روح تحومُ حولَ كرسيٍّ

163

سامية خليفة/

أحومُ كفراشةٍ حولَ كرسيٍّ وحيدٍ أعزلَ يرقبُ النِّهايةَ بيأسٍ،يتساءلُ أين المشهد الأخير؟ أنا وحدي المدركة بأنَّها مسرحيةٌ بكماءُ لذلك لن أستغربَ لماذا تمدُّ بعنقها لتطالَ الغفواتِ لتوقظَ الأمواتَ سأقفُ حياديّة لن أكونَ في المسرحيَّةِ المشاهدةَ سأتركُ الكرسيَّ خاويًا منسدلَ الظَّهرِ عقيمَ الحركةِ ،ولن أكونَ فيها البطلةَ رغم أنَّ هاجسًا يقولُ لي بنبرةٍ مرتعشةٍ ادخلي في الصِّراعِ أو ارحلي لا تقفي مكتوفَةَ اليدينِ كما لو أنَّكِ قطعةٌ محنَّطةٌ جوفاءُ في متحفٍ ، يناقضُ ذلك الصوتُ فحيحٌ آت من أعماقِ ذاتي يقول ربّما في المشهدِ الأخيرِ قميصٌ لم يقدَّ من دبرٍ وتكونينَ أنتِ المتَّهمةُ الوحيدةُ وربما هذه المسرحيةُ كانت واقعًا وأنتِ لا تدركينَ التَّمييزَ بين التمثيلِ والواقعِ أو ربما هناك مأساةٌ جديدةٌ ستلبسُكِ ثوبَها الأسودَ وهي تحفرُ بأنيابِها جثثًا لتكونَ الجثثُ بحدِّ ذاتِها مدافنَ تُطمرُ فيها الحقائقُ،أما عقلي الواعي فيقولُ لي إيّاكِ أن تشاركي في مسرحيةِ الحقائقِ وإبليسُ عدوٌّ لها قد يمسّكِ منهُ أذًى فيغرق سمومَهُ في جسدِك وأنت في سباتِكِ العميق. أنا لن أشاركَ في مسرحيةٍ تبتدعُ لها مخيَّلاتُ كاتبٍ مجنونٍ نهايةً مأساويَّةً لأكونَ فيها قطارًا هرمًا من عمر أجدادي نسيَ صافرتَه وداسَ فوق السِّكةِ وقتلَها !تراودني فكرةٌ رعناءُ تقولُ لي أنَّ الجمادَ يشعرُ ويموتُ ،أنا لن أجرؤَ على إعلانِ انتمائي إلى مسرحيةِ الوطنِ لأنّي حتما سأكونُ البطلَة الشَّهيدَة مذْ ستطأُ قدماي عتبةَ المسرحِ مزنَّرة بعشقي الثَّوري إلى لحظةِ حملِ نعشي على الأكتافِ لا أحدَ يعرفُ ما سرُّ مسرحيَّةٍ بلا نهايةٍ إلّا أنا هي لن تحتاجَ إلى فصلِها الأخيرِ لأني استُشهدتُ مع كلِّ شهيدٍ بطلٍ وللمرَّةِ ما فوقَ الألف أما الكرسيُّ الأخيرُ فكانَ شاهدَ قبري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع