تاريخ الكورد للأجيال(الجزء الرابع عشر والخامس عشر)

177

الجزء الخامس عشر

المصادر
دراسة فلاح ميرزا محمود عن الأقوام والطوائف التي سكنت بلاد مابين النهرين
الدراسات التي قام بها المؤرخين العرب والأجانب
المصادر التاريخية التي تمتد إلى قرون قبل الميلاد وقبل الإسلام

تكملة إمتداد الجذور التأريخية للشعب الكوردي في أعماق كوردستان

دراسة تتناول الاقوام الاخرى التي قد تكون أيضا ضمن الجغرافية المسماة اقوام مابين النهرين اطلقوا عليهم اسم الشيعة ولا ادري ماهو المقصود بتلك التسمية التي قد تكون لاتشبهة ماهو معروف اليوم ولنرى ماذا قالوا عن ذلك .

الدلائل التأريخية تُثبت بأن شيعة العراق الحالي و شيعة خوزستان الإيرانية هم آريون من أحفاد الإيلاميين (العيلاميين) و السومريين و الميديين . كانت مملكة إيلام تضم اجزاءً من بلاد ما بين النهرَين وشرق ايران، حيث كانت حدود الدولة العيلامية تمتد من أصفهان شرقاً و ضفاف نهر دجلة غرباً والخليج جنوباً والطريق الموصل بين بابل وهمدان شمالاً. بلاد سومر كانت تمتد من المدائن (سلمان باك) الى القفقاس. كانت تحد الإمبراطورية الميدية من الشرق أفغانستان، بل كان بعض أراضي أفغانستان جزء من ميديا، ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الشمال مناطق “كادوس” فيما وراء نهر آراس ومن الجنوب الخليج الفارسي، حيث كانت الإمبراطورية الميدية تضم كلاً من فارس و أرمينيا و آشور و إيلام و هيركاني و شمالي شرقي سوريا و جزء من باكستان على المحيط الهندي. من خلال الحدود الجغرافية لمملكة إيلام و بلاد سومر و الإمبراطورية الميدية نرى بأن منطقة وسط و جنوب العراق الحالي كانت جزءً من هذه البلدان الثلاث. في هذه المقالة أشير بشكل مختصر الى الأصل الآري لشيعة العراق و شيعة خوزستان في إيران، حيث سأنشر دراسة متكاملة عن كون السومريين أسلاف الكورد و شيعة البلدَين المذكورَين في سلسلة مقالات مستقلة.

يذكر كل من هنري فيلد و عالم الآثار سيتن لويد بأن سكان الأهوار في جنوب العراق هم أحفاد السومريين. كما يقول الدكتور شكر مصطفى سليم بأن عشائر سكان أهوار دجلة، أي المجموعة الشرقية، كانوا منذ أزمنة بعيدة على إتصال وثيق مع جيرانهم الشرقيين عن طريق الهجرات والتزاوج وعلى نفس المنوال كان سكان أهوار الفرات، أي المجموعة الغربية على إتصال مع جيرانهم البدو. يقول هنري فرانكفورت بأن منطقة الأهوار في جنوب العراق كانت مأهولة منذ الألف الخامس أو الرابع قبل الميلاد و أن سكانها قد قدموا من كوردستان.

هذه الإكتشافات و الدراسات تُثبت بأن سكان الجنوب العراقي و الكورد ينتمون الى شعب واحد. الشيعة في العراق كانوا يعيشون على الضفة الشرقية لنهر دجلة في محافظات واسط و ميسان و بغداد و ديالى الحالية، حيث كان الكورد يُشكّلون أغلبية سكان الوسط و الجنوب العراقي آنذاك، إلا أنهم عُرّبوا و إستعربوا بعد الغزو العربي الإسلامي لبلاد ما بين النهرين في زمن عمر بن الخطاب. هكذا فأن الكورد و الشيعة، لا يشتركون فقط في الظلم التأريخي الذي تعرضوا له عبر تأريخهم الطويل و كونهم ضحايا المقابر الجماعية و الأسلحة الكيمياوية و الإبادة الجماعية، و إنما هم أيضاً يرتبطون بصلة الدم و القربى، حيث أنهم أحفاد الإيلاميين (العيلاميين) و السومريين و الميديين.
الشعبان الكوردي و الشيعي هم أحفاد السومريين الذين بنوا أول حضارة إنسانية متمدنة على أرض الرافدين في العالم. هكذا فأن الغالبية العظمى من الشيعة الناطقين بالعربية هم مستعربون، تجري في عروقهم دماء كوردية، حيث كان وسط و جنوب العراق موطناً للكورد الذين إستعربوا مع مرور الوقت بعد إحتلال المنطقة من قِبل العرب.

في كتابه “الجبايش” – الجزء الأول، ينقل الأستاذ شاكر مصطفى سليم رأي بعض علماء الانثروبولوجيا، من أمثال العلماء هنري فيلد و سيتن لويد وثيسيغر، بأنهم قد لاحظوا الشبه الكبير بين سكان الأهوار و الإيلاميين و السومريين، من حيث مقاييس الرأس و البنية الجسدية و الأدوات الزراعيه و آلات الصيد المستخدمة. كما أنهم يذكرون بأن نمط حياتهم و ظروفهم المعيشية تشبه الى حد كبير نمط حياة و الظروف المعيشية للسومريين. كما أن مضائف شيوخ سكان أهوار العراق الدائرية والمبنية من القصب و الطين تشبه بشكل كبير هياكل المعابد السومرية.

لهجة سكان وسط و جنوب العراق لا تزال تحتفظ بكثير من الألفاظ السومريه مثل الكلمات (أزا “عزا”، ماشه، ماكو، مسكوف، مشط) وغيرها من المفردات التي لا يزال شيعة العراق يستخدمونها. كما أن السكان الشيعة لا يزالون يستعملون في لغة التحادث العديد من الحروف الكوردية “السومرية” التي لا توجد في اللغة العربية، مثل “چ” و “گ”.

بلا شك، نحتاج الى الكثير من التنقيبات الأثرية و البحوث و الدراسات للتعمق في تأريخ المنطقة و الإهتداء الى الحقائق المتعلقة بتأريخ الأقوام القاطنة في منطقة الشرق الأوسط و كشف الحلقات التأريخية المفقودة و إلقاء الضوء على الجوانب المبهمة من تأريخ المنطقة. إن التقدم البشري الحالي و ثورة المعلومات و الإنترنيت و الكومبيوتر و سقوط النظام البعثي في العراق، كلها يمنح فرصة ممتازة لعلماء الآثار بالتنقيب و البحث عن الآثار القديمة، خاصة في كوردستان و وسط و جنوب العراق. الظروف الجديدة توفّر أيضاً مجالاً واسعاً للباحثين في مجال التأريخ القديم، للبحث في ثنايا الوثائق و المستندات و الرسائل و الكتب القديمة للكشف عن المزيد من المعلومات التأريخية عن الكورد و الشيعة و الأقوام الأخرى القاطنة في منطقة الشرق الأوسط. إن القيام بمثل هذه التنقيبات ضرورية جداً، حيث أن تأريخ المنطقة تم تزويره و تشويهه من قبل الحكام و المؤرخين العنصريين. إن تصحيح و تنقيح المعلومات التأريخية و تقديمها بشكل موضوعي و شفاف، بات مُلحّاً و ضرورياً لتبيان الحقائق التأريخية و الأدوار التي قامت بها الأقوام و الشعوب و الأمم في المنطقة و الأحداث و النشاطات و الفعاليات التي وقعت في هذه المنطقة، لإنصاف هذه المجاميع البشرية و معرفة دور كل منها في كتابة و تسجيل التأريخ الإنساني القديم و مدى مساهمتها في بناء الحضارة الإنسانية. كما أنه من المهم جداً أن يقوم اللغويون بدراسة لهجة سكان وسط و جنوب العراق و المفردات اللغوية المتداولة في هذه المنطقة لمعرفة التواصل اللغوي للشيعة مع اللغة السومرية و الكوردية.

كما تجدر الإشارة أيضاً بأنّ بلاد ما بين النهرين كانت تحمل إسماً كوردياً وهو (سورستان) أي (البلاد الحمراء) قبل الإحتلال العربي لها، حيث أنها سُمّيت بهذا الإسم نظراً لخصوبة أرضها و حَمارها بسبب النسبة العالية للحديد في تربتها.

يتبع
الدكتورة ڤيان نجار

تكملة تاريخ الكورد للأجيال
الجزء الرابع عشر

المصادر
دراسة فلاح ميرزا محمود عن الأقوام والطوائف التي سكنت بلاد مابين النهرين
الدراسات التي قام بها المؤرخين العرب والأجانب
المصادر التاريخية التي تمتد إلى قرون قبل الميلاد وقبل الإسلام
الدكتور جمال رشيد أحمد / والعلامة محمد أمين زكي

تكملة إمتداد الجذور التاريخية للشعب الكوردي في أعماق كوردستان
والتركيز في هذا الجزء على السوباريين

كان للسوباريين علاقات تجارية مع كل من أرمينيا و أسيا الصغرى، حيث تم العثور على لوحات أثرية تحوي مراسلات تجارية مشابهة لتلك الموجودة في الوقت الحاضر .
كان للسوباريين تجّار و عملاء مقيمون في مملكة آشور
وغيرها من الممالك لمساعدة مملكة سوبارتو في إزدهار تجارتها مع ممالك المنطقة .
من بين السلع التي كان السوباريون يقومون بتصديرها الى جنوب بلاد ما بين النهرين، هي النحاس والقصدير والأقمشة والملابس و الجلود و الزيوت. كان يتم نقل صادرات بلاد سوبارتو عن الطريق المائي عبر نهرَي دجلة والفرات و كذلك نهر الخابور، حيث عثر “فون أوبنهايم” و زميلاه على مرفأ نهر يعود للسوباريين (مصدر رقم 4، 5).

كانت اللغة السوبارية هي أقدم اللغات وكذلك كتابتها المسمارية، حيث أن الحضارة السوبارية نافست الحضارة السومرية حتى في ظهور الكتابة بل وفي تدشين العصور التأريخية، حيث أن هناك الكثير من المفردات السومرية المأخوذة من اللغة السوبارية
(الدكتور سامي سعيد الأحمد: السومريون وتراثهم الحضاري، منشورات الجمعية التاريخية العراقية، بغداد، 1975).

هناك تشابه في لغات أسلاف الكورد الگوتيين والكاسيين
والكردوخيين واللولويين والسومريين والسوباريين
والهوريين وغيرهم من الأقوام الزاگروسية .
يذكر السير سدني سميث بأنه ليست هناك أية علاقة بين لغة هؤلاء الأقوام ولغات الأقوام السامية . هذا يعني بأن اللغة السوبارية هي ليست لغة سامية .
كما يعتقد علماء الآثار الألمان “فون أوبنهايم” و “هيوبرت شميدت” و “ناومان” بأنه يمكن تصنيف لغة السوباريين ضمن مجموعة اللغات القوقاسية (مصدر رقم 4 ، 5).
يؤيد هذا الرأي المستشرق الجورجي “مار”، حيث يقول بأن الكورد هم شعب أصيل، وهم أقرباء الكردوخيين وأن لغتهم القوقاسية الأصلية إندمجت مع اللغات الهندوأوروبية للعناصر الآرية التي هاجرت الى كوردستان الحالية
(ن . ي . مار: مدونات القسم الشرقي للجمعية الآثارية الأمبراطورية الروسية. سان بطرسبورغ، المجلد 20، 1912 م، صفحة 99 – 151).

كان تقديس الطبيعة وعبادة قواها سائدة في معتقدات السوباريين، حيث كان الصليب المتساوي الأضلاع الهوري – الميتاني كان رمزاً للإله “ميثرا”.
لا يزال يتم رسم هذا الصليب على أجساد الأطفال المرضى ويتم وضعه في رقاب الأطفال والحيوانات الأليفة ، كما يتم رسمه على الأدوات المنزلية. لذلك كانت عبادة الشمس من العبادات السائدة عند شعوب الشرق الأوسط ومصر
(الدكتور جمال رشيد أحمد: دراسات كردية في بلاد سوبارتو، بغداد، 1984، صفحة 27).
لا يزال تقديس الشمس باقٍ في بعض الأديان الحاضرة مثل الديانة الإيزيدية و الكاكە-;-ی-;-ی-;-ة. كانت الشمس هي الإله الأول للسوباريين ومن ثم تأتي الكواكب الأخرى وخاصةً كوكب الزهرة والقمر ، بعد الشمس في القدسية
والعبادة. كما أنه من المفيد القول بأن السوباريين كانوا يحترمون الأديان الأخرى، الى جانب إحتفاظهم بمعتقداتهم الدينية و كانوا يمنعون التطرف والعنف .
كان السوباريون والأقوام الزاگروسية القديمة الأخرى يجعلون مقابر موتاهم بإتجاه شروق الشمس نتيجة تقديسهم لإله الشمس وكانوا يدفنون حاجيات الشخص المتوفي معه في قبره.
إكتشف علماء الآثار في “زيبار” أنقاض مدرسة لتعليم الأطفال التي يعود تأريخها الى العصر السوباري، حيث تم العثور فيها على قرميدات عليها دروس للأطفال والشباب في علوم الحساب وجداول الضرب والمعاجم. كما تم إكتشاف كُتب عديدة و رسائل التي كانت عبارة عن صكوك وقيود ومسائل رياضية وفلكية و نصوص تأريخية.
كانت مدينة “شريش” من المدن السوبارية الشهيرة، حيث دافع عنها السوباريون دفاعاً مستميتاً عندما حاصرها الملك الآشوري تيجلات بلاسر الاول، كما أن مدن كركوك وكفري وخورماتو وآمد (ديار بكر) من المدن السوبارية القديمة الباقية الى يومنا هذا.
لقد عثر علماء الآثارعلى بعض الأدعية الدينية، التي تُشير الى أنه كانت للمرأة مكانة مرموقة في المجتمع السوباري، حيث كانت المرأة متمتعةً بحريتها و إستقلاليتها في كثير من الأمور . الآثار المكتشفة تدل أيضاً على أن المرأة كانت تؤدي الأعمال الكتابية في الدواوين
(جورجي زيدان: العرب قبل الاسلام . الجزء الأول ، الطبعة الثانية، دار الهلال، 1922، صفحة 67).

.يتبع
الدكتورة ڤيان نجار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع