أين الغياب ؟

302

*لم نعد نلتقي!
وإن كانت دمعتنا تلتقي
في حضرة الذكريات؟
وأديم الأيام تبكي
خوالي أيامها!
كطفلةٍ يتيمةٍ !
في يدها لُعبة ..
صنعتها من طينِ اليقين
تُهدهدها في مهدها
تُقلّد أماً رحلتْ
حينما أكلت من بقايا
تفاحة آدم !
كطفلٌ يحمل على ظهره..
حقيبة مزركشة!
كأزهار نيسان …
ليقطف وردة الجوري
وهو في طريقه للمدرسةِ
يسمع همس أمه!
إياك أن تقطفْ
فالفراق طعمهُ مرًّ
لا تغب طويلاً
لما الغياب!!

**لا تسترح
أيها القروي البائس
الراحة …
لا تليق بك …
ولا بنا ..
لا تسترح !
لا تغب عن وردك وشوكك
فالفراق طعمه مرٌّ
لا تغب
عن أرضك
وعن عرضك
لا تغب
يا من ترى قاتل جمالك !
وسارق ورودك “البريء”
يمر من أمامك
إلى الحقول…
تُحدّق إليه طويلا
وتطلق تنهيدة الرحيل
و نشتم من بوحك
ريح الأمل..
في جنون الغياب
ورائحة وردك
تفوح امامك …
لتنثر عبقها بدمعةٍ
عبر المسافات …
لا تغب طويلاً
لِما الغياب!!

***أين الغياب!
أيها المنفيُّ النقيْ
في سجلات النسيان!
كما صباحات نيسان
ورائحة القمح الشامخ السنابل
والزيزفون الفواح
يلوذ بالربيع الصامت؟
لن استجدي حضورك
أيها الغائب الباهت!
مَن عكّر صفوَ حضورك ؟
لترحل بصمتٍ في وضح النهار!
مَن أخرجك من حلمي؟
لتغيب بصخب في أنين الجراح
مَن منحك مفاتيح الرحيل؟
دون وداع أخير
لتسلك طريق اللاعودة!
والانتظار قاتلٌ نهم
لا تغب طويلاً
لِما الغياب!!

****أتُراكَ تحولت لملحٍ
ساكب على جراحاتنا
تزيده جرحا !
فوق الجرحِ
تزيده ألماً !
فوق الألم ِ
ليستمر النزف قانياً مدرارا
تُقرّب به بُعد المسافات
بين جدار وجدار
بين جدار ونهر
بين جدار ونهر وجبل
ننظر إليه ولا نراه
أم تُراكَ تحولت لحلم
أيها المنفي!
لنستنشق بك طعم السراب!
وزفرة الموت تحومُ
منذ صرخة الولادة
لتُعلن الرحيل
في غياهب الدروب…
أم تُراك ل “عصا الطاعة” تحولتَ
لتعيد كل المنافي إليك
بخيطان العنكبوت
ويعود المنفيُّ ليتمرد
فيُغيّبَ مجدداً
لا تغب طويلاً
لما الغياب!!

***** لا تغب عني
وإن غبتُ -أنا – طويلاً
من لهيب نارك َ…
لحظة اختفاء القمر
يا من تُسمى “وطن”!
أيها المنفي الغائب
أيا أيها المغيب
حتى في احلامنا
والتجأتُ إلى زمهرير بردكَ “المجهول”
فيك ، لهيبٌ حارقٌ ..
يُحرق البشر !
منك ، بردٌ قاتلٌ ..
يُجمِدُ الحجر!
لا بعدٌ يقينا ولا قربٌ
وكلاهما ليّ حياة
ها هنا – أيها المجهول
كان اللقاء شجياً
كمعزوفة الناي
في صدى المتاعب
سئمت البعد !
سئمت النفي !
لن أغيب عنك وإن غبتَ!
فليته لم يكن…
للقرب وللبعد حساب!!
لا تغب – عني – طويلاً
لما الغياب!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع