أوراق متناثرة في ذكرى رحيله ال27

إلى الراحل جسدا و الباقي فكرا المرحوم بختي بن عودة

274
أوراق متناثرة في ذكرى رحيله ال27
بوخلاط نادية

 

إلى الراحل جسدا و الباقي فكرا….. المرحوم بختي بن عودة

بالدموع و المشاعر و الأحاسيس كانت الذكرى و كان الشوق و الحنين في أعين الحاضرين الذين التقوا بين أحضان أعرق صحيفة بوهران، لقاء كان فيه عودة إلى سيرة أحد بناة لبنات الحداثة في وهران و المنتهجين لنهجها الراحل بختي بن عودة الذي خطفه الموت غدرا كغيره من المثقفين النزهاء الذين رغبوا في أن يسمعوا أصواتهم و يخلقوا أدبا من العدم و يغرسوا زهورا في عمق العفن.

بختي بن عودة الإنسان البسيط الطيب طيبة وهران الباهية التي تعانق بحب كل قاصديها افتكته أنياب الموت و هو في ريعان العطاء في زخم الإبداع ،كان يحمل بين جنباته حبا عميقا للثقافة و يخفق قلبه فيسيل من عمق أوردته و شرايينه مداد حبر فيه الكثير من الآهات و الآلام.
بختي بن عودة لم يكن يرغب في السكوت و قد سار خلف سحر رنين الحداثة و زرع شجيرة في حديقة البوح سرعان ما نبتت و اشتدت عيدان سيقانها و صارت وارفة الضلال لكنه فارق الحياة قبل أن يشاهدها تزهر و تعطي ثمارها و هو الذي ضل يسقيها أملا و حبا و يرعاها بحنان ويشفق عليها من رياح الرداءة و يحميها ممن تعودوا بتر الأشجار و بتر الأوردة.

الموت كان بالمرصاد و لم يمهله لحظة ليرى الثقافة في وهران يشتد عودها و تنتج إبداعا لا رداءة، فبختي كان العين المراقبة لتجليات الثقافة فهو لم يكن أديبا و شاعرا فحسب كان مفكرا عشق الفلسفة و أحب التفكير في أمور شتى، و أحب فوق ذلك كله زرع بذور أمل لا تجرفها رياح الأباطيل.

جف حبر بختي بن عودة و أسكت صوته إلى الأبد و تبعثرت الأوراق البيضاء التي شدها الحنين إلى خضاب مداده، و بقيت صفحتا بيضاء ناصعة طاهرة طهر هذا الرجل الحامل لهموم وهران التي عشقها و عشق شوارعها و مات مغدورا في أزقتها نادرا ما تحدث الناس عنه، و كانت ذكرى وفاته تمر بفتور لكنه عاد للحياة حين اجتمع الرفاق و الخلان و أوقدوا شموعا لذكراه أنارت الوجود و شجعت رفاقه على الرجوع إلى لحظات اللقاء الأولى ، إلى ذكريات مدرجات الجامعة ، إلى أولى المخطوطات الشعرية، إلى صفحات جريدة الجمهورية التي احتوت إرهاصاته كصحفي ، كناقد و ككاتب.

في ردهة الزمن الذي توقف عاد بختي بن عودة إلى الحياة مجددا و معه استفاقت ذاكرة وهران المعطاء، عاد بختي بن عودة الإنسان زارع الابتسامة ، البسيط بساطة الحياة و هو أن غيبه الموت فاءنه في هذا اللقاء عادت روحه لتطوف بأرجاء “المسرح الجهوي عبد القادر علولة ” بمدينة وهران لتعانق كل من اعتلى الخشبة، وتذكر شيمة من شيمك الكثيرة و ثق أن العظماء لا يموتون و أفكارهم تبقى طليقتا حرة لا يمكن لها أن تسجن أو تأسر بين جدران الغدر كالغدر الذي اختطفك من بين أحضان والديك و محبيك…..

 

بقلم/ بوخلاط نادية/ وهران

الجزائر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات