اللغة التعبيريّة

259
اللغة التعبيريّة
بقلم : كريم عبدالله – العراق 

 

أنّ اللغة التعبيريةّ هي اللغة التي تتحدث عن المشاعر والعواطف والحالات الذهنية عن طريق تكثيف اللغة وانزياحاتها العظيمة والدهشة المبهرة , أنّها التعبير عن مشاعر الذات الإنسانية وعمّا يدور في داخلها وأعماقها, وما يستغور في عوالم الذات الإبداعية الخلاّبة والغامضة , وعن طريقها يمكننا أن نتلمّس ونشاهد العوالم الداخلية للشاعر , أنّها التجربة الداخليّة للذات الشاعرة والتي لابدّلها من أن تظهر على السطح وتستفزّ المتلقي , ويخطئ مَنْ يظنّ ويعتقد بأنّ التعبيريّة هي الكلام المعبّر عنه بالحكي والقصة والأنشاء العادي والسطحي , لهذا فأنّ الكتابة المباشرة والسطحية تجعل العقل تابعا لما يقرأ , وحينها يكون العقل اعمى وبليدا يعيش في رتابة وخمول , عكس الكتابة باللغة التعبيريّة التي تحتاج الى قارئ يمتلك حدسا يقظا نشيطا مبدعا , حدس قويّ يمكّنه من اكتشاف العوالم الداخلية البعيدة عند الشاعر , أنّ اللغة التعبيريّة هي التعبير عن القيم المعنوية لدى الشاعر بدلا عن محاكاة الواقع, أنّها التعبير عن مشاعر الذات , أنّها الذاتية الإبداعية التي تغور في العوالم الدفينة والغامضة لهذه الذات , أنّها التعبير عمّا يدور ويتجلّى في داخل الأنسان , أنّها الإشراقات عن الحالات الذهنية والنفسية دون اللجوء الى الخيال والرومانسية , هي انعكاس لما يحدث في هذا العالم من الخراب ومدى تأثيره في نفس الشاعر , أنّها الرؤية العميقة والتأمل في أعماق الذات , أنّها تبتعد عن محاكاة ما يحدث على أرض الواقع ؛ حيث يقوم الشاعر بالسعي الى وقعنة الخيال . تحتاج اللغة التعبيريّة الى لغة مغايرة مستفزّة تشوّه الواقع واعادة صياغته ورسمه من جديد , فتكون المقاطع النصّية في القصيدة التعبيرية عبارة عن كتل من المشاعر الدفينة المتأججة والباحثة عن الانطلاق من داخل الذات الى الواقع الحقيقي, وفيها نجد كمّ هائل من هذه المشاعر والأحاسيس المرهفة والعميقة , أّنّ اللغة التعبيريّة دائما تسعى الى خلق فضاءات واسعة عن طريق تسخير الخيال الخصب ورسم هذه المشاعر والأحاسيس بطرقة ابداعية خلاّقة . أنّ اللغة التعبيريّة تحاول ان تبثّ النشاط والحيوية في عقلال أنسان , فهي لا تنقل صور الواقع كما هو , هي تبتعد كثيرا عن هذا الواقع , أّنّها غرابة اللغة وانزياحاتها العظيمة بطريقة ابداعية محببة تجعل الألفة ما بين المتلقي والذات الشاعرة المأزومة نفسيا وعاطفيا , الذات المملوءة بالقلق واليأس والغربة , الذات التي ترى القادم مجهولا مظلما يعجّ بالضياع والغربة والتشاؤم . كلّما تزداد الأزمات تظهر القصيدة التعبيريّة عند شاعرها بعدما ينصهر الوجود في خياله وأعماقه , فمن خلال قصيدته ( التعبيريّة ) يحاول الشاعر أن يفرغ الشحنات العاطفية الهائلة في أعماقه ,فنراه كأنّه يقدّم جزء من ذاته , أو يقتطع أجزاء من قلبه الرهيف المفعم بصدق المشاعر وكتلة من الأحاسيس والعواطف العاصفة , فمن خلال كتابات الشاعر يمكننا ان نرى بوضوح عوالمه الدفينة ومشاعره الرقيقة .

أنّ اللغة التعبيريّة هي اللغة البلّوريّة التي نكتشف من خلالها العوالم الداخلية والدفينة لروح الذات الشاعرة , فهي بمقدورهاأن تقدّم لنا قدراً كبيراً من العالم الباطني مقابل قدراً قليلاً من العالم الخارجي, أنّها تمنح الشاعر الحرّية في ان يعبّر عن أعماقه البعيدة , أنّها لغة الأعماق التي تجعل روح الذات الشاعرة برّاقة ومن خلالها نتمكن من رؤية تلك الأعماق كيف تتجلّى اشراقاتها بوضوح , تلك الروح التي تكون كالبلّور شفّافة رقيقة ناعمة الملمس من خلالها تنفذ اشعة الشمس .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع