قراءة نقدية في رواية “القضبان لا تصنع سجنا ” (الحلقة الرابعة)

213
قراءة نقدية في رواية “القضبان لا تصنع سجنا ” (الحلقة الرابعة)
بقلم : الروائية الناقدة (Habiba Meherzi )


الشخوص في رواية “القضبان لا تصنع سجنا’ هل هم ضحايا عابرون أم شهود وثقوا
مظالم الدكتانور؟.
تنبسط الرواية عادة على مسرح قد يتعدد الممثلون عليه ويختلفون حسب خيارات المؤلف وفق معايير يحدّدها مسبقا تخدم التيمة التي ستتكفّل الشٌخوص أو الأبطال بتاثيث مقوّماتها والذين سيقذف بهم فيها تباعا او بالتوازي ليكون بعضهم شخوصا مساعدة تدفع بالأحداث نحو الأفضل وأخرى معرقلة تعوق الخير وتنشر الشّرّ وفي هذا الخضمّ المتلاطم يتولى المؤلف تحريكها بكل حرية وفق المنظومة الرّوائيّة
وتعالقاتها السّرديّة المتنامية لانّه خلق الشّخصيّة الرّوائيّة وليست الشخصية نفسها فهو من يحييها ويقتلها ويحشرها ضمن الخيّرين أو الشّرّيرين، إلا أن الأمر في “القضبان لا تصنع سجنا” يختلف اختلافا جذريا إذ أن الكاتب لم يختر شخصيّاته وانما هي التي اختارته أو اعترضت سبيله دون قصد أو بقصد أو بالأصح هو القدر الذي بث الابطال على اختلاف أعمالهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية والعقائدية والاجتماعية.حوله واجتمع بهم في الواقع المضرج بالحقيقة المرٌة داخل أطر زمانية متقاربة أو متباعدة وأماكن مغلقة أو مفتوحة . شخوص مرسّمة في الواقع الحياتي وفي السٌجلّ البشريّ لا الإنسانيّ ،على الأقل لفئة منهم,لأنّ الإنسانيّة تتبرّأ من شقّ فاعل متنفّذ تجرّد من كلّ تراحم جُبل عليه الإنسان
ككائن تميّز عن سائر المخلوقات بانسانيّته لاغير. .
شخوص بأسمائها وألقابها ومحيطها ومهمتها. شخصيات تتحرك وفق اللامعقول واللامألوف ظلما وقمعا وإجراما مفروضا أو قهرا وتعذيبا متلقٌى تذكر بعهود تجبر الحاكم وغطرسته والتاريخ مضرّج بسجلاّت دامية مرعبة لم ولن تتخلص منها الذّاكرة البشريّة مهما تعاقبت الأزمنة وتلاحقت .
شخوص الرواية يتقدمون بالاحداث ويتطورون للتأثير على المتلقي وفق أنساق مختلفة إو متماثلة لإيفاء التّيمة او بالأصح المحتوى التعبيري الدّلاليّ حقه ليبلغ بهم مرحلة الإقناع والتأثير بواقعية الأحداث بأبطال يشهدون بالحقيقة ويوثقون لمرحلة حولها لغط كثير ومواقف تتقارع بالحجة والدليل على أنها مرحلة قمع وظلم وتجبر .
والشخوص أو الابطال هم الذين سيتولون نقل ما خزّنه الراوي من افكارها ومواقفها وأفعالها الثٌابتة. هؤلاء الأبطال الذين دأبنا أدبيا على حفظ بعض منهم كشخصيات ثابتة في المخيال الإنساني الادبي الحضاري هم الأهم من كلّ مؤثّثات الرواية.
فمن منا لا يذكر “سعيد مهران “للص والكلاب ومن لا يذكر “جون فالجون “للبؤساء”ومن لا يذكر الزين في” عرس الزين”؟ هذه شخصيات خلقها المؤلفون لتتقمص أدوارا رسخت في الذاكرة الإنسانية لأنها تحشر في الحقيقة ضمن منظومة تصوّر الواقع على اختلاف حالاته في تفاعل مع شخصيات أخرى مساعدة أو معرقلة. هذا بالنسبة إلى الرواية بشخوص روائية مكلفة بمهمة وقتية من قبل كاتب يبلغ فكرة بشخوص سينتهون بانتهاء الرواية.
فكيف سيكون الشأن إذا كانت الشخصيات ثابتة في السجلات المدنية الحياتية ومنها من سيوثق ضمن المتوفّين أو المفقودين لتظلّ ذكراهم تنزف فقدا ووجعا ؟
أنواع الشخوص :
_الشخصيات الرٌئيسيّة والثانوية :
المشكل الذي يعترض الدّارس للرواية كيف سيرتٌب الشخصيات؟ ومن الاولى بالبطولة ؟
البطل “الرٌئيس”الذي تخيره الكاتب فعليا ولو بكم من الوجع هو الذي خصه بالاهداء “إلى الرئيس صدام حسين” اهداء كاد يرتّب الكاتب ضمن مجموعة النابحين”عاش الرٌئيس” لأنّه خالف المألوف ونسف كل ما اصطلح عليه في عالم الادب ،اذ من المتفق عليه أن يهدى الأثر الادبي الى حبيب غائب أو حاضر أو إلى والدين سهرا وضحّيا أو.الى صاحب فضل …لكن أن تهدى الرواية لشخص انتهى ذات عيد اضحى وانتهت معه حقبة “ظلمية تعسفية” فهذا هو الشاذٌ الغريب العجيب. لكن للمؤلف تبريراته إذ سيكون المهدى له شخصية حاضرة مسيطرة باذرع أخطبوطية تستطيل وتتفرّع شرا واذى بأعوان وسجانين وجلادين وواشين .غير أنني أرى أن اليطولة متقاسمة بينه كفاعل له كل وسائل الغطرسة والتسلط مع “محمود” البطل الفعلي في الزاوية المقابلة بالمقاومة والثبات على المبدإ والتحمل الذي لا يحتمل .
والبقية كلها شخصيات ثانوية أن اصطفت يمينا أو يسارا فهي في خدمة هذا أو دعم ذاك .شخصيات تحوز الريادة حينا ثم تتهاوى كلاحقة لا تغير شيئا من الواقع مهما كان نوعه شرا أو خيرا هي إذن المفارقات التي يتكفل الادب بتخليدها ضمن أثر واحد مغلق ثابت لا شك فيه .وهو جمع الجلاد مع المجلود .الظالم مع المظلوم .في حيز واحد ضيق جدا “صفحات الكتاب” لتركن كوثيقة لا تغيٌبها الظلمات .
الشخصيات وبتصنيف السلب والايجاب، نوعان: مساعدة ومعرقلة والتي لا يمكن تصنيفها تصنيفا باتٌا لأن زاوية التٌقييم تختلف بين _”المحمودين”و “الصدّامين”
حبيبة المحرزي
تونس
يتبع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع