تجلّيات الحياة و الموت في المجموعة القصصية”على هامش صفحة”للكاتبة فضيلة بهيليل

539

Image result for ‫على هامش صفحة‬‎

نحن حين نحيا نموت لنحيا ع . ب

” كلّما اكتمل الغياب

حضرت ..

و انكسر البعيد،

فعانق الموت الحياة

و عانقته …كتوأمين

إنّ ظاهرتي الحياة و الموت من المواضيع التّي شغلت فكر الإنسان منذ نشأة الخليقة، و أرّقته حيث وجد نفسه عاجزا عن إيجاد تفسير لها، ممّا استدعاه يعمل عقله حدّ التّفلسف و خلق طقوس بشأنها تجلّت في ثقافته الأدبية و الفنية و الاجتماعية.

و هذه الظّاهرة لم تقتصر على شعوب بعينها بل حتّى الإنسان الحديث من خلال مفكّريه       و أدبائه و رسّاميه عالجها من منظور مختلف بحسب موروثه الثّقافيّ و الدّينيّ إذ تمظهرت لعبة الحياة و الموت كفلسفة تمجّ بها الحياة ….

و هذا ما أحاول معالجته ضمن قراءتي المتواضعة لمجموعة ” على هامش صفحة ” للأستاذة الدّكتورة فضيلة بهيليل حيث عنونته بـ ” تجلّيات الحياة و الموت  في المجموعة القصصية ” على هامش صفحة ” للكاتبة / الدّكتورة  فضيلة بهيليل

حين أنهيت قراءتي للمجموعة شدّت انتباهي عبارة واردة في ذيل نصّ ” على هامش صفحة ” الذّي به عنونت المجموعة حيث أشار صراحة إلى نهاية مأساوية لعلاقة حميمية جمعت بطلة القصّة بمن كانت تراه فارس أحلامها الموعود … الآتي من زمن الحبّ غير أنّ ذلك كان مجرّد لعبة دفنت الحياة إلى الأبد تاركة جرحا دفينا لا يندمل … موتا أبديّا لكلّ ما يشير إلى الحبّ ….

بعد سنوات قرأ قصّتها فكتب لها خطابا :

” غاليتي:

أن يكتب عمرك على هامش صفحة قد يعني ذلك أنّ في حياتك ما يستحقّ .. فالحياة الحقيقية هي تلك التّي يصنعها الهامش باقتدار ثمّ ينسحب تاركا للغوغاء كلّ الأضواء القذرة…” ([1])

هكذا يختتم الهامش لعبة الحياة و الموت منسحبا تاركا للغوغاء كلّ الأضواء القذرة …

على هامش صفحة هي مجموعة قصصية للأستاذة الدّكتورة فضيلة بهيليل صدرت عن دار الكلمة للنّشر و التّوزيع في السّداسي الثّاني من سنة 2016 ،  و قد احتوت على ستة عشر نصّا سرديّا يتراوح بين طول كما هي الحال في ” زيارة ”  و قصر كما في ” كذبة قاتلة ”

و بالوقوف على تخوم المجموعة القصصية، فإنّ أوّل ما يشدّ انتباهنا هو العنوان ” على هامش صفحة “، كنصّ على حدّ رأي هاليداي و رقية حسن يبرز كأيقونة جاثمة على صدر النّصّ فهو بلا شكّ يختزل تجربة إنسانية حياتية تأرجحت بين النّجاح و الفشل في قالب سرديّ أرادت الكاتبة   أن تجسده بالكلمات، و هي تستوقفنا من ناحيتين:

الأولى: المستوى الإفرادي، حيث تحمل كلمة ” هامش ” كثيراً من المعاني و الإيحاءات         و المواقف الإنسانية التّي تحيل على الضّياع و العزلة ……

و الأخرى: المستوى التركيبي، حيث جاء العنوان جملة اسمية بسيطة مكوّنة من شبه جملة مرتبط بخبر محذوف يليه مضاف إليه , حذف منها عنصر أساسيّ مكون لها ، و الذّي   لا يجد القارئ صعوبة في تقديره ، لكنَّ عملية الحذف – لاشك – حملت من القيم الجمالية ما يتجاوز تقدير الجزء المحذوف، لعلّ أهمّها: أنّها فتحت أفق النصّ إلى ما لا نهاية، و جعلت البدائل اللّغوية تتزاحم لملء الفراغ القائم , و التّي يمكن تقدير بعضها بـ ” على هامش صفحة امرأة ” ، ” على هامش صفحة تقبع امرأة ” ، ” على هامش صفحة تجلس امرأة “، على هامش صفحة تحترق امرأة … إلخ” . و بذلك حفَّز العنوان, ببنيته التركيبية القائمة, المتلقّي أن يتأهب لسماع كلام في الحسرة و الكآبة و الشوق، و اعتراف بالهزيمة ، و تعلّق بأحاسيس و قيم وجدانية فياضة، و قد حذف المبتدأ بشكل قصديّ معبّر عن الهامش، و أيّ تكهّن للمبتدأ ما بين تقديم و تأخير تبقى مسألة تقديرية يصحّ فيها تأخيره وجوبا على أنّه نكرة …و لا يصحّ في هذا المقام أن يرد معرّفا ليأخذ مكانه في أوّل الجملة .. إذ القصدية من حذفه ها هنا تؤكّد بالقطع أنّ  تهميش الذّات هو نوع من تنكيرها ….بل تنكير الاسم يشي بتهميش الذّات.

كما تجلب انتباهنا صورة الكتاب و التّي تظهر فيها امرأة ترتدي السّواد قابعة على هامش صفحة كتاب يتّسع فضاؤه بياضا يشي بالحياة تتّجه بنظرها نحو سواد يرمز هو الآخر للضياع و التّيه   و الموت المحتوم .. فكان التّطابق و التّشاكل بين الصّورة و الكتابة أكثر انسجاما و تناغما حيث تجلّت الكتابة شعرا ناطقا، و برزت الصّورة شعرا صامتا.

فإن كانت صورة الغلاف لا تتطابق مع المكتوب بكلّ تفاصيله، رغم التّعالق الموجود بينهما، إلاّ أنّ هذا يعني أنّ الصّورة اختصرت ما كان يمكن أن يسمح بقراءات تأويلية قد تنهك النّصّ      أو تحمّله أكثر من طاقته.

و المنصوص في كلّ ما احتواه يتراوح بين حياة و موت من خلال التّجربة المتعدّدة المريرة التّي عاشتها البطلة – السّاردة نفسها – و عايشت تفاصيل أحداثها، بل صنعت أحداثها كما خطّها حرفها المتلألئ الذّي اتّسم بالرّقّة الممزوجة بالأمل حينا و بالاغتراب و لوعة الفراق حينا آخر،  و صدمة الفشل و بلاغة العبارة من خلال الإيجاز في الجمل التّي تراوحت بين اسمية دالة   على الاستمرار و فعلية مرتبطة بزمن معيّن كأنّ هذا الزّمن كان محسوبا يشي بشيء غير منتظر نتيجة النّكبات و النّكسات و الصّدمات المتتالية ضمن مرافيء متعدّدة و متلوّنة.

و من خلال ممارستي فعل القراءة كقارئ و بتواضع على نصوص الأستاذة الدّكتورة فضيلة بهيليل ضمن تجربتها التّي تنبئ بمستقبل واعد للكاتبة في حقل الإبداع السّرديّ، تقاطعت       مع رأيين لكلّ من الأستاذ النّاقد قلّولي بن ساعد حين أشار إلى أنّ هذه التّجربة تستحقّ التّشجيع، و لامست ما أشار إليه الأستاذ عبد الحاكم بلحيا في تعليقه الأخير على الكتاب حين أشار     في عبارة كانت في منتهى الجمال و صدقية الرّؤيا النّقدية قائلا : ” نصوص فضيلة بهيليل فيوضات وجد أكثر منها منجزات تفكير، يلتقي فيها النّصّ و صاحبه اعتباطا، بلا موعد         و لا ترتيب .. و ينبثق الحديث بينهما على سجيّته، ملقيين بينهما و بين التّقعيدات النّظرية حجابا مستورا ….” .

كما أنّني ، و بعد تردّد في خوض غمار التّعليق على النّصوص بما اهتديت إليه فيما يخصّ تجلّيات الحياة و الموت في المجموعة، ذاك التّردّد نابع من قناعتي أن لا أكون قد اعتديت    على النّصوص أو جنيت عليها بما لا يليق بمقامها … و بعد تفكير استقرّ ذهني على ضرورة خدش ما في الذّاكرة للوصول إلى مبتغى المبدعة و غاياتها.

فالغاية ها هنا هي الدّفاع عن المرأة المسلوبة في مجتمع ذكوريّ بامتياز.. مجتمع غارق في هالة و شطحات و برزخ منتوج القبيلة و موروثها البالي و ذهنياتها البائسة التّي لم تستطع تجاوز عقدها الغارقة في ماض ندفع ثمنه رجالا و نساء رغم أنّ قساوته على النّساء أكبر بكثير، برزخ يرى في الذّكر رمز البطولة و الشّجاعة و النّقاء و لا يرى في المرأة سوى القبح و الخيانة       و اللاّصفاء و نقص العقل و يعتبرها سلعة رخيصة لا تمرّ إلاّ عبر سرير الرّجل ليفرغ فيها صخبه و جنونه…. و هي في الوقت نفسه نقد للفكر البائس الذّي لا يزال يلازم هكذا عادات    و تقاليد و ينسج حولها خيالاته مبتهجا بها حدّ النّشوة و الانتشاء، و لا يرى فيها سوى جنانه الموعود و قمّة نقائه و شريان حياته، و صورته النّادرة رغم أنّنا قطعنا شوطا كبيرا في الانفتاح على الغير دون انفتاح ذواتنا …. صرنا أسرى القبيلة بثقافتنا و سياستنا و اجتماعنا …..

و خلال قراءتي هذه شدّت انتباهي مسألة الحياة و الموت التّي حاولت الكاتبة من خلال تجربتها المتواضعة سبر أغوارها التّي نسجتها عبر مسارات كلمات و جمل و عبارات دالّة على ذلك يمكن تطويقها من خلال نصوصها.

فالحياة تتجلّى في التّفكير الذّي يعني الوجود ” أنا أفكّر إذن أنا …” ([2]) في قصّة ” أنا أفكّر “، و الجلوس في الشّرفة، و سماع أصوات باعة الشّاي الصّحراويّن و باعة السّمك، المنتشرة هنا    و هناك، و امتلاء الشّاطيء بشكل فوضويّ بالنّاس، و ظهور الشاب مفتول العضلات، و الفتاة ذات الشّعر الأشقر…. في ” لا يعنيني “، كما البشرى و التّرقّب، و عقد التّوظيف، و اختلاط الأصوات في الشّارع، و النّداءات المتفرّقة … في ” ضريبة باهظة “، و ملاطفة الذّكريات ،     و بريق العينين ، و الابتسامة المغرية، و روعة الحياة في ” أقنعة ” ، و رسائل البريد، و المرافقة بلا عناد، و زيارة الطّيف، و وسادة الحلم، في ” عناد طيف “،  و يهرول ملتفتا فاغرا فاه …..، و البلوغ، و العودة من المدرسة، في ” الثّأر المرّ “، ” ستكونين بحياتي كلّ الأيّام….”….كلّ الفصول ” في ” كذبة قاتلة “، و الشوق القادم ، و ليالي السمر الصيفية، و الوعود،  …       لا تتركني …..أبدا ….، و مطر الشوق، في ” كبرياء “، كانت متعلقة به، بشر، دكاكين، سلع، طرقات تتقيّأ بشرا…..،

كلّ هذه العبارات المسبوكة بانسجام و تناغم دلّت على الحركة و الاستمرارية، استمرارية الحياة  و استمرار الحبّ و الفرحة معها يصحبهما شوق لحياة أفضل، حياة استقرار، بثمن الحبّ الذّي نسجت خيوطه عبر كلّ وسائل الاتّصال المتاحة….

غير أنّ الإساءة تحدث في محطّة لقاء كانت منتظرة بشوق و أمل بعد غياب طال مداه، ملأه حنين للقاء تصالحيّ مع الذّات و تجديد العهد، عهد تلك المحبّة التّي انبنى عليها مسار حياة بطلة القصّة في ” على هامش صفحة “، يفضي في الأخير إلى صدمة، و انكسار، و هنا يحدث التّحوّل في مسار العلاقة التّي كان يشوبها القلق، قلق الانقطاع الذّي طال، حين تسأله عن الرّواية التّي سمعت أنّه كتبها ” سمعت أنّك كتبت محاولة روائية، أهي بحوزتك؟ “….       ” لم أنهها بعد، لكن يمكنك قراءتها فهي معي.” ([3]) … و بلهفة من يروم اكتشاف شيء أحبّه، تسارعت الحركة في شكل لولبيّ حيث تسرع تقلّب مسودة الرّواية طمعا في كشف سعادة تتوق إليها من خلال عبارات ما أنتجته الصّفحة، حيث و بانقباض و تكسّر تسقط عينها على اسم تكرّر مرّات و مرّات منذ جامعة النّصر، اسم حبّ ثان، اسم ( كريمة ) الفتاة التّي صنعت قناعه  الذّي كان يتخفّى وراءه إذ تسأله ” ألم تتب عن هذا الاسم بعد؟ ألم تجد غيرها لتزيّن بها روايتك؟ ” ([4])، و هنا تأخذ الأحداث مسارات أخرى إذ ينقلب الشّوق إلى جحيم نار حسرة يتآكل معها الجسد، و تتشظّى معها الذّكريات حيث لا يبقى منها سوى ما كتب على الورق من رسائل ورديّة تشهد على تجربة حبّ وئد خارج مهده لتبدأ الحياة الأخرى، تبدأ لعبة الموت لا بمفهوم انفصال النّفس عن الجسد كما في فلسفة سقراط موت شوق و ذكريات حيث تجسّدها كلمات و جمل     و عبارات واردة في المجموع كـ ” ظنّك الأوّل أدخل ابننا السجن، و الثّاني قتل ابنتي و ترك قلبي ينزف ” …ف ” أنا أفكّر..” ([5])، و جملة ” لا يعنيك….” و ” أختي سرق محلّنا الجديد عن آخره …”  في ” لا يعنيني..” ([6])، و ” … سبقتها سرعة السيارة ، فوقعت نهايتها قبل أوّل يوم من أيّام ندمها.” في ” ضريبة باهظة([7])، و ” كان بريق قناعه مبهرا و لا أثر لغبار الغدر عليه….”، ” … حسبتك هي .” و ” … فالحياة كانت فعلا رائعة لكن بدوننا ن بدون أقنعتنا                  و خياناتنا…”، و ” …سأقفل بابك …”، و ” سأنهي فصول هذه الرواية …” في ” أقنعة([8])      و في عبارة أخرى من ” عناد طيف ” يتحدّد الموت ب ” …فجيعة فقداني حرفك و فجيعة احتراق رسائلك على مرمى الذّكريات …..” ([9])، كم أنّ فاجعة فقد الولد يوسف هي الأخرى موت       في ” الثّار المرّ ” ، كما يتجلّى الموت من خلال البحث عن امرأة أخرى في ” كذبة قاتلة ”      و ” كبرياء “، و الرّحيل دون عودة في ” مدينة الملح …و العطش“، كما أنّ رفض العمل كان موتا قاتلا حيث ترد عبارة ” حسمت أمري، لا أريدك أن تعملي بعد الزّواج …..” في ” السّقوط حزنا…” و الذّي أعتقد يعتبر تجربة ثانية في مسار العلاقة العاطفية للبطلة، كما مثّلتها رغبة   في الرّحيل في ” أتمنّى أن تجدي من يفهم جنونك و تسعدي برفقته….” في ” سعادة على حافة البكاء ([10]).

غير أنّ تلك الأزمة و الحسرة و الفشل و الإقصاء العمديّ لم تنه الحياة، فقد نموت لنحيا كما هو في التّأمّلات البابليّة و الآشورية، و المفاهيم الميثولوجية، و فلسفة السومريين و الإغريقيين . فالموت عندهم ليس نهاية مطلقة للحياة أو أنّه فناء كامل بل هو انفصال الجسد و الرّوح و تحلّل الأوّل، و انتقال الرّوح من نمط للحياة أو الوجود إلى نمط آخر، بمعنى عودة الحياة من جديد   أو ما يطلق عليه الانبعاث .. و الموت لا يناقض الحياة، بل هو وجهها الآخر، فالطبيعة تجدّد نفسها عن طريق الموت و الانبعاث للوصول إلى حياة طريّة جديدة كما هي حال موت الإله    ” دوموزوي “.

و نستطيع إدراك هذه المفاهيم من خلال نصّ ” زيارة ” الذّي أجزم أنّه آخر نصّ منتج         في المجموعة القصصية ؛ لأنّه يشي بتجدّد لعبة الحياة بعدما كان الموت قد أفنى جسدا، و حلّله من كلّ ما هو جميل سوى الذّكريات و الأشواق التّي أبقى عليها، لتأتي الزّيارة و يقع الانبعاث من جديد بما حملته هذه الأخيرة من عودة الحياة من خلال استدعاء الأولياء الصّالحين، سيدي بوجمعة، و سيدي بودخيل، و ممارسة الطّقوس التّي اعتادت عليها القبيلة، و التّي تدلّ ممارستها على استمرار الحياة، و استذكار الماضي البهيج، و الحنين إلى زمن البراءة، براءة الطّفولة،     و زمن النّقاء و الصّفاء في البادية بين أحضان الطّبيعة، و مرافقة الطّيف ليلا، و انتشار الخيام استعدادا لوليمة الوليّ الصّالح سيدي بوحمير ( الوعدة )، و رجوع المرأة التّي سكنها الجنّ المسلم إلى وضعها الطّبيعي كما تشير إليه العمّة صفيّة بقولها: ” يا بنتي الحمد لله اللي سكنك كان مسلم و إلا ما كنّا شفناك رجعتي لنا شافية مرة أخرى….” ([11])

و هنا يمكن الوصول إلى استنتاج ضمنيّ نستقرئ من خلاله العلاقة بين الصّفحة و الهامش. فالصّفحة لا يمكنها الاستغناء عن الهامش و إن رامت ذلك؛ لأنّه هو بطاقة هويّتها بالإحالة      و الشّرح و التّفسير و الزّيادة …..، كما أنّ الهامش لا يمكنه البقاء و الاستمرار من دون الصّفحة لأنّها روحه بامتياز، و لأنّها بياضه الذّي عبق بأجمل ما تدرّ به الأنامل الملساء، فتغدق عليه أجمل ما في الحياة ….

و مهما يكن فإنّ المجتمع كيفما كان، لا يمكنه الطّيران بجناح واحدة، فجناحان اثنان هما الكفيلان بالطيران في الفضاء الشّاسع الواسع ، كما هو حال الرّجل و المرأة، فلا يمكن تصوّر مجتمع ذكوريّ تغيّب فيه المرأة باسم العادات و التّقاليد الظّالمة، إذ سنصير شعبا إذا نسينا ما تقول لنا القبيلة على حدّ قول محمود درويش ، كما لا يمكننا أن نتصوّر مجتمعا أنثويّا يكون فيه للمرأة الحظّ الأوفر، بالرّغم من النّجاحات التّي حقّقتها في السّنوات الأخيرة، و غزت كلّ العوالم بامتياز و جدارة بل لابدّ لاشتراك الاثنين في إدارة زمام المجتمع للوصول إلى الأهداف المنشودة أهداف التّنمية و التّقدّم و الرقيّ …….

فوصف الهامش – في المجموعة – لعشيقته بأنّها تستحقّ أن يكتب عمرها على الهامش كإشارة للالتصاق به، و هو فعلا ما نستشفه عبر مسارات نصوص على هامش صفحة، ووصفه لمن ترك بالغوغاء – و الذّي لم تسلم منه حتّى محبوبته – هو خيانة عظمى بل هو كشف عن القناع الذّي ارتداه على مدى التّجربة العاطفية التّي كان مآلها الفشل حتّى حين انتهت إلى نهايتها المحتومة عادة و هي الزّواج، حيث اختتمها بالرّحيل تاركا جراحا لا تندمل، و فراغا قاتلا.

و في الأخير ما يمكن الوصول إليه هو أنّ منتوج الأستاذة الدّكتورة فضيلة بهيليل عمل يستحقّ القراءة و الاهتمام دراسة و نقدا؛ لأنّه خاض غمار موضوع يعتبر من الطّابوهات، و كشف المستور عن شكل العلاقات التّي يفرزها المجتمع الغارق في قبليته، و ما يمكنها أن تنتج       من مشاكل يصعب معالجتها، و ظاهرة الطّلاق إحدى نتائجها ……..

بقلم الأستاذ: عمر بودية

 

[1] – على هامش صفحة – فضيلة بهيليل ، ص 92 ، دار الكلمة ، ط 01 ، 2016

[2] – المرجع نفسه ، ص 19

[3] – نفسه، ص 88

[4] – المرجع نفسه، ص 89

[5] – نفسه، ص 19

[6] – نفسه، ص 21

[7] – نفسه، ص 23

[8] – نفسه، ص ص 25، 26

[9] –  نفسه، ص 27

[10] – نفسه، ص 73

[11] – المرجع نفسه، ص 68

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.

آخر المواضيع