هل الناقد كاتب فاشل أم كاشف لجماليات النص ؟

237
هل الناقد كاتب فاشل أم كاشف لجماليات النص ؟
شدري معمر علي

 

طرح الروائي الجزائري و الأستاذ الجامعي أحمد طيباوي الفائز مؤخرا بجائزة نجيب محفوظ سؤالا على صفحته بالفيسبوك محتواه ” هل عندنا نقاد حقيقيون ؟”..
والمتتبع للساحة الثقافية العربية يجد تباين في المواقف والآراء حول العملية النقدية و غياب النقد و انحصاره في كثير من الأحيان في أسوار الجامعة عبر الدراسات الأكاديمية التي لا يطلع عليها أحد و لهذا نجد من الكتاب من ينادي و يدعو النقاد أن يخرجوا من قيود النظريات و الالتزام الحرفي بالمناهج و مسايرة الأعمال الأدبية بأسلوب معاصر وقريب من المتلقي وهذا يكون عبر الصحف والمجلات بل حتى على فضاء الفيسبوك وللكتاب العرب مواقف و آراء حول النقد ووظائفه ..
يقول الفيلسوف والكاتب د.زكي نجيب محمود حول موقفه من النقد: «عناصر الموقف ها هنا ثلاثة: كاتبٌ، وكتابٌ، وقارئٌ، فلولا الكاتب
وكتابه لما كان قارئ، وبالتالي لما كان ثمة ناقد»..
فالناقد في رأي بعض الكتاب هو في كثير من الأحيان كاتب فاشل يتسلق على ظهر الروائي أو القاص أو الشاعر ليلمع نفسه و أكبر خدمة يقدمها كما في الغرب هو التسويق للكاتب ولدور النشر ويقبض ثمنه إنها عملية تجارية بحتة ، ومقولة الناقد كاتب فاشل يفندها الأستاذ عبد الرحمن علي البنفلاح فيقول :
“هناك مقولة يتداولها كثير من الكتّاب في تقييمهم للنقاد، فيصفون الناقد بأنه كاتب فاشل، أو مشروع كاتب فاشل لم يكتمل بسبب قصور في أدواته الأدبية، فاكتفى بأن يكون ناقدًا لأعمال الكتاب الذين كان يتمنى أن يكون واحدًا منهم.
هذه المقولة التي تشاع عن النقاد ليست صحيحة على إطلاقها، هذا إذا فرضنا صحتها، فالنقد موهبة لها أدواتها وشروطها مثل كتابة القصة أو الرواية موهبة لها أدواتها وشروطها، ولماذا لا يكون الناقد كاتبا يملك أكثر من رؤية للنص الأدبي الواحد، وله موهبة قد لا يملكها الكاتب نفسه، وذلك في سبر أغوار النص الأدبي، وقد يقدم رؤية جديدة لم ترد على خاطر الكاتب نفسه، وربما يقف هذا الكاتب مندهشًا من هذه الرؤية الجديدة”.
وهذه النظرة التفاؤلية تضع الناقد في مكانه اللائق ولا تستهين بدوره في الكشف عن جمالية النص بل تساعد القارئ على الولوج إلى أعماق النص الأدبي و هي نظرة وسطية معتدلة بعيدة عن الآراء اتمتطرفة التي تلغي دور الناقد و تكيل له التهم

وتبين اللكاتبة لبابة حسن وظيفة النقد فتقول : “تعرّف وظيفة النقد الأدبي بأنّها الكشف عما في النص الأدبي من أفكار ومعان وصور جمالية موحية، وتفسيرها وتحليلها، ومحاورتها بغيّة الكشف عن دلالاتها داخل النص الأدبي، مما يفتح مجالا للمتلقي أو القارئ أن يتواصل مع النص، ويتذوقه، ويكتشف جوانب الإبداع فيه، والإضافة إليه من خلال قراءاته المتعددة. وقد يكون التقاط هذه الجماليات التقاطا انطباعيا، مبنيًا على ذائقة الناقد فقط، وقد يكون التقاطا منهجيًّا، من خلال توظيف أحد المناهج النقدية وأدواتها، والبحث عن مقاييس محدّدة داخل النص”.
وحتى يكون النقاش ثريا بعيدا عن كل تطرف و اتهام خاصة من يتهمون النقاد الأكاديميين بأن لغتهم غارقة في المصطلحات التي لا يفهمها إلا أهل الاختصاص
فيبتعد النقد عن القارئ العادي الذي يحتاج إلى لغة مفهومة عصرية تساعده على سبر أغوار النص وفهم مكنوناته فالحل الوسطي هو المزاوجة بين النقد الأكاديمي الذي له أهمية ومكانة و النقد الانطباعي الصحفي الذي يمارسه الكتاب و الصحافيون المختصون في الشأن الثقافي فيكون هذا النقد مفيدا في تسويق الكتاب و تحفيز القارئ على شرائه وهكذا تتحقق الغاية من العملية النقدية..

الكاتب والباحث في التنمية البشرية شدري معمر علي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات