الشـَّمـُول!

(في مُنادمة (أوسكار وايلد) بمَنفاه الأخير)

234
الشـَّمـُول!
(في مُنادمة (أوسكار وايلد) بمَنفاه الأخير)(1)
شِعر: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيْفي

أَلا طُوْبَى لِـمَنْ يُسْقَى شَمُــوْلَ النَّشْــوَةِ العُظْمَـى!
غَنِـيًّا ، لَـمْ يَبِـعْ وَجْهـًا لِوَجْهِ الدِّرْهَــمِ الأَعْـمَــى
ولَـمْ تَـبـْـتَـلَّ نَـعْــلَاهُ بِـنَـهْـرِ الـلَّـيْـلَـــةِ الحُـمَّـى
ولا انْهـارَتْ بِقـامَـتِـهِ نَـخِـيْــلٌ كَمْ عَلَـتْ غَيْمــا!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 
أَلَا طُوْبَـى لِـمَنْ يُسْقَـى شَمُـوْلَ النَّشْـوَةِ العُظْمَـى!
* * *
ويا طُـوْبَـى لَـهُ، ما ذاقَ جَـمْرَ الجُــوْعِ، لَـمْ يَظْمــا
أَبـًـا هِمـًّا ، تَساقَطَ ثَـلْجُهُ ، يَـبْـكِــيْ دُجًــى غَـمَّــا
ولا أُمـًّا ، سَــرَتْ أُمًّــا لِــدَمْــعِ الأُمـَّـةِ الأَدْمَـــى
تَجُــوْبُ الشَّمْــسَ والأَقْمارَ؛ لا صَحْوًا ، ولا نَوْمـا!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَلَا طُوْبَـى لِـمَنْ يُسْقَـى شَمُـوْلَ النَّشْـوَةِ العُظْمَـى!
* * *
ولٰكِنْ مَــيْدَ(2) (طُوْبَــى اللهِ)؟ أَيْقِــظْ آدَمَ الـيَـمَّــا!
تَدُوْسُ الـنَّـارَ رِجْـلَاهُ : نِــضَالًا ، فَزْعَــةً ، حَزْمــا
لِـيَـبْـنِـيْ مِــنْ مَـدامِعِــهِ سَــلالِـمَ حَرْبِــهِ سِلْمــا
إِلـَى فِـرْدَوْسِـهِ الأَرْقَـى يَـعُـوْدُ كَـما ابْـتَـدَا عَـزْمـا!
* * *
فَــذاكَ اللهُ يُــنْبــِتُــهُ قَـصِيْـدًا وَارِفَ النُّــعْــمَــى
بِلا شَــوْكٍ حَدَائِــقُــهــا ، إِذا وَرْدُ الهَــوَى أَدْمَــى
تُرِيْـكَ الآيَـةَ الكُـبْرَى بِصُغْـرَى الـذَّرَّةِ العَجْـمـا!
* * *
إِذا ما جِـئْـتَـهُ يَــوْمًــا ، فَسَلِّــمْ واسْتَـلِــمْ لَثْـمَــا
فَـأَنـْتَ بِشامِـخِ الأَكْــوَانِ تَرْقَــى القِـمَّــةَ الشَّمَّــا
وأَنْتَ بِـنَـادِرِ العُمْـلاتِ صِدْتَ الصَّفْـقَـةَ الحُـلْمـا!
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) من وحي قصيدة الشاعر الإيرلندي (Oscar Wilde، -1900)، بعنوان «A Lament».
(2) مَيْد: من مُهمل العَرَبيَّة، وما أكثره! مع أنَّها عبارةٌ مستعملةٌ في عِدَّة لهجاتٍ في (الجزيرة العَرَبيَّة). بمعنى: أُريدُ، وأسعَى إلى. ومن الأمثال الشعبيَّة: «مَيْد إبلهم، خذوا غنمنا». ونجد طَرَفًا من هٰذا الاستعمال في كتب اللُّغة، يقال: «فَعَلَه مَيْدَ كذا»، أَي من أَجْلِه. (انظر: الزبيدي، تاج العروس، (ميد)). وما في اللَّهجات مطابقٌ لهٰذا؛ إذ قولهم: «مَيْد كذا»، أي «سَعْيًا من أجله»، أو أنَّ «المُراد كذا». «ولٰكنْ مَيْدَ (طُوْبَى اللهِ)»: أي «ولٰكن إذا كنت تبغي ما طاب من نعيم الله خاصَّةً».
(الأستاذ بجامعة الملك سعود، بالرِّياض)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع