في ذكرى مولد رسول الإنسانية

استنهاض لتعزيز الوحدة الإسلامية

162
في ذكرى مولد رسول الإنسانية
استنهاض لتعزيز الوحدة الإسلامية
عدنان عبد النبي البلداوي

 

قبل مولدك يا سيدي يا رسول الله كانت الأرض منتفخة أوداجها، تستغيثمن جثوم الأوثان على صدرها المكروب، ولا يكاد يمر إعصار على رمالها إلا وفيعنفوانه استنكار وغضب بوجه الهمجية والعشوائية الجاهلية .

الشمس كانت تشرق قبل مولدك، ولكن رغموهجها تذرف دموع الأسى والحزن أسفا على رؤوس تحمل الظلم ومفاهيم الإستعباد واضطهادالضعيف ووأد الأبرياء .. لقد كانت الألسن عربية فصحى والقلوب تعشق مثلما هي غلاظ،ولكنها كانت لاتعرف للإيمان معنى، ولا للاتصال الحقيقي بالواحد الأحد كيفية.. كلذلك كان ضمن مدارات الحياة اليومية قبل الرسالة، وجاء اليوم الذي تمخض عنه الصبروكان يوما مشرقا بهيجا يحمل نسائم المولد الجديد … اليوم الذي استنفرت فيه الأرضمستبشرة بانفراج أزمتها وانشراح صدرها … وكان شاهد استنفارها أنْ تصدّعَ إيوانكسرى، وكان شاهد زهْوها أن تهاوت الأصنام مدلة على سفاهة القوم وحماقتهم .

إن المعاجز ولدت معك يا رسول الله، إذلن يألف أفراد المجتمع الجاهلي إن انسانا مثلهم يأكل الطعام ويمشي في الأسواق،ولكنه نور يلقي بومضاته هنا وهناك .

وجاء الوعد الحق (وأشرقت الأرض بنورربها ووضع الكتاب).. لقد بدأ كل شئ يتغير، فالقلوب التي أسلمت وآمنت بالله ورسوله،سرعان ما أوعزت الى النور الذي باركها الله به ليفترش سيماء الوجوه، مكتسحا المقتوالعنجهية..

أجل كل شئ بدأ يتغير حتى حركة الأقدامعلى أديم الأرض ، إذ لا قوة تزحزح الأقدام الثابتة على مبادئ الدين الحق، تقابلهاأقدام مرتعشة لا يقرّ لها قرار، ليس لأنأصحابها جبناء، بل لمرض في قلوبهم،تلك القلوب التي كانت خائفة من صوت رجل اسمه(محمد) يهدد نفوذها، ويقضّ مضاجعها، ويضعضع وسادتها القبلية..

أجل بدأ كل شئ يتغير منذ ولدت يا سيديالمصطفى، حتى الأكف على مقابض السيوف، فكان منها التي ظلت تدافع عن معتقدات وهميةخرافية فرضتها التقاليد القبلية الموروثة المفتقرة الى التوعية والرشاد، تقابلهاالأكف التي منذ ان تعرّقت أناملها بندى الحب الإلهي، عشقتْ أرسان الجياد، لتجوبالعالم، ناشرة في بقاعه تعاليم السماء، بتوجيه القائد محمد والهادي محمد والمبشرمحمد.

لقد تحدّثتَ يا فخر الكائنات وأنت أفصحالعرب، وبدأت تقود الجمع المؤمن وأنت أحكم العرب، وأخذت تبشر بالرسالة وأنت أشجعالعرب، وهزمت دهاة القوم وأنت عبقري العرب ..ففي أي يوم أو أي ساعة نقيم لك فيهاذكرى إنما هو التجديد الدائم لنشدان الحق، وبث الحيوية الإيمانية المتواصلة …

فياربّ بحق حبيبك محمد، عزز بالإيمان الدائم ديمومة الوحدة الإسلامية، واخذل دعاةالتفرقة وكل من يثير النعرات الطائفية، وأيّد بالنصر دعاة الحق، ويسّــر أمرالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر انك سميع مجيب .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع