معهم يحلو السباق

115

معهم يحلو السباق

حشاني زغيدي

أبدأ مقالي بسؤال يثير الدهشة، بل يثير الاستغراب، من نسابق ؟ قد يخيل لك أنك في سباق عدو أو سباق الخيل أو ربما سباق الدرجات، نقضي أوقاتنا في هوايتنا المفضلة نمتع أنفسنا ، و هي هوايات مباحة ، و لكني أردت في حديثي رفع سقف التسابق ، فيكون السباق في أمور حياتنا و تصريف أمورنا ، فنحتاج لمتسابق قوي ، نسابقه كي ننشط عزمنا ،نقوي ضعفنا ، نقوي مردود مشاريعنا ، فمن نسابق يا ترى ؟. سأحاول في مقالي أن أستوحي مادته من وحي الأثر و قصص الناجحين كي نحدد صفات الأشخاص الذين يحق لنا التسابق معهم في دروب العطاء الواسع .
نحتاج هذا السباق لإعلاء منزلتنا و رفعة مكانة أنفسنا، نحتاج هذا التسابق لنكون الأفضل في الخيرية، نحتاج هذا التسابق كي نترك أثرا نحمد به بعد أن نمضي لدار الخلود، نتحمل في هذا التسابق صنوف من المشاق و المتاعب ،و نحن نسير على طريق من تميزوا و تركوا بصمتهم شاهدة يكتبها التاريخ بماء الذهب .
لعل من أخص ميزات من نحتاج التسابق معهم جموح طموحهم و قوة إصرارهم و قوة تحديهم، هؤلاء تصغر في أعينهم المشاريع الكبيرة لكبر أنفسهم
يقول الشاعر أبو القاسم الشابي في ذلك الشاعر التونسي
“أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر
وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر
أن تسابق من صفاتهم علو الهمة و رفعة الأهداف ،نتسابق من أهدافهم في الحياة كبيرة ، من يعيشون لغايات كبيرة ، و لا يوقف همتهم ولا تضعف عزيمتهم كسل ، أو ركون إلى البطالة ، يحملون نفوسهم للمعالي ، يختارون صفوف المقدمة ، دأبهم تحصيل التميز في الأداء ، في اثنان المهمات ، و لا تعرف الفوضى سبيلهم ، فهم غاية في النظام .
أن تسابق من ترسم السعادة ملامح حياتهم ، الذين لا من يلبسون ثوب الحداد في أيام الأزمات ، من يعاشرون الأحزان و البؤس و الشقاء، تراهم يكدحون مع زهادة العيش و قلة ما في اليد ، فلا تفارقهم إشراقة الابتسامة ، يفتتون الحجارة و قلبوهم يكسوها الرضا – ليس معنى حديثي أن نقاسم الفقر و الزهادة فالأصل الغنى و القوة – لكن عين مناهم أن يقاسموا الناس السعادة ، فيسعد بسعاداتهم غيرهم ، فأي سعادة ترجى و نحن تدوس كرامة الأخرين .
أن تسابق من يصححون المسار ، من يقومون طريق سيرهم ، من يقومون تجاربهم ، من يقفون يتعلمون من أخطائهم ، لا تأخذهم عزة نفسوهم و كبريائها فيردوا النصح و الترشيد ، و لو كانوا في قمة المسؤولية ، لو كانوا في أعلى مراتب القيادة ، فنفوسهم الكبيرة ترضى بالتقويم لتحصيل الارتقاء و التميز ، همهم حل المشكلات و تفريج الصعوبات ، همهم تأمين المشاريع و بلوغ الأهداف فهؤلاء نفائس و ذخائر لا يرحم المرء صحبهم و التسابق معهم .

الأستاذ حشاني زغيدي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع