غموض حول مقترح إرسال الجيش إلى الخارج فيمسودة الدستور الجزائري

161

البعثات العسكرية بين الأمس و اليوم

(غموض حول مقترح إرسال الجيش إلى الخارج فيمسودة الدستور الجزائري )

كانت البعثات العسكرية في السابق من أجل استكشاف المناطق التي يسهل على الدولةالقوية احتلالها واستغلال ثرواتها، و كان جل”الرحّالة” عسكريون، ينطلقونفي شكل قوافل، و كثيرا ما حدثتنا كتب التاريخ عن رحالة قاموا بأدوارا مهمة في عالم “الجوسسة ” لكن تحت غطاء علمي، هدفهم اكتشاف المدن و القلاع و إماطة اللثام عن اسرارها و ملامحها التاريخية والأثرية قبل اختراق أسوارها و غزوها، و ماأكثر البعثات العسكرية التي قامت بحملات على دول المغرب العربي ( الجزائر وليبيا..الخ) خاضها ضباط إيطاليون و إنجليز كانوا على درجة عالية من الثقافة، قاموا بمسح شامل للمدن و القلاع و عادوا إلىحكامهم بتقارير و خرائط و مخطوطات عن جغرافية هذه الأمكنة وحدودها و كيفية غزوها

تختلف البعثاتالعسكرية بالأمس عن بعثات اليوم، كانت في السابق منأجل استكشاف المناطق التي يسهل على الدولة القوية احتلالها واستغلال ثرواتها، و كان جل”الرحّالة” عسكريون، ينطلقونفي شكل قوافل، و كثيرا ما حدثتنا كتب التاريخ عن رحالة قاموا بأدوارا مهمة في عالم ” الجوسسة ” لكنتحت غطاء علمي، هدفهم اكتشاف المدن و القلاع و إماطة اللثام عن اسرارها و ملامحها التاريخية والأثرية قبل اختراق أسوارها و غزوها، و ماأكثر البعثات العسكرية التي قامت بحملات على دول المغرب العربي ( الجزائر وليبيا..الخ) خاضها ضباط إيطاليون و إنجليز كانوا على درجة عالية من الثقافة، قاموا بمسح شامل للمدن و القلاع و عادوا إلىحكامهم بتقارير و خرائط و مخطوطات عنجغرافية هذه الأمكنة و حدودها و كيفية غزوها ، أما اليوم اتخذت لها مسارا آخر،بحيث تعمل على دعم قوى ضد قوى أخرى، و إثارة علاقات التوتر بين دولة و أخرى كمانراه الآن في ليبيا و تدخّل الجيشالتركي و الجيش المصري و كذلك التدخل فياليمن و في سوريا و في مالي و غير ذلك،فالحروب كما يقول خبراء تستلب كل البعد الإنساني و تحيل الإنسان إلى وحش، و فيهايصبح السيف هو الحكم الأعلى في المجتمع، و يحتفل بأيام الغدر و الإنقالابات لتصبحأعيادا وطنية و هي في قسم منها مناسبات للتآمر و الإطاحة بعروش الآخرين.

فقد جعلت بعضالأنظمة الدكتاتورية العنف مقدسا و يجب أن تقدم له القرابين البشرية، و وصل بهاالأمر إلى تشويه الصورة الكاملة للمجتمع الإنساني بقلبه من المدني إلى العسكريلتصيح علاقات القوة هي المهيمنة، من البديهي طبعا أنه لا يمكن لأيّ دولة أن تنهض وتتحصّن دون وجود جيشٍ يدافع عن أرضها و حدودها ضدّ الاعتداءات الخارجية، ويحميمصالحها و مؤسساتها، و من الطبيعي أيضا أن يكون الجيش مصدر أمان الدولة، فالحياةالعسكرية تختلف بشكل كبير عن الحياة المدنية من حيث الإنضباط و تطبيق الأوامر والتعليمات التي تصدرمن الجهات العليا، إلا أنه مع التطوّر التكنولوجي تتطوّر معه القُدرات التسليحيّة للجيش ، فيكون في حاجة إلى تكوين مستمر و رسكلةو تثقيف، حتى يواكب كل التطورات العسكرية التي يشهدها العالم، و لذا جاء في مسودةالتعديل الدستوري الجديد مقترح إرسال بعثات عسكرية إلى الخارج، بيد أن المسودة حسب الملاحظين لم توضح الأهداف أوالغرض من هذا المقترح، هل البعثة تدخل فيإطار الشراكة الأمنية في محاربة الإرهاب و الحفاظ على السلم و الأمن الدوليين، والتصدي للتهديدات التي تواجهها الدول، أم هي مخابرات في مخابرات، أم أنها تأتي فيإطار التدريب و تمكين الجيش من اكتساب وتبادل الخبرات في مجال التسليح مثلا، منأجل بناء جهازا كمناعيا رائعا في المستقبل، ومن هو البلد المختار؟ ومن هي الرّتب العسكريةالمعنية بالتنقل إلى الخارج، وهل لها ثقافة عسكرية؟.

يقول مختصون أنه لا يكفي أن يكون المنتسب لسلك الجيش مطلعا على القانونالعسكري نظامه الداخلي و أنواع الأسلحة فحسب، بل يجب أن يكون أكثر اطلاعا على الإستراتيجياتوالخُطط العسكريّة وكيف تُدار، خاصة أثناء تواجدهم خارج الوطن، أي أن يزوّدوا بمهارات و تقنيات جديدة يجهلونها، خاصة فيالمجال “الإستخباراتي” كي يتجنبوامستقبلا السلبيات العسكرية، طالما هم يعتبرون همزة وصل بين البلد الأمّ و البلدالمستقبِل و يمثلون “الدبلوماسية العسكرية ” في تعاملهم مع الشريك الأجنبي،المقترح الذي جاء في مسودة الدستور قد يخلط الكثير من الأوراق و يعيد حسابات تأبىأن تزول من ذاكرة الجزائريين، حيث طرح عدةتساؤلات، البعض يرى أن مقترح إرسال بعثات عسكرية إلى الخارج يكون في شكل”ميليشات” لدعم دولة ما في حربها ضد دولة أخرى، فماذا عن العساكر الذين برتدونالزيّ المدني؟ فكثير من العساكر متخفون و يمارسون عدة مهام، ولا أحد يتعرف علىهويتهم، فقد يجلسون في المقاهي مع العامة و قد يقودون سيارات أجرة و قد نجدهم يعملون في الصحافة و حتى داخل الحراك الشعبيو ما شابه ذلك، وهذا كما يقول محللون يعتبر شكل من أشكال الدولةالعسكرية المقنعة، فيما ربطه آخرون ( أي المقترح) بنظرية العلاقات “المدنية-العسكرية” و الدور السياسي للجيش و ما يجب أن يقوم به أمامالمعارضة في حال إذا ما استأنف الحراك الشعبي مسيرته ، و تجديد مطالبه بدولة مدنيةلا عسكرية، و ماهو الخطاب الذي يينبغي أن يكون في التعامل مع المعارضة و الآثارالمترتبة عنه، خاصة إذا أوكلت للجيش مهمة حفظ الأمن والنظام العام أثناء المظاهراتو المسيرات الشعبية، أو في حالة وجود انقلابات عسكرية، مما يزيد من تدخله في الشأنالسياسي خاصة عندما تتلقى الأوامر باستخدام العنف ضد المعارضة.

فقدوجد الجيش في تهدئته الوضع طيلة المسيرات الشعبية و تجنبه العنف و محاصرته كل منأراد العبث بأمن و استقرار البلاد “الورقة” الرابحة في فرض وجوده عسكرياو سياسيا من خلال التعديل الدستوري الجديد، كي يجعل منه اللاعب الأقوى في الحياة السياسية،الجدير بالملاحظة أن نقاشات واسعة دارت حول من له الشرعية في تسيير شؤون البلاد ودواليب الحكم هل رجل السياسة ( أي الرجلالمدني) أم العسكري، و لعل مطالب الحراك الشعبي بدولة مدنية يعود إلى اسباب عديدة، أولها رفض الحكم الفردي الإستبدادي، لأنه لا توجد في الدولة العسكرية انتخاباتو حياة نيابية (برلمان)، ثم أن الدولةالعسكرية تعتمد على “القوّة”، وهذاالنوع من الدولة يعيد إلى الذاكرة مرحلة التسعينيات وكيف توقف المسار الإنتخابي وتدخل الجيش في الحياة السياسية للبلاد عندما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ فيالإنتخابات و حدث الإنقلاب، تحولت فيه الجزائر إلى دولة “بوليسية” وفيها اتسمت الحياة اليومية للجزائريين بالإعتقالات و التعذيب و الإغتيالات، و وصفت بجمهورية الخوف، و كأن التاريخ يعيدنفسه، و من يغفل و ينسى قوانين التاريخفإن سنن الله لا تغفل و لا تنسى.

علجية عيش

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المواضيع