محطة رقم 3 الفرزة الثانية

302

أعود الى كلامي وأم جـابر هي أختْ سُـليمون الذي قـتـلهُ الانكليز في حـادثـة سـطوٍ على مُـعـسـكرهم أثناء
حصار الكوت في الحرب العالميه الاولى أمّا غُلام أبو جابر فلا أعرف عنه شيءً وهو من بدرة كان يعمل
ببيع التمور والزنابيل والَمهافـيـف التي تُعمل من سـعف النخـيل حيث يأتي بها من قضاء بدره ليبيعها في
الكوت وهي تجارة رائجة في ذلك الزمان .
أمّا جابر فكان في بداية حياته يبيع المواد المنزليه في محل يقع في وسط السوق الرئيسي يعود الى الحاج
عيسى عباس الجـشعمي ثم عـمِلَ وكيلاً لـبيع الـسيارات الامريكيه في مـنـتصف الخمـسـينات وكان له معرضٌ
في أملاك الحاج حسون محمد الناصر وقد انتهتْ الوكالة بعد قـيام حكومة عبد الـسلام عارف بتأميم الـشركات
والمصارف حاذيًا حـذوَ رائد العروبة وحامل شعارها الاول الرئيس المصري جمال عبد الناصر في تطبيق
الاشتراكية العربية التي ابتدعها .
ثم عَـمِـل جابر بعد ذلك في بيع المواد المنزليه وكان مـحـله بين مطعـم الصادق والـبـريـد الـقـديم كما كانت لديه
وكالة عامة للمعجون والمُربّى في الكوت حصل عليها من معمل المعجون والمربى في النعمانيه وهو آخر عملٍ
له ثم سُفّرَ هو وعائلتُهُ الى ايران في بداية الثمانينات .
أنجـب جابـر من زكـيه بـنت عـلم خمـسَ بـنـاتٍ وكان المـولـود الـسادس ذكـراً أسـماهُ حسنين أو محمد حسين
أما بِكرهُ فهي إبنتُهُ فائزه تـزوجـها كامل الحكيم وهو من أقاربهم وبـعـدها سُـعـاد تزوجها مهدي الحكيم أخو
كامل وتُـوفّي جـابر غـلام لفـته بحـادث سـقـوط من مـنطـقـة جبلية بعد خروجه من اجتماع للمعارضة العراقية
في شـمال العراق كان ذلك في فصل الـشـتاء أمّا عائـلـتُـهُ فهي الآن تعـيش في الـسـويد عـدا إبـنـته فـائـزه وزوجها
كامل فـقـد عـادا الى إيـران وتُـوفّـيتْ إحدى بناته في الـسـويـد وهذا كل ما اعرف من معلومات .
أعـود فأقـول في عام 1949 إنـتـقـلنا من دار جاني ملكشاه الى دار جدي حمادي وقد أفرغوا لنا حـجرة
الضيوف الديوانيه وجدارهامع الجدار الخارجي للبيت شكل مجازًا يترابطان مع الباب الخارجي وهذا
المجاز يـنـتهي بفـتحةٍ الى داخـل الـبيت وبجانـب هـذه الفـتحة دَخْـلَه وهي مـساحة صغـيرة موضوعٌ فيها
حُبُّ الماء أذكـرُ أنّـه كان يملأهُ رجل يَعـمل بجلب الماء من النهر يُـسمّى بـالـسـقّـة مقابل مبلغ نقدي
لأنهم يستشكلون شرعًا من مياه الحنفية رغم وجودها وكذلك وجود بئر بجانبها تحت الـسُـلّم يُستعمل
سابقًا تركوه ايضًا وأصبح خزانًا لمياه الغسيل وللحفاظ على ماء الحُبِّ جعلوا له غطاءً من قماشٍ أبيض
وفوقه غطاء خشبي دائري على فوهته زيادةً بالعناية وعند دخول البيت تمتد طارمة امام حـجرة الضيوف
اي الديوانيه وعلى اليـمين كما ذكرتُ يـوجـد البـئـر ثم تـليه باب الـسُـلّـم وعند صعـود ثـلاث درجـات يـقـع بـيـت
المُـسـتراح أو الـخَلْوة وتـسـتمر الـسـلالِم من الجهة الـيُـمنى الى الـسـطح حيث يـنـقـسم الى سـطحـيـن و سـياج من
خـشـب يُـحـيـطُ بـفـتحة الـبـيـت يَـحـولُ أويَـمـنعُ دون الـسـقـوط الى صـحـن الـبـيـت كما يوجد سـياج حــول فـتحـة
الـسُـلّـم أيضاً والى جـانـب بـاب الـسُـلّم باب الحَـمّـام ويُـسـتعـمل للإسـتحمام و للطـبخ ثـم تـأتي طـارمـه عـلى امـتـداد
حـجـرتـيـن ويـأتي الـتـنـور من الجهة الـيـسـرى في فـنـاء الـبـيت وبهذا هوالشــكل العام مـسـاحـتـهُ حسب تقديري
بـحدود مـئـتي مـتر مربع .
سكنا في بيت جـدي زُهـاء عــامٍ وفيه كان دخولي المدرسةَ الابتدائية المركزية وهي السنة الدراسية 1949
و1950 وقـد سـبـقـني إبـن خـالي محـسـن في دخـوله مـدرسـة الـنجاح لأنّه أكبر مني سـنّـاً وإبن خالتي نصرت
وقد سبق ان تـكلمـتُ عـنه وعن حادثة المعلم عـبد المنعم سـابـقـاً .
وأتذكر أني في أول يوم من ذهـابي الى المـدرسـة وفـي الطـريق خلعتُ أوّل سِـنٍّ لَبنيٍّ وكان اول زميلٍ رافقني
الى المدرسة هو أسـد حـسـوني الحـمراوي جارنا فـقـال لي إرمِ بـسنّكَ الى الـشـمـس وقُلْ لها هاكِ سِنَّ
الحُـمار واعطني سـنَّ الـغـزال فضحكتُ ورميتُهُ على الارض وتابعـنا السـير الى المدرسة.
كان مـسكن أسـد حسوني الحمراوي واهله هو مسكن الحاج لاجي ومعه ابنه خضير والد صديقي نجاح
الـذي انـتـقـل مع عـائـلـته الى مسـكنٍ قـريبٍ وهو من أملاكهم لا يـبعـد أكـثر من خمـسـين مـترًا عن مـسـكنهم الاول
المجاور لبيت جدي .
سكنّا في بيت جدي وعلى أثـر شـجارٍ حصل بين أمّـي وزوجة خالي الثانيه زكـيه سـيـد مهـدي الحـكيم
إنـتـقـلنا الى مـسـكنٍ تملكه إمـرأةٌ تُـدعى أم إبراهـيم وإبـراهـيم لا أعـرف إسـم أبـيه ولكنه يُـلـقـب بالـركابي
يـقع المـسكن في زقاق طـويل أو [ دربـونـة ] له مخرجان مخرج الى شارع السجن مقابل مقبرة الانجليز وآخر
الى الساحة التي وسط السوق وما زال الزقاق قائمًا على ما هو عليه الى الآن وفي ركنه للداخل يـقع بـيت
رحماني صاحب المـقهى الكبير في الـسـوق الـكـبـير وهـي مُـلـتـقى تُـجـار الكـوت والـمـقهى الآن دُكّـان لـبـيع الـمـواد
العـطارية والاعـشاب يُـديرُهُ عـبد الامـير أبـو الهـوا والـد زميلي في الـدراسـة الابتدائية محـمد سـعـيـد الذي
تخرج معلماً وفي زيـارتي للكوت في 2004 سـألتُ أحـد اخـوتهِ عنه فـقـال قد تمّت تصفـيـتُهُ من قبل جهاز
الامن دون أن يوضح الـسـبب في حـين أنّـي كُـنتُ أعـرفـهُ بـعـثـيًّـا من تنظيمات 1968 .
ورحماني من الاكراد الفيليه لا أتذكر صورته بدقةٍ لكني أتذكرُ ملامحه العامة كان قصيراً وغـليظ الصوت
وبيت رحماني يقابل بيت مُلاصق لـمقبرة الانكليز كانت تـسـكنه بدريه العوره واني لا اتذكر ملامحها ولا
أعرف لماذا سُميت بالعورة ربما تكون كريمة العين ثم الى جانب بيتها دُكان ومسكن مامكه وهو من
الاكراد الـفـيـلـيه والـدُكان هـذا من ضمن المـسكن ثم يأتي زُقـاق مُغـلق فـيه بـيـت طالب الـسـماك أعـرف من
أولاده إبـنه الكبير مـاجـد تخرج ضابطاً وعَـمِلَ في المخابرات العسكريه والابن الآخر علي تخـرج مُعـلماً وسـكن
بمحلة دور المعلمين وآخرهم حـامـد كان موظفاً في دائرة زراعة الكوت توفي في تـسـعـينات الـقـرن الماضي وهم
من بعثيي عام 1968 وأعرف من بناته عـلـيه وهي مُعلمة تزوجت من المعلم غـازي وهوشيوعي من سـكـنة
العـزة / الفيصلية سـابـقاً توقف معي في سجن الكوت عام 1963 أمّا إبـنـةُ طالب السماك الكبرى فهي متزوجة
من المعلم عـبد شـكيح وهو كادر شيوعي من سـكنة العـزة / الفيصلية سـابقاً توقف معي في سجن الكوت عام
1963 ايضًا أمّا إبـنـتـه الصغرى فهي متـزوجـة من شـاكـر عـباس الـدعـج ولا أعـرف عـنها شـيءً ويوجد في الزقاق
بـيت آخر لا أعرف سـاكـنـيه ثم يأتي في ركن الزقاق بيت جاني ملكشاه وبناءُهُ كان من طابقين ثـم يأتي دُكان
قاسـم محـسن علي الـداغر وهـو من ضـمن مـسكن الـمُـلّا نـعـيـمه و يـنتهي الشارع بمسكن المله نــعــيــمـه .
وعلى إمـتـداد بيت رحـمـانـي النازل الى محلة سيد حسين بـيت المعلـم زيـنـل وهو يقابل دكان مـامـكـه وعلى مـا
أتذكـر أنّ المعلم زينل طويلُ القامـةِ ضخم الجـثـةِ من اكراد الـشمال وإبنه بـهـجـت زاملني في المركزيه وكُـنّـا إذا
أردنـا السـخرية به نـقولُ له زيـنـلي مُـخَـبَّـلي وبـهـجةٌ مُـعَـقّـلي سكن مدينة الكوت لـسـنوات ثم انـتـقـلوا ولا أعـرف
عنهم شـيءً ومن طريف المصادفات ما حصل هو أنّي راجعتُ طبـيـبًا للعـيون عام 1985 في الـكوت فـذكر لي
أنّـه كان في مدرسة غازي الابـتـدائـيـة وكان معلمهم زينل فقلتُ له تلكَ المقولة زيـنـلي مُـخـبلي وبهجةٌ
مُعَـقّـلي فـقال لي [ إي هـذي هـي الـنَـبّـه ] فضحكنا وأعطاني العلاج ثم خرجتُ ولم اعد له ثانيةً ولا اتذكر
إسـمه اليوم بعـد أن تفرقت بنا الـسُـبُل .
وبعـد بيت المعلم زيـنـل مـسكنٌ لا أعرف سـاكنيه ثم يأتي زقاق أعرف فيه مـسكنين الاول بيت ذيبان
ومسكن الشيوعي كاظم خلاوي ومن هذا الزقاق يخرج زقاق جانبي يربط بين الزقاقين حيث
يقع في ركنه مسكن زميلي شاكر ذيبان ومسكننا العائد لأم إبراهيم الركابي بحيث يكون بيت شاكر
ذيبان ظهرًا لمسكننا وأعرف من بيت ذيبان شـاكر الذي زاملتُه في المدرسة المتوسطة والـثـانوية
وقد التقيتُهُ مُصادفةً في بـداية الـتـسعـيـنات وهـو يرتـدي الـبـزه العـسكريه بـرتـبة عـقـيـد كان ذلكَ على
شارع الخط الـسريع الممتد على طول حي اجنادين التي تقع العمارة التي فيها شـقـتي وحي اجنادين يقع
بين حي السيدية وحي الاعلام .

الدنمارك / كوبنهاجن الثلاثاء في 19 / تشرين أول / اكتوبر / 2019

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع