الرياح دمرتني

254
الرياح دمرتني
سامية خليفة

 

يا ورقةَ الخريفِ الذّابلة
على الغصنِ النَّحيل
أراكِ متشبثةً بأذيالِ الأمل
فما كان أقوى منكِ
عصفُ رياحٍ عنيفٍ
كي يتركَكِ توارينَ
سوءةَ الغصنِ الباكي
وما كانتْ لمعةُ الجفافِ لتبقى بارقةً
على الوجهِ السّقيمِ
فهيا اسقطي
ولا تتمرَّدي

أحقا أنا الشاعرةُ المعتكفةُ
المتباهيةُ بصومعتِها الهذيانِ
شاعرةٌ ترى من ثنايا الجدرانِ
تقلبات الفصولِ
تقطفُ الرَّياحين من حقولِ المعاني
تمحو آثارَ خدوشِ الزمانِ
عن جسدِ اليقينِ المتدثِّر
بعفنِ وهمٍ أضاعَ بريقَ البصائرِ

أنا الشّاعرةُ
احتكرت الخِدَعَ
جمَّلتُ بها القبورَ بالورودِ
ليتَ شعري يا وريقةً أبتِ السُّقوطَ
أن تمدَّيني بقطرةِ كبرياءٍ
من نهرِ العنفوانِ
حرِّريني من خضوعي لعزفِ نايٍ حزينٍ
يألفُ ابتكارَ دواوينِ الخيباتِ
أنتِ التي بكلِّ ضعفِك
تحدَّيْتِ جبروتَ الزَّمانِ

أشعاري كلماتي
كلّها أهديها إليكِ
لكنِ اسقطي
كي أعلوَ بعينِ اعتبارِ ذاتي

كم أراني أمامَ ذاك التَّحدي ضعيفةً
يدايَ ترتجفانِ…تأبيانِ الكتابةَ
يا ورقةَ الخريفِ الذّابلةِ
خذي أحلامي وأشعاري
فأنْتِ انتصرتِ..

الحبيبُ يسرقُ النَّبضَ …ويسري
النّهرُ يجرفُ معهُ الأحلامَ… ويجري
الأيّامُ تشوِّهُ الجمالَ…تتركُهُ يذوي
الحروبُ تدفنُ الحياةَ…ولا تمضي
فهي بمئةِ قناعٍ..

حتى الرِّياح التي تفانتْ في عصفِها
جرحتْ خريفَ الزَّمن
فصارتْ أوراقُه تتساقطُ
بلا أيامٍ
تركتكِ معلقةً
على غصنٍ نحيلٍ
أما أنا الشاعرةُ
فالرِّياحُ
دمَّرتْني..

سامية خليفة /لبنان

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع