قراءة نقدية انطباعية في نص(الجانب الآخر)قصة قصيرة جدا ً

271

قراءة نقدية انطباعية في نص (( الجانب الآخر )) قصة قصيرة جدا ً
 الكاتبة المصرية هدى حجاجي أحمد.. بقلم: محمد الخفاجي


في القصة القصيرة جداً دائماً ما نبحث عن شيء جديد أو بالأحرى عرض
للحدث بأسلوب جديد عصري حداثوي، لأننا لـو أبقينا على طريقـة السـرد
الكـلاسيكيـة التقليدية والحكائية المفرطة التقريرية مع تكرار الموضوعات
المطـروحة المتكومة لدينا لن نتقدم خطـوة وأصبح ما يُكتب خـلالها مجرد
إعادة واجترار للحالة المعاشة واقعاً وخيالاً و التي تم سبر غورها مراراً
وتكراراً.
في نص الجانب الآخر العنوان جاء بثنائية الكلمات مضاف ومضاف إليه
معرفة مضافة إلى معرفة وكما يبدو لأول وهلة قبل قراءة مـتن النص أن
هــذا العنوان يوحي بمعـرفة الجـانب الآخـر أو يريد منـا أن نتعرف على
الجانب الآخر مما بين الأسطر أو من خلال تصرف الشخصيات.
الشخصيات في النص قليلة جداً ومحدودة وهذا من شرائط القصة القصيرة
الفنية.
الشخصية الرئيسية أو شخصية الحاكي الذي يدير الحبكة و الصراع داخل
النص، وشخصيتان ثانويتان صديق لـه وامرأة، هذه المـرة في باص كبير
لنقل الركاب، أما زمان الحدث فمحصور في ذلك الباص أو متوائم معه.
وخلال سير الأحداث وتتبعها من قبل الشخصية الرئيسية شخصية الحاكي
هناك حوار قصير يتم بين شخوص النص له وظفيته التي لا يمكن العبور
عليها.
فحوى النص وإجمال ما دار فيه منذ ركوب الشخصيات الرئيسية الباص
تـروى بلسان الحاكي المتكلم، هـو في الباص الأتـوبيس قـبل أن يتـحرك
تصعد امرأة جذابة ترتدي لباساً لافتاً يظهر مفاتنها، صديقه يتركه ويجلس
قربها، يبدأ هو الحاكي بإخراج قلم من حقيبته يدون فيه بعض الأفكار..
يحصل بينه وبين صديقه حوار ما، وبين المرأة وبينه حوار آخر بعد أن
يتحرك الباص، يصف ما حوله حاكياً مرة داخل الباص وأخرى خارج
الباص زمانياً ومكانياً مع مناجاة لداخله وتتبع لما يكتب، هناك تنافر كما
يبدو بينه وبين المرأة ظاهرياً لكن هناك تجاذب خفي بنحو ما.
الأسـلوب الذي تم فيـه حبـك النص هو السـرد المباشر للأحـداث القادمـة
حسب تسلسلها الحضوري في الزمان والمكان بلا عودة للوراء أو طفرة
للأمام.
اعتمد النص على جمل إيحائية قصيرة مثل ( سيجارة تنال ثوابها من
لثم الشفتين ) ( أن من يقطف بعض النجمات يجب عليه أن يتودد إلى لليل
فيهديها إليه ) ( راحـت ترقب القمـر، كان يظهـر للحظات ثـم يختفي بين
سحب الخريف ) ( وبدأ القلم في رسم الكلـمات والمعاني والأفـكار طبقاً
لشروط العقد الموقع بينه وبين الورقة ).. والإيحاء يجعلك تفكر فيما قيل
لتفهمه بعد أن تتمتع به.
كذلك هناك عبارات تخبرك بما احتوت عليه نفس الشخصيات من بواطن
وخلجات لسبر غور ما حـولها مثل ( وجهت ردفيها إلى المساحة الخالية
جـواري فتـوارى المقعد تحـتها) ( وجـدت عينيه منشغلتين بالخـوض في
صدرها العـالي ) ( وقعــت عيني على بيـاض ساقيها مـن خـلال الفتحـة
الأمامية ) ( وجدت أن وجهها كاد يلامس وجهي وهي تتأملني ).. وهذه
العبارة لها دلالها عـند المتلقى، سيصورهـا كـمشاهد ذهنية تتفـاعل معها
حواسه وتتحرك صوبها انفعالاته.
أما الخاتمة فهي مـا فسرت لنا العنوان وجعلتنا ننظر إلى الجـانب الآخـر
وهـو قـول: ( فهمتني هي ولم تفهمني أنت يا صديقي) فهناك من لا يفـهم
الوجهة الأخرى لاقوالك وأفعالك رغم قربه منك.
وقـول: ( ومـن المؤسـف أيضا ًأنها كـانت تنظر إليك وترغـب فـيك ولا
تطيق نظراتي..) الذي يجادلك ويخاصمك أحياناً قد يكون يحبك كثيراً بل
ويفتقدك أكثر ممن حوله الذين لا يطيق توددهم مهما كان.
نص لا بأس به نجح نوعاً ما في جذب الانتباه والتمتع بقراءته مع فيض
من الإيحاءات والعبارات القصيرة المتنقلة ما بين سرد وحكاية وحوار
وخاتمة جيدة تسلسلت مع حبكة الأحداث وعنوان النص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع