نشيد الأوجاع

78

نشيد الأوجاع

زياد كامل السامرائي

 

شاسعٌ وكبيرٌ هو الفرق
بين أن يمرَّ عليكَ نسيم يُعيدُ هيئة رئتيك العليلة
يجوس صفحة من روحك
يتصاعد كرمقٍ من حياة الفردوس
تؤمن بانّكَ ستعيش به الى الأبد..
تشمُّ الرحيق
هو زقزقة عصافير، هديل حمامات
يطلُّ من أعلى شرفةٍ لفؤادكِ المجروح
يغمرُ هذا العزف
رويدا رويدا
أقداحا من نورٍ في دمك
تشدّكَ وتُرشدكَ اليه، نجمة أو نجمتين
فوق رأسكَ نرجسة
تغلقُ بابها على ندى فضيّ
النسيم خياليّ
حروف و آيات لها طعم مَنْ أحببتَ
يُضحكُ القلب الشارد
يؤنّثه
يجعلهُ جنينا في أحشاء سمائك
كمْ مرةٍ أدركُ أنها اللحظة الأبديّة من العمر المُباح
الطريق الأبيض الوحيد الذي أتذوق منه وجه التجلّي
يغسل ذاك القلب من الطعنات
ويشاكسه في عزلةٍ
هي أغرب من أنين الأيام
ألِفَتها جراء الحيّ.
وبين أن تمرّ عاصفة بتلابيبها الثقال عليكْ
تحصدُ مرابع خضرتك
وتنزعُ أوراق مرحك وحبر ماضيك
تحيلها مملكة من تراب
تنفض من يديكَ ثرى صلاتك
نقطة مشيئتك القديمة في خارطة ندائك الغريب
تمحو لذائذ حلم مقدّس لا يأتي غالبا بخير
ولأنكَ لستَ من رُخامٍ أو حجر
وثوانيكَ ليستْ من خَلْق الرنين
و سخطكَ خال من قوس و سهام
ماذا تقطفُ إذنْ من هذا الضريح
من هذا الداخل في غيمة الأماني
بعد أنْ طغى وصار السِرُّ مُتاح
أ تجفل من هذا العطش الجارف
والرمل المنهمر في فضاء خُطاك و تستكينْ !
عاصفة..
تمشي على باب غُربتك المُرّة
تأكل من عتبات نخلتك
حتى آخر ملمس لوجه التوت في روابيك
تقترب وتنفرط من بعضها وتُبعِدني
تتماهى أعلى من الأهداب
لسرٍ يغريها
*
شاسعٌ وكبيرٌ هو الفرق
بين أن يمرَّ بك نهر، على راحة يديه يغني القمر
يغزل بجدائله البيت العتيق
فيسقط بين قدميه تفاح القصيدة
ومن زجاج قلبه المفتوح
تستفيقُ فاكهة للشرفات حين الضحى ينحني اليه
لا تبخلْ أيها السنونو أن تمر بجناحيك
ولو كرمشة عين
حيث نرتمي في حضن النشوة بلا ذنوب
أنا و أنت
بين أن يزرع الطوفان أرض نوح
وأنتَ في سفينة أبيه
تبحثُ عن سلام بدائي
ينجو منه الينا الليل بعيون جاحظة
وعرس مهذّب عابر بلا قتلى
أن يفور التنور في البعيد
ولم تجد من قصيدة تعصِمُك من بكاء
*
خالية تلك الآفاق
ولا من أجراس تهزَ فؤاد الزيتون
أن تكون القلعة القديمة صالحة للإنجراف
هذا يعني أنّ نبرة الطين هي جوهر النبوءات
من أين ياتي حُبكَ باليُسرِ
وطعم العُسرة له خمس جهات !

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع