لمحات من كتاب(المرأة جدل الحب والحياة)للكاتب علي الزاغيني ,من منظور امرأة

169

عن مؤسسة ثائر العصامي للطباعة والنشر والتوزيع صدر للصحفي الأديب علي الزاغيني أواخرعام 2019م كتابا يحمل عنوان المرأة جدل الحب والحياة ،يقع الكتاب في 174 صفحة رسمت لوحة غلافه التشكيلية زبيدة الشواف ،وجاء الكتاب مبوبا في خمسة فصول تنضوي تحت كل فصل من فصوله عناوين لمقالات كتبها الزاغيني منذ سنوات تلقي الضوء على قضايا جوهرية تهم المرأة والرجل في آن معا لأنهما اللبنة الأساسية التي ترتكزعليها مؤسسة الزواج المنوطة بتنشئة الأبناء رجال الغد بناة المستفبل ، أما إهداء الكتاب فأتى بالصيغة المذكورة أدناه
إليها … أي إلى المرأة روح الحياة ونبع الحنان ومثارالجدل في كل زمان ومكان ولئن كانت الموضوعات التي طرحها المؤلف وحللها برويّة و دقة وموضوعية وتجرد قد أماطت اللثام عن جملة من المشكلات الاجتماعية والأسرية التي انعكست سلبا على سلوك ونفسية شريحة واسعة من النساء في العراق من مستويات مختلفة ،سواء أكان ذلك في المحيط الخارجي أومحيط الأسرة قبل وبعد الزواج في الريف و في المدينة ، فإن لفظ ( إليها )ههنا ضمنيا هوإلى المرأة العربية في كل مكان لأن أعباء ومعاناة وتحديات بنات حواء في الوطن العربي متشابهة إن لم تكن متطابقة في معظم جوانبها مع بعض الفروق التي تفرضها عادات وتقاليد وخصوصية البيئة التي تنشأ وتترعرع فيها الأنثى ،وفي هذا السياق تجدرالإشارة إلى أن وضع المرأة يتفاقم ويتشعب ويزداد سوءا وتعقيدا في البلاد التي تتناهبها الحرب بما تحمله من ويلات وشتات يضعف النسيج الأسري ويمزقه شرممزق على كافة الأصعدة
وبعيدا عن هذا الاشكال والمعضلة فقد عانت المرأة على مرالأجيال والعصوروفي مختلف الديانات والحضارات البشرية والى يومنا هذا من ممارسات أدمت كيانها المرهف بسبب النظرة الدونية لها في المجتمع الذكوري الذي تشرب القسوة وعقد الإستعلاء من مفاهيم جاهلية خاطئة ورثها عن وسط منغلق تربى و درج فيه وبيئة لا تعرف للمرونة سبيلا عودته ألا يقيم وزنا أو يعير اهتماما كبيرا في الأعم الأغلب لاحتياجات ومتطلبات المرأة نصفه الآخر بصفتها إنسانا مثلها مثله لابدّ أن يصغى إليها حين تطالب (بحقوقها الاجتماعية والاقتصادية والتعليمة) ومستحقاتها المشروعة ، المرأة التي كرمها الإسلام وأنزلها منزلة لم تحظ بها في أي دين ومجتمع آخر ،فتحررت بفضل تعاليمه السمحة ووسطيته من القيود التي فرضت عليها من طرف الذهنيات المتحجرة وخرجت إلى رحب الحياة ،فتعلمت وتوظفت وأبدعت وتميّزت بعدما كانت في الجاهلية توأد
حيّة وتعدّ سقط متاع ،وفضلا عن هذا كله فقد ساوى ديننا الحنيف بينها وبين الرجل في الاحترام وتقدير عقلها وتثمين كفاءتها في كل المجالات التي تستطيع أن تبدع فيها وتفيد منها الأمة دون أن تخلّ بمهامها في العناية بزوجها وأبنائها وشرع لها حقوقا لا يحسن بمن يخشى الله وليّا كان أم زوجا أن يبخسها إيّاها وهي الأم والزوج والبنت والأخت ،ألأم التي جعل الله الجنّة تحت أقدامها (الجنّة تحت أقدام الأمهات ) الأمهات اللاتي استوصى الرسول الأمين بهن خيرا حينما قال في حديثه الشريف (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم )وقال أيضا رفقا بالقوارير ،وفي حديث شريف آخر (النساء شقائق الرجال،أي أنهن مثيلات الرجال إلا ما استثناه الشارع ،كالإرث والشهادة وغيرهما مما جاءت به الأدلة ) وأضاف (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ) بمعنى إن من يفهم القوامة من الرجال حق فهمها لا يمكن أن تسوّل له نفسه أن يتعجرف أويهين أي امرأة كانت أيا كان الأسباب فما بالك إذا كانت تلك المرأة هي الزوجة التي سخرها الله له ليسكن إليها وتسكن إليه ومن (آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (سورة الروم ) إلا أن الزواج ذلك الرباط المقدس الذي جعله الله جلّ وعلا سكنا قوامه الألفة والمحبة ليترادف فيه شريكا الحياة و يتعاونا على الحلو والمرّ ويكونا قدوة حسنة لأولادهما إذا كان لهما أبناء كثيرا ما يتحول إلى بؤرة للتوتّروالخلافات والصراعات حين يغيب العقل وتتعطل لغة الحواروتتصلب المرونة إذا جدّ على حياتهما مشكل من المشاكل عجزا عن حلّه وقادهما الصدام والنزاع بخصوصه في نهاية المطاف إلى طريق مسدود ،المشاكل التي لم يخل منها بيت عبرالتاريخ الطويل للبشرية قديما وحديثا وستبقى رغم الانفتاح والتطورالذي طرأ على حياة البشر إلى أن تقوم الساعة فبها يبتلينا الله ويختبرنا ويكتب لنا الثواب إذا صبرنا عليها ووفقنا إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه دون ضجة وتهويل ،فحتى البيوت المنسجمة المستقرة في كل بلاد الدنيا تعكر صفوها من حين لآخر مشكلات إن هي في الواقع إلا مناكفات يعتبرها الأزواج ملح الحياة الزوجية ومجرد سحابة صيف لا تلبث أن تنقشع وتزول لتعود من جديد ،مناوشات تفرضها طبيعة البشرلابد منها لكسرالرتابة التي تضغط بثقلها على الحياة الزوجية التي تتخللها بين آن وآخر فترات من الملل ،أما أخطرأنواع المشكلات في اعتقادي فهي العويصة منها التي تؤثرعلى كافة أفراد الأسرة و تأخذ في التصاعد تدريجيا إلى أن تتحول مع الأيام إلى أزمات يستعصي في كثيرمن الأحيان حلها ،خلافات بين الزوجين تعود إمّا لعدم التوافق الفكري بينهما ،أولفارق السن بين شريكي الحياة، أوإلى الفرق في المستوى الثقافي، أوضعف الحالة المادية للزوج ،أو لمشكل صحي يعاني منه أحد الطرفين أو لنشوزالزوجة أو كون شريك الحياة خائن لعوب منساق وراء نزواته ،أو بخيل سيئ الطباع والعشرة وتفاصيل أخرى لا تخفى على أحد يضيق المجال عن حصرها ،مشاكل إذا لم يحكّم العقل للحدّ منها وتفاديها بالطرق السلميّة لا تفضي لسوى الطلاق وتداعياته الوخيمة على الأسرة عموما و المرأة بصفة خاصة ،المرأة التي ما أن تطلق حتى تحيط بها الشائعات وتصطدم بنظرة المجتمع السلبية تجاهها ،نظرة مفادها أنه غيرمرغوب فيها لأنها فريسة سهلة المنال وبهذا الحكم المسبق الذي يفتقر إلى الحكمة والعدل تدخل في دوامة جديدة من الألآم النفسية والمعنوية وتصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار،الطلاق ذاك البعبع الذي بات في تصاعد مطرد في العراق بينما بلغ رقما قياسيا في بلدان عربية أخرى، وبعد معضلة الطلاق أبغض الحلال عند الله أشارالأستاذ علي الزاغيني في معرض حديثه عن المنغصات التي تعاني منها المرأة إلى ظاهرة العنوسة التي تفشت في المجتمع العراقي موضحا الأسباب الكامنة وراءها ومبرزا وجهات نظر المعنيات بالأمر حولها ،كما تحدث عن تعدد الزوجات مبيّنا أسبابه وشروطه ،التعدد الذي يقض مضاجع النساء وترفضه معظمهن رفضا قاطعا ،وفي مقاله الموسوم النساء والاحتيال قال في هذه الفقرة التي يظهر فيها عيوب ومميزات المرأة،(لكن المراة ذلك الكائن الرقيق التي وصفها الرسول محمد(ص) بالقوارير قد باتت تتخذ طرقا غير مشروعة لكسب المال والسلطة والتاريخ يشهد بذلك وضرب مثلا بريّا وسكينة ونساء أخريات اتخذن من القتل والخطف و الجاسوسية والنصب والاحتيال و التزوير وسيلة لكسب المال والوصول لمبتغاهن والتربع على المناصب ،أعمال مخزية تستنكف عنها المرأة السوية ولا يقوم بها سوى الأشرار من الرجال ، هذا نموذج من جنوح الاناث له أسبابه الخاصة يحتاج إلى العلاج ، وعلى العكس من ذلك هناك نساء سجل التاريخ أسماءهن من خلال العلم والعمل والابداع الادبي و الفكري والفني والرياضي والبعض الاخر احترفن السياسة و تفوقن على الرجال بشكل لا يضاهى ونقشت اسماؤهن بحروف من نور والتاريخ يشهد بذلك ولم يفته وهو يحلل ويعلل ان يلفت انتباه القارئ إلى قضية أخرى مهمة هي ارتطام النساء بعد سن الأربعين بعقلية المجتمع الشرقي الذي لا يستسيغ فكرة أن تعيد المرأة المطلقة او الأرملة بناء حياتها من جديد أي أن تخوض تجربة الزواج مرة ثانية بعد خروجها من العدّة وإنما عليها أن تكرس ما تبقى من سنوات حياتها للعناية بأبنائها وهذا إجحاف بحقها مادام الله قد حلل لها أن ترتبط بمن تشاء إذا أرادت ذلك،وبما أن الدراسة التي أعدها الكاتب قد ناقشت وبالتفاصيل المستفيضة أبرزالقضايا التي تهم الأسرة فقد مهد المؤلف لبحثه بالتعريف بالزواج لغة واصطلاحا وبمفهومه في الاسلام وشرح معنى العقد ,وعرف بأنواع الزواج قبل الإسلام وفوائد الزواج على صحة المرأة وأشار إلى الأمراض التي تؤثر على العلاقة الحميمة بين الزوجين التي كثيرا ما تكون سبببا في فصم العلاقة بينهما وفي تفكك الأسرة ،خلاصة القول لقد شخص الكاتب معظم المشكلات الاجتماعية والاسرية ووقف على أبعادها ،شخص الداء وقدم الدواء المتمثل في النصيحة والإرشاد الى كيفية التعامل مع المشكلة والحد من تفاقمها والخروج منها بما يحفظ للأسرة سعادتها و تماسكها ،وفي نهاية مقالي هذا يسعدني أن أورد رأي الأستاذ الباحث صباح محسن كاظم في كتاب المرأة جدل الحب والحياة ،قال الكاتب صباح محسن كاظم في ختام مقدمته للكتاب وكتاب المؤلف علي الزاغيني يشمل كل القضايا الجوهرية التي تهم الاسرة ،الزواج ،العلاقات الزوجية الصحيحة يدخل ضمن نطاق الثقافة الاجتماعية والمباحث الانتروبولوجية التي تهتم بالشؤون الاجتماعية، وقد تكلل سعيه بهذا الكتاب بدراسة عميقة نافعة من خلال عرض المشاكل ومناقشتها بحكمة و تؤدة لحلحلة الازمات من خلال استشارة عدة أخصائيين وأخصائيات بالقانون والطب والعلم ،فقد ناقش كل مشكلة اجتماعية فيما تخص المرأة وعرض نماذج منها مع آفاق وفضاءات الحلول وهذا لعمري يعد ضمن نسق الكتابات الاجتماعية الهادفة التي تساهم بزيادة الوعي لحل أي معضلة تواجه المرأة الأسرة وقضايا الحب ،الزواج ، الطلاق، المشاكل الصحية التي تواجه الأزواج فلقد ناقش كل تلك القضايا التي يعاني منها بعض الأزواج والزوجات مع إيجاد المخارج التي تمثل الأقل ضررا بالتقريب بين الزوجين في مشكلة تواجهها في الحياة !

أما الدكتور صلاح سعدون أخصائي طب نفسي فقد كتب ما يلي
هذا الكتاب لابد ان يكون دليلا للحياة الزوجية يقرأه كل منا سواء بعد وقبل الزواج كي ينجو الذي قبل أو يصحح الذي بعد قبل الوقوع في فك ناقوس الخطر، إنها ايضاحت فكرية مستنبطة من واقع معاش ومنظور بعين حريصة على ما تراه ،عين ،دخلت كل بيت عن بعد وتمعنت به جيدا، فرسمته بكلمات شفافة صريحة وواضحة ثم أعادت اهداءه لكل تلك البيوتات كي يقراؤه بتأن فهو منهم وإليهم.

نورة سعدي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع