لماذا يرفض الشباب الجزائري أداء واجب الخدمة الوطنية؟

681

لماذا يرفض الشباب الجزائري أداءواجب الخدمة الوطنية؟

( الوشم ممنوع في الجيش و بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية تأشيرة العبور نحو عالم الشغل)

الخدمةالوطنية إجراء فرضته معظم الدول لتدرب أبناءها من الشباب على الإنضباط و تحملالمسؤولية، و التضحية من أجل الوطن، لكن معظم الشباب إن لم نقل غالبيتهم يرفضونالذهاب لأداء هذا الواجب، فما أن يبلغ الشاب سنة الـ: 18 إلا و يتملكه القلق و حتى عائلته، و تجدهم متخوفون لدرجة أن البعضمنهم يبتكر الأسباب و الأعذار، فهذا يحتج بالدراسة، و آخر يقول أنه وحيد والديه وأنه مسؤول على رعايتهم، و الثالث يتيم و مسؤول كذلك على تربية إخوته و لا يقدر علىتركهم وحدهم بدون راعٍ، و آخرون يجدون في المرض سببا كافيًا للتهرب و عدم الذهاب،أو كما يقال يتغطى بورقة توت، ما جعل الوزارةالوصية ( الدفاع الوطني) تضع شروطا لا يستطيع الشاب أو العائلة التهرب منها و هياشتراط بطاقة الإعفاء من الخدمة الوطنية في ملف التوظيف، حيث تحولت هذه البطاقة إلىتأشيرة عبور نحو عالم الشغل، و هنا يجد الشاب نفسه مجبرا على أداء الخدمة الوطنية،علماأن الدولة وضعت في السنوات الأخيرة و من باب التجشيع بعض التسهيلات مثل تقليص مدةأداء الخدمة الوطنية، و تخصيص منحة شهرية لكل واحد.

لا أحد يشكأبدا أن السياسة العسكرية التي وضعتها الدولة الجزائرية في تجنيد الشباب تدخل فيإطار تحقيق وظيفةالدفاع عن سيادتها وحدودها، و مواجهة التحديات الكبيرة المتوقعة في المستقبل و فيإطار تحديث المؤسسة العسكرية و بناء جيش قوي يعتمد عليه، كون المجندون سيكونون خلفالمن سبقوهم لمّا يحالون على التقاعد أو يتوفى واحد منهم لا قدر الله، إلا أنالظروف التي يعيشها الشباب داخل الثكنات العسكرية قاسية جدًّا حسبما يرويه بعضالشباب المنتهية مدته أي العائد من الخدمة، المسألة لا تتعلق بصعوبة التدريب، وإنما طريقة المعاملة القاسية التي يتلقونها، أين يجد المسؤولون على تدريبهم مجبرون على ذلك حتى يُعَوِّدُوا الشباب على الإنضباطو قد رفعت بعض الدول شعار: “كل شيء يبدأ بالانضباط”، لأنه كما يقال جيش بلا انضباط هوسيرك، و لذا هم يدربونهم على الصّرامة و الإقدام في مواجهة الصعوبات في وقت الأزمات ( الصراعات والحروب) و بالخصوص مواجهة الجماعات الإرهابية ، مثلما حدث في الجزائر خلال العشريةالسوداء، و وفاة الكثير منهم، ناهيك عن طريقة التحويل، و هنا يجد الشباب صعوبة فيالتأقلم مع الوضع، خاصة الذين يُحَوَّلون إلى الصّحراء، و يتعذر عليه رؤية أهاليهملبعد المسافة و ما إلى ذلك، فنجد الأسرة لا تتقبل فكرة أن ابنها يذهب إلى الخدمةالوطنية، بحيث تلجأ إلى البحث عن طريقة تنجيه منها للحصول على بطاقة الإعفاء.

هذه الشروط حسب شهادات البعض تفقد العلاقات بين الجيش والمجتمع، وتكشف عن تغييرات في الجوهر، وليس فقطفي الأسلوب، بحيث تجعل البعض ينظر إلى أفراد الجيش بنظرة تشاؤم و خوف، في حين هناك من تكون له رغبة شديدة فيالإلتحاق بالسلك العسكري لأسباب عديدة منها اقتصادية كالبطالة و البحث عن المستوىالإجتماعي الراقي، و آخرى اجتماعية (المشاكل العائلية)، و الخدمة الوطنية تختلف عنالإلتحاق بالسلك العسكري، الأولى مدتها قصيرة فما أن ينهي الشاب مدته حتى يعود إلىالحياة المدنية و يعيش حياته بشكل عادٍ ماعدا في الحالات الإستثنائية عندما تكون البلاد في حالة لا إستقرار مثلافيعاد استدعاءهم من جديد، و هم الذين يسمونهم les appelesو لهذا يرفض الشباب أداء هذا الواجب حفاظاعلى حياته من جهة و من جهة أخرى لأنه يرى نفسه لاعب احتياط ، خاصة و أن الذين يتماستدعاؤهم من جديد هم من أبناء الطبقة الإجتماعية الفقيرة.

أما الثانية فهي بمثابة قرار يتخذه الإنسان فيحياته، للإلتحاق بالسلك العسكري للأسباب السالفة الذكر، إلا أن الجهة المكلفةباختيار الشباب الذي تراه مناسبا لهذه المهمة، تضع شروطا يمكن وصفها بالتعجيزية، و دون الحديث عن الصحة البدنية التي يجب انيتمتع بها المقبل على “المقاجية” كما يسمونها، أي أن يكون سليم البدن ولا يعاني من أمراض مزمنة، و أن يكون حاد البصر، و أن لا تكون له كذلك سوابق عدلية أو متورط في قضايا إرهابية، نجدبعض الشباب الراغب في الإلتحاق يصطدم أمام بعض الشروط التي يرون أنها تعجيزية، و من هذه الشروط رفض”الوشم”،فعندما يخضع الشاب إلى الفحص الطبي ( العضوى و النفسي) و يلاحوزن وجود وشم في يدهمثلا يتم رفضهم، و كثير من الشباب رغبوافي الإلتحاق بالسلك العسكري تم رفضهم لهذا السبب (وجود الوشم) ، و أصابهم الإحباطرغم حسن سلوكهم و تعطشهم للإلتحاقبالمؤسسة العسكرية، و اصبحوا يشعرون باهتزاز الثقة في انفسهم ، ما دفع بالكثير منالشباب الجزائري إلى الهجرة الغير شرعية ( الحرقة)، أو الإرتماء في أحضان الإدمانهروبا من واقعهم.

هي كما أسلفنا شروطا تعجيزية، فالشاب في سنالمراهقة قد يقوم بسلوكات هي في نظر القانون ليست جريمة، فهل الوشم جريمة؟ فقدكانت النساء في الجزائر في وقت مضى يقمن بعمليةالوشم لدوافع معينة خاصة في مناطق الشاوية، حسب العادات و التقاليد التي دأب عليهاالمجتمع الجزائري، و مهما تعددت الأسباب يبقى السؤال مطروحا لماذا يرفض الشبابالخدمة الوطنية، في وقت نجد نساءً التحقوا بالجيش، و ارتقوا إلى مراتب عليا، فنجداليوم المرأة جنرال، و بغض النظر عنموقعها في المجتمع المحافظ، إلأى أن تكون امرأة برتبة جنرال فهذا يعدُّ مفخرة للجزائر،يبقى السؤال كيف نغرس في الشباب حب الخدمة العسكرية، و نحفزه على الإلتحاق بهذاالسلك في الوقت الذي تشهد المؤسسة العسكرية في الجزائر تطورا و تقدما ملحوظا خاصةبعد إنشاء أشبال الأمّة الذي يعتبر خزان ضباط الجيش الجزائري، كانت هذه مجرد وجهة نظر، و تحية للمرابيط في الحدود دفاعاعن أمن البلاد.

علجية عيش

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع