هوامش أدبية حول قصائد الشاعرة هيام جابر

366

( ١ )

يأخذنا بهاء حرفها المضيء الى لحظاتٍ مليئة بالألوان الشفافة ، المنسجمة مع
أنفاسها الرقيقة الهائمة بخطى التجديد ، المتعددة في أغراضها الشعرية متجهة الى
محطات شتى موشحة بالمثابرة لتشكل تجربة شعرية واعدة فهي شاعرة من سوريا الأدب
والشعر والياسمين ، تكتب على سجيتها كل ما يعتمل نفسها من هواجس ومشاعر وأحاسيس
مبتعدة عن القيود التي من شأنها أن تقيّد هذه التجربة أو تدفعها الى مسار آخر
قد يغيّب خصوصيتها وتميزها ، صدر لها ديوان ( وكل ما فيك هيام ) وقصائد أخرى
كثيرة ….

( ٢ )

نرى في قولها :

( ليس بالعينِ

نرى كل الأمطار

هناك أمطار تنزل بقلوبنا

تجلي عمى الألوان

لنحس ونرى ما أمامنا

وما خلفنا

وكأننا بوضح النهار )

رؤية للشاعرة لمعرفة الأشياء والأحساس بها لها خصوصيتها معتمدة أسلوب الخطاب
الشعري فنراها تسترسل لتقدم أكثر من مستوى للتعبير، بمعانٍ متجددة وسلسة ذات
مدلول يرقى بلغتها الى قصيدة النثر لغرض أرسال فكرتها الى المتلقي لأداء وظيفة
أخبارية فيها إحساس ومضمون ورمز ( المطر ) معتمدة على مستوى من الإيقاع
وعناصر من بينها التكرار وثنائية التشاكل والتباين على أعتبار ان الوزن ليس من
ضرورات قصيدة النثر لكننا نجده في بعض الأحيان بهذا النص أو غيره بتفعيلات
محددة وغير منتظمة :

( ليس بالعينِ

نرى كل الأمطارِ

هناك أمطا…….ر /

فاعلاتن فاعلن فعولن مستفعلن فعولن

( ٣ )

في نص آخر نرى :

(من نافذة بلورية

يتسرب البحر ببطء

يحمل على اكتافه نوارس عاشقة

بأناقة بيضاء يعانقني

يقدم لي وليمة ذكريات…

زبد عطرك يفوح …

وروائح شهية تعبق حولي

التهم كل شيئ…

عيناي جائعة لأطيافك وأطيابك

تمضي كحلم معتق بفكري

تشعل الغياب بمواقد ملتهبة …

حين جزر طيفك ينسحب .

أيها الممتد حول يابسة الروح

من كل الجهات…

أرنو إليك …

والمسافة بيننا

كثير من المااااااء

و قارب مكسور )

التكرار الصوتي الذي يشكله تكرار الفعل المضارع ( يتسرب / يحمل / يقدم / يفوح)

وسياق الحرف الأخير في ( يعانقني/ حولي / فكري )

أضافة الى التراكيب اللفظية المجرورة بحروف الجر مثل ( من نافذةٍ بلورية/
بأناقةٍ بيضاء/بمواقد ملتهبةٍ )

كلها شكلت جزءاً مهماً من أدوات التنغيم في هذه القصيدة وأعطتها جمالية جعلتها
تنتظم بحروفها وكلماتها لتكوّن صورة شعرية جميلة كعقد يتلألأ ، يجتاز
بجماليته حدود الزمان والمكان ، فتتوهج فيه العيون الأجمل التي يتسرب منها
العشق ببطء كأنه يتسرب من نافذة بسحره ،وأناقته ، وعطر ذكرياتهِ ، ولهفة حنينه
، ولكن ببطء مقصود من الشاعرة كأنها لا ترغب بتسرب هذا العشق بسرعة خشية وصوله
الى نهاية ما .

( ٤ )

نجد في نصوص أخرى أن الشاعرة هائمة في البحث عن الأمل ( الحبيب ) الذي لم
يأتِ على أتساع الأفق من جهة ومحاولتها للأمساك بواقع الحياة الطبيعية من جهة
أخرى :

أشعر بالروح تسري

تبحث عنك…

هائمة …

وراء الغيم تجري….

أفيق من حلمي

وإذ بي

ارتطم بالأرض….

وأنت – ما زلت –

لم تأت

قد تتسع المعاني والدلالات في قصائد أخرى للشاعرة تمتد الى رموز وتأويلات
أكثر أتساعاً من قرأتنا حول تمكن الشاعرة من الأبداع في قصيدة النثر

ماجدحميد الغراوي / بغداد

ماجدحميد الغراوي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات