من رأفت الهجان إلى أم هارون…خنوع وخضوع

191
من رأفت الهجان إلى أم هارون …خنوع وخضوع
محمد حسن الساعدي

 

مراراً حاولت المخابرات الإسرائيلية أن تبيض وجهها ولكنها فشلت في كل المحاولات، بل وسعت لأكثر من ذلك بأن تكون في مصافي الدول المتقدمة في الصناعة ولكنها لم تنجح، وعوضت خيبتها في هذا باستغلال حكومات الخنوع والخضوع.. عملت المؤسسات الصهيونية لاستغلال الإعلام، لتبرير عمليات التطبيع التي تقوم بها دول الخليج، وأهمها الإمارات والبحرين والسعودية، وبعض الدول العربية من خلال محاولة توجيه الرأي العام، وتسويق فكرة أن الخلاف العربي الصهيوني ما هو إلا خلاف تاريخي ديني بين الأديان، وليس قضية سلب ونهب لحقوق وسلب، لأرض الشعب الفلسطيني ولحقه في العيش بكرامة.. تباعا لذلك حرصت إسرائيل على أن يكون، الخطاب الصهيوني بشكل ووجه عربي، وسعت لاستغلال ذلك بغية وصوله إلى العقل والنفس للشعوب العربية بغية التأثير
عليها..

بدوره فإن الإعلام العربي قدم خدمات كبيرة للغاية، للمشروع الصهيوني وهدفه الأكبر في أقامة كيان إسرائيل الكبرى، حيث شكّل حجر الأساس في الإستراتيجية الصهيونية منذ قيام الحركة الصهيونية على يد الصحفي اليهودي”تيودور هرتزل” الذي أستطاع من عقد المؤتمر الأول عام 1897 في مدينة بال بسويسرا .

لقد عملت المؤسسات اليهودية بمساعدة بعض المؤسسات الإعلامية العربية، على تسويق مواقف الحكومة الإسرائيلية خصوصاً بعد التطبيع، بعدة أساليب ومنها تسويق الأفكار عبر البرامج التلفزيونية أو عبر الدراما الهادفة، فكلنا شهدنا أو شاهدنا منذ 30 عاماً كيف نجح مسلسل “رأفت الهجان” في تعزيز قوة العرب أمام الهجمة الإسرائيلية، وبان ضعف الأجهزة المخابراتية الإسرائيلية، ولكن بالمقابل ظهر أخيرا مسلسل “أم هارون” المنتج خليجيا ليعكس صورة الخلاف بين المسلمين واليهود، على أنه خلاف عقيدة ودين فحسب، في محاولة لإيهام المجتمع العربي والإسلامي بذلك، ولكن بصورة درامية تستهدف الرأي العام العربي والإسلامي..

كذلك من السهل إثبات استطاعة الفكر الصهيوني من التسلل إلى الحكومات الغربية، وتغلغلها في المنظمات ومراكز القوى، ووجود الإعلام المتصهين للأسف والذي تموله دول عربية خليجية، وفي عدد كبير من القنوات والصحف الكبرى المؤثرة .

الغرب وبمساعدة المؤسسات الإسرائيلية عمل على تنفيذ التطبيع تباعاً، وهو احد أهم الأساليب الممهدة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي في صهينة العالم العربي اجمع، وإتباع خطوات خبيثة لضرب القوى العربية والإسلامية من الداخل، وإبراز الضعف الداخلي لحكوماتها، ما يعطي حافزاً لدى القوى السياسية في الهرولة نحو التطبيع، الأمر الذي لمسناه في محاولة ضرب الدولة العراقية من الداخل من خلال السعي وبقوة، لتشويه صورة المرجعية الدينية العليا وإسقاطها أمام الجمهور، وزرع الفرقة بين مكونات المجتمع العراقي، وفعلاً هذا ما تصوروا أنه قد نجح..

تفاجئ الكيان الصهيوني بالإرادة القوية للشعب العراقي من خلال التفافه خلف مرجعيته، عندما أصدرت فتوى الجهاد الكفائي، ضد عصابات داعش الإرهابية وطردهم خارج البلاد، الأمر الذي أزعج المؤسسات الصهيونية والغربية على حد سواء، ومع كل هذا تبقى هذه المؤسسات تتحين الفرص من أجل ضرب الإسلام وتشويه صورته أمام المسلمين خصوصاً والعالم عموماً، وتصويره على انه دين إرهاب ويصدر القتل والدمار للعالم، في حين أن داعش وما قبلها من تنظيمات إرهابية هي التي كانت من مخرجات المخابرات الإسرائيلية وتربت في أحضان الصهيونية العالمية والغرب وباعترافات بعض قادتهم..

على المؤسسات الإعلامية العراقية أن تكون على حذر في طريقة التعاطي مع الأهداف الخبيثة للإعلام المتصهين، والذي يسعى بكل جهده من اجل إيجاد شرخ بالمجتمع عموماً..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع