مواقع التواصل والثقة في الآخرين!!

92
مواقع التواصل والثقة في الآخرين!!
عبدالعليم مبارك

 

تلعب الثقة بالنفس دورا أساسيا في حياتنا، فهي المحفز لصمودنا أمام مختلف العقبات والمشاكل، وهي أحد أهم أسرار نجاح الفرد في مختلف مجالات الحياة، وعلى العكس من ذلك فإن الشخص الغير واثق من نفسه ومن قدراته لن يعرف للنجاح طريقا، مالم يغير من طريقة تفكيره ويبني نفسه بنفسه. ولعلَّ الأمر المدعاة للقلق هنا ليس ثقة أو عدم ثقة الفرد بنفسه، بل هو مدى ثقتنا في الآخرين خاصة مع التطورات التي يشهدها عصرنا الحالي، فكثيرا ما تربطنا علاقات اجتماعية مع الآخرين سواء علاقات صداقة، زمالة علاقات عمل تتخلَّل هذه العلاقات مواقف وتجارب وسلوكات صادرة من الطرف الأول اتجاه الطرف الثاني وسرعان وما تعمق هذه العلاقات ثقة الطرفين في بعضهما البعض، ذلك أن الثقة عامل استمرارية أي علاقة بين طرفين مهما كانت طبيعتها.
وبالحديث عن الثقة في الآخرين، لا يفوتنا التنويه إلى نوع جديد من الثقة في الآخرين أفرزه ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بما أحدثته من تقارب كوني شمل تبادل الخبرات والآراء والأفكار والمعارف، وشمل أيضا سهولة اقامة العلاقات العاطفية بين الجنسين لتتطور هذه العلاقات مستفيدة من مزايا المحادثات والدردشات وتبادل الصور والفيديوهات.
لابد وأن الخاسر الأكبر في هذا النوع من العلاقات هن الفتيات فالكثير من علاقات الحب المزعومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي دفعن ثمنها غاليا إمَّا بتعرضهن للتهديد أو الابتزاز أو حتى دفعتها للانتحار، وغالبا ما يكون الابتزاز أو التهديد ممَّن كانت تتخذه خليلاً تثق به وترسل له صورها وفيديوهاتها عبر خاصية الدردشة وتسهر معه لساعات متأخرة من الليل وهي تحدثه عن أحلامها وآمالها وتأتمنه على أسرارها.
ونحن هنا لا نوجه انتقادنا لهذه الوسائل، ذلك أن مزاياها تتعدى عيوبها بأشواط، كما أننا لا نُجرم هذه العلاقات بسبب أنها حدثت ضمن الفضاء الافتراضي؛ فالعديد من شبابنا اليوم يقيمون علاقات حب عبر مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من هذه العلاقات تنتهي بالزواج مثلما نشاهده بين الفينة والأخرى عبر ذات الوسائل.
تحضرني هنا قصة لأحد المفكرين العرب الذي كان كثير الارتياد على أحد المكتبات الأجنبية والذي دأب على طلب أحد الكتب الموجودة في المكتبة في كل مرة، إلا أنه تفاجأ في مرات عديدة لاحقة بعدم وجود هذا الكتاب والسبب وفي كل مرة يطلب نفس الكتاب، والسبب أنه كان دائما بحوزة قارئة أخرى، ليتملكه الفضول ويحاول التعرف عن قرب على هذه القارئة التي تشاطره أفكاره وتوجهاته الفكرية، ليتم التعارف والتواصل بينهما فيما بعد، ويُكلل هذا التزاوج الفكري بزواج شرعي.
أردت أن أركز هنا على المكتبة كوسيلة اتصالية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كوسائل اتصال هي الأخرى، فلو أن ذات المفكر كان يعيش في زمننا لكان ربما تعرف على ذات السيدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتبادلا الآراء والأفكار حول مختلف القضايا.
إذن العبرة أعزائي في كيفية استغلالنا للوسائل وتطويعها لتكون في خدمتنا وليس ضدنا، كما أن ثقتنا في الآخرين يجب أن تكون مبنية على أسس متينة فليس كل الأشخاص محل ثقة، وليس كل الأشخاص سيئون.

‏*طرقعة

لا أشعر بمتعة عند مشاهدة شخص مهزوم .. حتى لو كان خصمي ..

بقلم
عبدالعليم مبارك

كاتب مصري

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع