العراق بين كماشة الحرب الأهلية!!

147
العراق بين كماشة الحرب الأهلية!!
محمد حسن الساعدي

 

وقع الأحداث المتسارع أثر وأشر أم الأوضاع السياسية بدأت تنتقل من التلميحات والتصريحات إلى المواجهات، والتي ظهرت جلياً في أحداث الخضراء الأخيرة،ودخول أتباع التيار الصدري إلى مجلس النواب وسيطرتهم عليه ومنع انعقاد جلسات مجلس النواب،ووصولهم إلى مجلس القضاء الأعلى،بل أكثر من ذلك الاشتباك المسلح والذي وصل إلى قصف الخضراء بالهاونات،وآخرها أحداث “ليلة الهرير” وكيف أستطاع الصدريون من إنهاء وإسقاط العملية السياسية برمتها ولم يبقى سوى خطوة واحدة وهي إعلان بيان رقم “1” .

الصدر ليست المرة التي يعلن اعتزاله العمل السياسي،والاعتكاف بل يذهب أكثر من ذلك إلى إصدار بيانات ضد أتباعه ولأكثر من مرة،وعلى الرغم من كونه شخصية دينية”معمم” ولكنه لايستطيع لحد الآن أن يكون زعيماً روحياً أو ممثلا للشيعة،على الرغم من محاولاته ليكون كذلك ولكن هذه المحولات فشلت،كون عرفاً وعقائدياً فأن من يمثل التشيع هو المرجع الديني الأعلى للطائفة في العالم،ووجود المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف يلغي كل محاولات استغلال هذا المنصب،وهي المخولة الوحيدة للتحدث بأسم الشيعة العالم، وأن تأثيرها بات واضحاً ليس الآن بل هو مؤثر على الواقع الاجتماعي والسياسي وتحديداً بعد عام 2003 .

رسالة السيد الحائري،وهو المرجع الروحي للتيار الصدري ،وإعلان اعتزاله العمل المرجعي مثل صفعة قوية بوجه السيد الصدر،بالاتساق مع الرسالة التي وصلت إلى الأخير تحمله المسؤولية القانونية والشرعية في أي تهديد للسلم الأهلي والمجتمعي للبلاد،كما إن استهداف التيار الصدري لإيران هو احد الأسباب التي
جعلت الجميع ينظر إلى إن هذا الصراع يعكس ويصور أنه “البطل المعادي لإيران” وما سواهم عملاء وذيول لها،بينما المتابع للمشهد عموماً يجد إن احد أسباب وجود التيار الصدري وقوة نفوذه على الأرض هي طهران في وقت من الأوقات،كما هو الحال في علاقات طهران مع مجمل القوى السياسية العراقية سواءً الشيعية والسنية والكردية، لذلك يحاول التيار الصدري الاستفادة من المشاعر الشعبية المعادية لإيران في العراق.

الصورة بدت مغايرة تماماً عما هي عليه سابقاً،وخصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي عكست تغييراً كبيراً في المشهد السياسي،حيث أنتجت أعضاء جدد في البرلمان ونواباً مستقلين،وربما فيهم من يختلف مع السياسية الإيرانية في العراق،وأن كانت هذه السياسة تغيرت هي الأخرى مؤخراً،حيث بات فرص طهران للتدخل ضئيلة جداً ولا تقتصر سوى على تقديم النصح”أن طلب منهم” ليس إلا،لقناعتها إن السياسيون العراقيون لايمتلكون الإرادة في إيجاد المشتركات فيما بينهم من أجل حل مشاكلهم.

أي محاولة من الإطار التنسيقي لاستعداء التيار الصدري لن تكون بمصلحة الجميع والعملية السياسية كذلك،لان الأخير يمتلك أدوات إعلان الحرب على الجميع،ووسائل الحرب الأهلية،كما إن يمتلك وسائل التحريض وما شهدناه من صراع دموي في البصرة إلا مشهد صغير من السيناريوهات المعدة لذلك،كما إن وجود الضمانات الكفيلة يمنع أي انزلاق لهذه الحرب كذلك موجود ومؤثرة ومنها وجود المرجعية الدينية العليا ودورها الأبوي والذي كان واضحاً في الأحداث الأخيرة التي حصلت في بغداد وتحديداً المنطقة الخضراء،لذلك وبناء على ما تقدم فان مبررات الحرب الأهلية وأسبابها متوفرة،ولكن قناعة الجميع أنهم خاسرون وأن الضحية سيكون الأبرياء وأسباب أخرى موضوعية هي من تجعل معطيات قيامها صعبة،وأن ليس أمام القوى السياسية عموماً سوى الجلوس للحوار والخلوص إلى تفاهم جدي يحمي السلم الأهلي والمجتمعي من خطر الانزلاق إلى الاقتتال وهذه المرة سيكون بين أبناء المذهب الواحد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع