، و أنهم رافضين العودة إلىبلادهم لأن الجزائر تتوفر على وسائل العيش أكثر و أفضل من بلادهم  و لا ينقصهم سوى السكن، الأمر هنا يبدو عادي جدا،لكن الخطر يكمن  في تصريح واحدة من المتسولات أنهم يحصلون على أموال تقدر بحوالي 5000 دينار جزائري في اليوم الواحد،و هو مبلغ يتقاضاه عامل جزائري في الشهر، ثم أضافت أن هذه الأموال تنقل لصالح جهاتتتاجر بالأسلحة،  و لعل  أن هناكمن يوافقني في الرأي بأن بقاء الأفارقة في الجزائر أصبح يشكل خطرا على أهلها، أيساكنيها قبل مواطنيها، و نقصد هنا المهاجرين السريّين، الذي دخلوا الجزائر بطرق غير مشروعة، بحيث يجعلهم يواجهون مشاكل و صراعات في المستقبل، إذا ما استجابت  الحكومة الجزائرية إلى مطلبهم، و منحت لهمسكنات، و تصبح لهم حقوقا مثل حقوق الجزائريين، إذا قلنا أن بعض الجزائريين لميتحصلوا على حقوقهم بعد،  خاصة في مجالالسكن، و أصبح بعضهم مواطنين من الدرجة الثانية، في ظل الظروف الإجتماعية القاسيةالتي تعيشها البلاد.

و الذي لا يعرف ثقافة الشعوب، لا يفرق بين النيجيري و المالي والتشادي، لأنهم يتميزون بلون بشرتهم، ماعدا القليل منهم  و هم “القبليون”، من يرسمون في وجوهمم خطوطا ملونة لكي يتميزون عن الآخرين منبني جلدتهم، و كما أسلفنا، فإذا تحقق حلم الأفارقة وتحصلوا على سكن اجتماعي، هذا يعني أنهم سيطالبون في المستقبل بامتيازات أخرى، ليسحقهم في  التجنس، أو طلب الوظيفة، أوالتعليم فحسب،  بل أريد القول أنهم  سيطالبون بالحقوق السياسية، و قد ينخرطون فيأحزاب سياسية، و من ثمّ يصبح لهم الحق في الترشح للإنتخابات، و الحصول على مقعد فيالمجالس المنتخبة، ثم يطمحون في البرلمان، وقد يطالبون بقوانين تحميهم من كل تعسف،و لا غرابة أن نجد أفريقيا ارتقى إلى منصب مير أو رئيس دائرة، أو  والي أو حتى وزير، يتحكم في شؤون البلاد، يديرقطاعاتها و يسير مشاريعها، بل إصدار الأوامر و توقيع المراسيم و المشاركة في إعدادالدستور و غيرها من الحقوق التي تجعله سيدا في بلد دفع فواتير ضخمة من أجل تحقيقسيادته و تقرير مصيره، بحكم أن الجزائر تنتمي إلى شمال أفريقيا، و بالتالي يعتبرونأنفسهم جزءا لا يتجزأ من الجزائر، و لهم حقوقا كباقي الجزائريين، في السكن والتعليم و العلاج و في التسيير و إدارة الشان العام، مثلما نشاهده في دول متقدمةمثل الولايات المتحدة، و قد يبرر الأفارقة مطلبهم باسم حقوق الإنسان و باسمالمواطنة، و باسم التعايش السلمي.

ليست هذه دعوة للعنصرية، و لم تكن الجزائريوما عنصرية أو تؤمن بالتمييز العنصري، و كانت بلدا مضيافا و سكانها أهل كرم ، ولم تتأخر يوما في تقديم المساعدات الإنسانية للذين هم في حاجة إلى مساعدة ،  و التضامن معهم حتى و لو كان ذلك على حسابشعبها، لاسيما الشعوب التي تعيش الحروب و تعاني من الفقر و المجاعة،  الغرابة أن الجالية السورية و هي أول جماعةتلجأ إلى الجزائر هروبا من الحروب و الثورات، و الدمار الذي لحق بها، لم تفكرفي  هذه المطالب، و هي تعيش حياة”التشرد” على مدار العام، تنتظر ما تجود به ايادي الجزائريين عليهم منحسنات و توفير لها لقمة العيش، مثلها مثل الأفارقة، الذين رحبت بهم الجزائر من بابإنساني، رغم ما يحملونه من أمراض خطيرة، قد تنتقل العدوى إلى الجزائريين، و فوقهذا فتحت لهم مراكز و مخيمات لإيوائهم، لكنهم – أي الأفارقة –  فضّلوا البقاء على الوضع الذي هم عليه الآن، ولم يحترموا نظام البلد المضياف، بحيث عبثوا في المحيط البيئي برمي الأوساخ علىحافة الطرقات، و نشر غسيلهم على أغصان الأشجار، و أشياء أخرى لا يجب أن تقال، لالشيئ، إلا لكي لا نخدش كرامتهم، فهم قبل كل شيئ يقاسموننا الإنسانية و العقيدة،لكن و بدون تعميم طبعا  فهم يتسمونبالوحشية و العدائية، حتى نظرات البعض منهم كلها حقد و انتقام على وضع،  الجزائر ليست مسؤولة عنه و لا تتحمل وزره، ماعداالقليل فهم مسالمون.

و حتى لو قلنا أن مطلبهم حق شرعي في إطارحقوق الإنسان، لكن السؤال يظل مطروحا، هل الجزائر حققت الإكتفاء الذاتي لشعبها، حتى تتكفل بهؤلاء؟، يقودنا هذا الوضع إلىالحديث عن ظاهرة “التشرد”، التي طالت الجزائريين أنفسهم،  نعم هناك جزائريون مشردون،  لا مأوى لهم و لا عائلة، و يحصلون على قوت يومهمعن طريق “التسوّل”،  لا عيب إنقلنا ان الوضع الإجتماعي في الجزائر مأساوي، بحيث نجد عائلات تقتات من القمامة،رغم أن ملايين الجزائريين  لهم أموال وثروات طائلة، لكنهم لا ينظرون إلى هذه الفئة من الفقراء بعين الرحمة و الإنسانية،و قد  يستغلونهم في الأعمال الشاقة، وكثيرا ما نقرأ عن عمالة الأطفال في الجزائر، و استغلالهم في المتاجرة بالمخدرات، والسؤال يلح على الطرح، هل مطالب الأفارقة لها علاقة بالديمقراطية التشاركية؟ أو بالمواطنة؟و أن كل من يقيم على تراب دولة ما، حتى لو كان “لاجئا” له من الحقوق مالسكانها الأصليين، حتى لو كان غير حامل لجنسية هذه الدولة، إذا قلنا أن الأفارقةالمقيمين حاليا في التراب الجزائري ليسوا لاجئين، لأنهم لا يحملون وثائق رسميةتمنحهم حق اللجوء، و لذا فالأمر يبدو خطير جدا، لأنه لو طبقت الحكومة الجزائريةمطلب هؤلاء الأفارقة و تحصلوا على حقوق لا يستحقونها، كونها مطالب خارج المساعداتالتي قدمتها الدولة لهم، ستكون هناك مطالب أخرى لغير الأفارقة ، و ستعم الفوضى وهذا يهدد سيادة دولتنا.

نعمهناك ما يتم طبخه في الخفاء لضرب استقرار الجزائر و ضرب اقتصادها، و انتشارالأمراض فيها، هناك أطرافا تحاول إجبار طرف غير مستقل أو غير مستقر لطرف آخر مستقل،للقبول بأمر أو آخر، باسم الدين و الإقتداء بالرسول ( الهجرة)، لكن الصحابة في تلكالفترة لم يكونوا محملين لفيروس السّيدا و الأمراض الخبيثة،  فلا يجب أن نقارك مرحلة بمرحلة أخرى، أو تطبيقهابل فرضها في العصر الحالي، هناك من يحاول زرع الفوضى في الجزائر، حتى تكون مثل دولأخرى التي تغرق في الفوضى و المشاكل كالهند، ثم لا يمكن لي واجدذ أن يتجاهل سلوكاتهؤلاء الأفارقة و ما يقومون به من أعمال منافية لعادات  و تقاليد المجتمع الجزائري،  وصلت إلى حد الإعتداءات على الشباب و الفتيات وسرقة هواتفهم النقالة، و الأخطر من هذا كله أن الأفارقة ومن خلال تصريحات البعضمنهم أنهم يعملون لصالح جماعات تتاجر بالأسلحة، بحيث تحولوا من نازحين إلى تجارالممنوعات، و من لا يشك في أن الأفارقة قد يتحولون إلى جواسيس لصالح منظمات وحكومات معادية للجزائر  لتحقيق أغراضاستعمارية و أجندات أجتبية،  الإحتمال واردطبعا، لاسيما و الجزائر مهددة من كل الجوانب لضرب استقرارها أو غزوها من جديد؟،فلا القوانين و المنظمات و المواثيق الدولية المعاصرة التي تحاول أن تبني علاقاتالدول على اساس احترام العدل و مراعاة حقوق الإنسان تنفع ، لأن الأمر سيتحول إلىصراع مسلح داخل رحم الأمة و بين فئاتها، و لن تكون لها القدرة على السيطرة إذا ظلالوضع على حاله و تفاقم سياسيا و اقتصاديا.

إن الحديث عن موضوع الهجرة و اللجوء موضوعشائك و معقد، و يحتاج إلى دراسات تحليلية من قبل الخبراء في السياسة و علمالإجتماع و الإقتصاد،  بل المختصين فيالحروب و تسليط الضوء عن هذه الظاهرة و تاريخ ظهورها، فالهجرة لا تعني الهروب من الإضطهادو المجاعة و ترك الوطن إلى بلد آخر فقط، بل لها أسباب أخرى  منها المفارقة و المقارعة لمناولة المعتدين والبغاة من الخارج لوضع حد للفتنة و انتهاك الحقوق و الحريات، و قد تكون الهجرة منأجل استعباد قوم أو شعب لإغتصاب الأرض و احتلال الدار و تشريد الشعب مثل الهجرةاليهودية الصهيونية العدوانية الباغية لأرض فلسطين، و المهاجرون من هذا النوع لايعتبرون مهاجرين بل غزاة يسعون إلى إشعال ممارسات العنف من الداخل بين فئاتالمجتمع الواحد، و نيجيريا كغيرها من الدول التي تعيش الفساد و تواجه منظمة متطرفة( بوكوحرام) و التي تهدد وحدتها الوطنية، أجبرت ساكنيها على ترك البلاد هروبا منالإضطهاد الذي حولهم إلى مشردين و لاجئين، فنيجريا تعد من أكبر دولة أفريقية من حيث الكثافة السكانية،  تشير آخر الإحصائيات  أن عدد سكانها تجاوز عتبة 190 مليون نسمة،  و معروف عن نيجيريا أنها متعددة الأديان والمذاهب، مثل المسيحية و انتشار التشيع بين المسلمين و تعتبر منطقة أبوجا معقلالشيعة في نيجيريا.

الغريب أن بلد كنيجريا  يعتبر بلداعملاقا يملك أكبر احتياطي النفط في القارة السمراء ، لكن شعبها جائعٌ و مشردٌ، حيثعرفت انهيارا كبيرا في جانبها الإقتصادي، و كانت منظمة “هيومن رايتسووتش” في بيان لها قد نددت بموقف الجزائر و قرار ترحيل الجالية الإفريقية إلىبلادها بالسلبي و التعسفي ، بحكم أن الجزائر طرف في اتفاقية 1951 الخاصة بوضعاللاجئين،  حيث أشارت في بيانها، أنها  تحظر على الجزائر  إعادة أيُّ لاجئ معترف به ، أو طالب لجوء، أو أيأجنبي آخر بطريقة قسرية إلى مكان قد يواجه فيه خطر التعرض للاضطهاد والتعذيب، أوللمعاملة اللاإنسانية، فيما دعت منظمة العفو الدولية، الحكومة الجزائرية إلى وضعتشريع خاص بطالبي اللجوء السياسي، و وضع حد لعمليات الإبعاد التي طالت مهاجرينأفارقة، و سارت على نهجها الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان التي حذرت في تصريحاتسابقة من سياسة “التهجير القسري” للرعايا الأفارقة، تشير  إحصاءات 2016  أن 50 ألف افريقي مقيم بطريقة غير شرعية فيالجزائر، و يحتمل أن عددهم قد ارتفع هذه السنة، خاصة و أنهم معروف عنهم بالتناسل، مادفع ببعض النشطاء الجزائريين  في الفضاءالأزرق ( الفايسبوك) أطلقوا حملة  واسعة يطالبونفيها الحكومة الجزائرية بأن تتخذ إجراءات  إما بتنظيم الأفارقة  حتى تحفظ لهم كرامتهمو إنسانيتهم، أو ترحيلهم ، ليسلأسباب عنصرية أو لوضع حاجز اللون بينهم و بين هؤلاء،  و إنما للفوضى التي تسببوافيها، بحيث إصبحوا يشكلون خطرا كبير على الأمن القومي، في ظل تفاقم الأزمةالإقتصادية في الجزائر، و هذا يعني أن مسؤولية اللاجئين تتحملها  القوى التي زعزعت استقرار العالم ككل.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

آخر المواضيع