العراق بين علمنة الحكم وفضاء الإسلام

171
العراق بين علمنة الحكم وفضاء الإسلام
محمد حسن الساعدي

يبدوا أن الأحزاب والتيارات الإسلامية التي حكمت العراق بعد عام 2003، لم تدرك أن الفهم والفكر اللازم للحكم، يختلف عن ما قبله، وان الآليات التي اتبعتها هذه الأحزاب كانت بسيطة وتقليدية، وفي بعضها لم تكن جزءا من أي مفهوم للحكم والقيادة، بل كانت عبارة عن تجارب ربما تخطأ وقد تصيب.. وهكذا سارت كل الحكومات المتعاقبة، بنظرة قاصرة للحكم، سواءً في إدارة الدولة، أو تشكيل الحكومات المتعاقبة.
الشعب العراقي هو الأخر لا يدرك، حجم التحديات التي تحيط به، وبات متكئاً على الظروف، وربما يعتمد في مواقفه على قيادته السياسية التي يؤمن بها، بغض النظر عن صلاحها من عدمه، وهذا ما لمسناه في أغلب المواقف السياسية التي تحتاج الى موقف منه، وما التظاهرات الا انعكاس لموقف الأحزاب، ولا صورة او موقف حقيقي للشعب العراقي منفصل ومستقل، وان وجد فالشيء القليل الذي يتحرك بأمواج الأحزاب وحركته في داخلها.
ما يمكن ان يعيد الثقة للعراقيين أنفسهم، هو الابتعاد عن الغلو والتعصب الأعمى، والسير خلف ذوات لم يكن لها باع طويل في السياسية، وان يعتمدوا على أنفسهم في اختيار مستقبلهم، بعيداً عن الطارئين وراكبي أمواج السلطة، وتقبل الرأي الآخر دون الإصرار، على راي ربما يكون غير مقنعاً للأطراف الأخرى، وان لا ينقبلوا عليه مستقبلاً.
التعامل مع الواقع السياسي بواقعية أكثر، بعيداً عن العاطفية التي خسرتهم كثيرا، وسببت لهم خيبات امل كبيرة من السياسيين أنفسهم، فالشعب العراقي يتميز بالعاطفة، في تقييمهم للأمور وباستعجال، وعندما ينكشف الواقع يشعرون بالندم على مواقفهم تلك، وهذا ما انكشف في الكثير من المواقف السياسية بعد عام 2003.
كذلك عليه ان يميز بين الدين والسياسية في الحكم، فلايربط بين دينه وسياسيه وان يجعل من معتقداته مبادئاً له، لا ان يجعلها أداة في رويته السياسية، لان الواقع متغير بحسب، طبيعة مصالح الأحزاب المتحكمة، والتي قدمت صبغة الدين ولونه، على رؤاها ومبنياتها في محاولة لأقناع الجمهور، والذي ربما انطلت عليه هذه الفكرة وأقتنع بها، ولكن ما هي الا أداة لإخضاع الجمهور وكسب ثقته في يوم الانتخابات فقط.
الحاجة باتت ماسة الى بلورة نخبة سياسية عراقية، تمتلك الحرية السياسية وغير خاضعة للأهواء الحزبية الضيقة، ولها القدرة على التعامل مع الازمات السياسية، على ان تضع مصالح العراق العليا فوق كل المصالح الفئوية، وان تتحدث بلغة الآخر ولها القدرة على التفاوض”بالمصالح الوطنية” وان تضع مبدأ الاستقرار السياسي من واولياتها، دون جعل الامن القومي للبلاد في مهب الريح، وفي متناول الصراعات السياسية الآنية، ناهيك عن كل ما سبق مرتبط بوجود حكومة، تمتلك برنامجا واضحا، وتستطيع استثمار كل هذه الفرص المتاحة لمصلحة العراق.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع