آلام الوجْد من المهد إلى اللّحد
جميلة مزرعاني
إن طاب وحدّثتكم عن الألم يشيح وجه العمر عن ذؤابات ليل دُموس يعتصر فؤاد القلم يهيج المداد ينصهر دمًا عابقًا بلون الشّفق ينزفُ شجاه مرًّا ينحر الورق يمتصُّ الوجعَ قرطاسٌ أدمنه الظّمأ تلحدُهُ غيمات دأبت تمطر على وجنات الأسى ، ذيّاك اليراع يتقاسمني وجع سنين تتوالى تمتطي قطار الحزن الآفل يشكّل خارطة بؤس مقيت ينتزع الصّيد الثّمين من دواخل الذّات يقبض على سرّ الأسرار الموجعة فيُسائلني : من يستطيع تدوين عقود الصّبر المستديم ؟ من يقوى على رسم سواتر الحزن ناطحات سحاب تؤلّف وتؤلّفان مضيق المعاناة في جزيرة الآهات الموحشة ؟ من يقدر على فتح مغارة علي بابا المشرعة على نواجذ تعترض البسمات تشدّها من فمٍ مطبق على لعاب جفّ كبحيرة متعطّشة لقطرات غيث نديّة؟
من يدري ما يفعل نعيق الأنين عند شفير الأمعاء الخاوية إلا من تشنّجات جذرها التّربيعي يواصل كيّ المهج وهي تتجرّع سمّ بارود الأزمات المتتالية من المهد إلى اللّحد بما ينجم عنها من عواقب شرّها مستطير ، أميال ومداءات نحن بعين اللّه نقلِّب أحرف الألم نُسبقُ الميم اللّام لنكون على موعد مع السّلام حين مطلع الفجر .
جميلة مزرعاني
لبنان / الجنوب