الكاتبة هبة الله بن بعلية في حوار صريح لصحيفة “الفكر”

عدد الإصدارات لا تصنع الكاتب و النقد يجب أن يكون آلة تشييد لا معول هدم 

210

 الكاتبة هبة الله بن بعلية في حوار صريح لصحيفة “الفكر”  :

حاورتها: بوخلاط نادية

عدد الإصدارات لا تصنع الكاتب و النقد يجب أن يكون آلة تشييد لا معول هدم 

 

من ولاية قالمة من عمق الشرق الجزائري حيث تهب نسمات جبال “الأوراس” الأشم ،معقل الثوار و الأحرار الذي أنجب أسود الحرب التحريرية المظفرة تطل علينا الكاتبة بن بعلية هبة الله و بشغف الشباب و عشق الحرف و بما تخطه أناملها و نكتشف ما نهلته من بحر التعابير و الكلمات لتسافر بنا من خلال إرهاصاتها إلى عوالم الإبداع من خلال نصوصها النثرية و قصصها القصيرة كما طرقت مؤخرا عوالم الرواية لتكون بذلك نموذج للكاتبة الشغوفة التي تسعى أن تنهل من يم  الأدب و تلج إلى  عوالم السرد بتلك  الجرأة التي تحركها و يدفعها الشغف ذاته لتصنع لنفسها اسما بين جمهور الكتاب.

هبة الله تملك روحا شفافة و لعل شفافية الروح تلك هي التي جعلتها  تتميز برباطة الجأش و الإيمان بالذات ، في جلستنا الحوارية حاولنا أن نميط اللثام عن هذه الموهبة المكنونة كجوهرة في خدرها ، فكانت أمامنا كتاب مفتوح كشفت لنا مغامراتها مع الكتابة و الإبداع فكان هذا الحوار المفعم بالصدق و الإحساس الجميل   :

صحيفة الفكر / في  البداية بطاقة تعريفية عنك ؟

 الكاتبة بن بعلية هبة الله/ بن بعلية هبة الله،كاتبة جزائرية من ولاية قالمة و تحديدا ببلدية تاملوكة ، طالبة سنة ثالثة ليسانس اقتصاد نقدي وبنكي،صاحبة حفنة أفكار و الكلمات ورزمة  من الأحلام و التطلعات يقال عن عدد أيامي أنه عمر الشباب والزهور،مؤلفة همسات خافتة والحياة بنكهة نعابية.

صحيفة الفكر/ متى انخرطت في عالم الكتابة؟

 الكاتبة بن بعلية هبة الله/ أظن ذلك كان في العام الخامس عشر بعد الألفين، وكغيرها من الأشياء المهمة التي تجاهلتها في حياتي لم ارغب في خوض غمارها،لطالما كانت هذه لعنتي أن أتنازل عن كم من الأمور والأغراض المتفاوتة الضرورة لأجل شيء واحد رأيته بعين الرغبة أساسي،بقينا أنا وكلماتي على هذا النحو إلى غاية 2021،سبع سنوات عجاف قضيناها في علاقة سرية لم يعلم بها أحد،نلتقي خلسة وباحتشام بين الحين والآخر في زوايا مواقف ومشاعر مطوية على أمل النسيان تحت شعار فضفضة قلب أو دردشات عقيمة يأسرك حلم تحررها حقا.

صحيفة الفكر/  في أي جنس أدبي تبدعين؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ في اليوم الثامن للشهر الثامن لعام 2021،حين حجزت لنفسي تذكرة الإبحار في عالم الخط بلغة مخالفة عن تلك التي علمونا إياها في المدارس والثانويات، فكانت الكتب الجامعة أو محطة نزلت ضيفة بين مواضيعها المختلفة والمتباينة،فأدركت حينها أنني إلى جانب امتلاكي الهوس والشغف والهواية والموهبة والأسلوب كما يقول البعض،أمتلك أيضا حرية الانسياب بين المواضيع والأجناس المختلفة،فتذوقت بن الخاطرة والقصص القصيرة والنصوص الطويلة وبدأت حديثا في الرواية بإذن الله.

صحيفة الفكر /   أتذكرين أول نص كتبته ؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ في علاقتنا المخفية عن الأنظار لا أذكر تحديدا ما كنت أكتب أو لأجل ماذا أكتب أو لأي غاية كنت أكتب،فكانت حروفي حين تجتمع بتخطيط من أناملي ومشاعري تولد بعد ذلك مجرد كلمات متناثرة وأشلاء لجمل لم تكتمل بعد،كان بها شيء من الاختلاف عما أكتبه الآن أظنها كانت أكثر براءة،أما بعد دخولي العالم بكل جدية كان أول نص كتبته بعنوان “تكسرات الروح”قصة قصيرة مؤلمة حزينة بها نقاط من الأمل فوق حركات الحروف المتشائمة،وقد تصدرت الصفحات الأولى لمولودي الأول.

صحيفة الفكر/ من كان له السبق في اكتشاف موهبتك و دعمك؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ لم أفكر سابقا في إجابة لهكذا سؤال، فكنت نفسي وأساتذتي وعائلتي وأصدقائي جميعا ندرك ما تحمله مراهقة عابرة بين ثنايا أنفاسها،فكان الاكتشاف لبوادر علاقتنا مبكر جدا ولكنه لم يكن مصحوبا بالدعم الكافي للتنقيب عن كله بداخلي،فاكتفيت بجزئه مدة لا بأس بها كادت تكون قاضية،أما في حقبة الإعلان فكان الداعم الأساسي لي والدي حفظهما الله لي،أذكر يوما سألت أمي كتابا جديدا ألتهمه من مكتبة أبي المتواضعة فقالت”هبة لم لا تكتبين؟”لا أذكر أنني جاوبتها في ذات الدقيقة،بل إن إجابتي استغرقت أشهرا في تجهيز ولم صفحات الكتاب الأول إلى بعضها البعض،ولازالت الإجابة مستمرة للآن دون كلل أو ملل بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل محمد وليليا.

صحيفة الفكر/ بمن تأثرت من الكتاب ، جزائريين و أجانب

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ أتأثر عادة بالكتابات التي أقول لنفسي بعد إطعامي إياها لتعابيرها، هذا ما أقصده وأحاول إصابته في كل مرة،لا مشكلة لي مع الأجناس الأدبية المختلفة ومتصالحة جدا مع جل المواضيع تقريبا،فأقرأ غالبا ما أناله بسرعة قبل الآخر سواء كان بوليسي درامي اجتماعي تحفيزي تنموي…ومن الكتاب الجزائريين أتخذ وضعية الاصطياد لكل كتاب يصدر وتعلم به جزيئات الاهتمام بالمطالعة بداخلي،ولكن يبقى التفضيل والحب الأعظم لكل من:دوستويفسكي،بوكوفسكي،فرانتز كافكا،محمود درويش،نزار قباني،أحلام مستغانمي،مصطفى محمود،إبراهيم الفقهي،جبران خليل جبران،وغيرهم الكثير.

صحيفة الفكر / عادة يقال أن المرأة الكاتبة  تسكب أوجاعها و ترسم أحلامها ، ما قولك في المسألة ؟

 الكاتبة بن بعلية هبة الله/ لهاته المسألة شقين مختلفين متناقضين،رغم إيماني المعتدل بين الإفراط والتفريط أنه على قدر الآلام تصنع الأحلام،ولكن في مجال الكتابة لا أظن ذلك ينطبق على الجميع،فإلى جانب إيماني البدائي تعلمت أمرا في غاية الجدية والشكر موصول لعائلتي،أن المرأة تكون جذابة أكثر كلما حولت آلامها ومأساتها إلى فرص لتقدمها،فلم يكن حجم الوجع هو المفصل الدقيق للأحلام والطموحات كما ظننت وإنما حجم الدعم والتحفيز والتشجيع وطبيعة العبر المستنبطة من كل ذلك هو المحدد الرئيسي لقياسات الأحلام والطموحات.

صحيفة الفكر/ كباقي  الكتاب هل اصطدمت بعراقيل النشر؟

 الكاتبة بن بعلية هبة الله/ إطلاقا والحمد لله على ذلك،فكانت أمي تقول أكتبي و ما شأنك أنت بالمال،أما أبي فيردد”ربحت،إن فكرت أنت بالتكاليف فما دوري أنا”،فالعراقيل هنا متجسدة في أصحاب النقد اللاذع وحسب.

صحيفة الفكر / حدثينا عن إصداراتك؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ فلنرحب أولا ب”همسات خافتة”الكتاب الذي وقعت بحب كل كلمة من كلماته رغم النقائص التي بداخله،الكتاب الذي لطالما حلمت به،غلافه خطه تعابيره كلها تفاصيل تأسرني بنشوة غريبة تدعوني للمزيد من إنجاب أمثاله،فاحتوى بداخله مجموعة مشاعر متناسية في صندوق ألعاب طفولتنا ومراهقتنا،بين عرائسنا المنفوشة خصلاتها،و سياراتنا المتشردة أعضاؤها عن بعضها البعض،فركبت صفحات حملت رسائل ظننتها لن تصل في شكل تعابير دامعة للقلب،لأنني أدركت ولو بعد حين أن أرواحنا هي تلك العرائس المتفتتة التي دهستها سيارات المواقف والخيبات وصور الخذلان فتشققت عن بعضها دون أن يدركها أحد.

أما عزيزي الثاني فجاء بفكرة هادفة أكثر بمغزى أراه بعين الحب نبيل يصلح ما أفسدته قواعد المجتمع المتوارثة والمفروضة دون سابق حق،ينفر من تقاليد لا نعلم من شرعها وبأي سلطة عممها وبأي حق أفرضها وسن عقوبات النفي لمن عاكسها،فأشرت إلى أكثر المواضيع حساسية وتجاهلا وأهمها احتياجا للإسعافات الأولية وحاولت بكل ما استطعت معالجتها من حفنة الخبرات والتجارب التي استرقها عقلي سواء من التي رايتها أو تأكدت من حقيقتها بعدما رويت لي،

صحيفة الفكر / لمن و عن ماذا تكتبين ؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ تتشعب المواضيع و تتعدد الاختيارات، ففي كتاباتي تحدثت عن زواج القاصرات عقلا لا عمرا،عن الغيرة والحسد،عن كفاح المرأة وضرورة مقاومتها وتصديها لكل عراقيل مشوارها،إضافة إلى الفرق الهائل بين الدور الحقيقي للآباء وبين المزعوم منه وغيرها من الفصول التي أطلقت عنان أفكاري ومبادئي فيها و التي بكل تواضع أتمنى أن يعتنقها أقصى ما يمكن عده من الناس.

صحيفة الفكر / حدثينا عن المشهد الثقافي بتاملوكة بخاصة و قالمة عموما؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ إن بلديتي كغيرها من المناطق النائية عن مواكبة عصر دعم المواهب وتشجيع أبنائها،فللآن لم أرى شيئا يذكر منها للأسف يستحق أمري لحروفي إيصال روعته،أما الولاية فهي أحسن حالا بكثير،تقام بين الحين والآخر معارض وملتقيات وجلسات أدبية بدور الثقافة وغيرها.

صحيفة الفكر/ يصف الكتاب عادة و يقاسون بعدد الإصدارات ، ما هو انطباعك في المسألة؟

الكاتبة بن بعلية هبة الله/ دوما ما أقول أن لقب الكاتب ليس بالأمر الهين،فتارة تجدني أنادي صاحب موهبة وأسلوب بذلك وتارة أتحاشى ذكر اللقب أمام مؤلف بجعبته كم من الكتب والإصدارات،وذلك أنني رأيت الفرق بين مغزى إصدار الأول والثاني،ولكنني استقريت على أحقية كل شخص يمتلك الهوس والشغف والأسلوب والمغزى بضرورة وصفهم بما يتميزون به عن غيرهم دون قياسهم بعدد إصداراتهم، فهناك من لم يحالفه الحظ لطبع ونشر أعماله في ظل التجارات الأدبية المنتشرة في زماننا هذا.

صحيفة الفكر/ هل من مشاريع  في الأفق؟

 الكاتبة بن بعلية هبة الله/ نعم أكيد،إن كتب الله لي الظفر يها والنيل من جور الدنيا بتحقيقها سيكون لها حوار منفصل يسرد كيف أن سرور الوصول ينسي تعب ومشقة الطريق.

صحيفة الفكر /  كلمة أخيرة ؟

 الكاتبة بن بعلية هبة الله/ لا أحب النهايات،فدوما اعتبرتها فاصلا لبدايات جديدة،ورغم هذا أود تقديم أحر تعابير الشكر والامتنان للصحفية والروائية بوخلاط نادية على هذه الفرصة الرائعة التي منحتني اياها صحيفة “الفكر”  والقائمين عليها ،عسى أن نلتقي في جلسة حوارية أخرى بإذن الله، دمتم في رعاية الله وحفظه.

 

 

حاورتها  / بوخلاط نادية

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع