امام هذه المعادلة :(الحياة من أجل الكتابة أو الكتابة من أجل الحياة )يتفرق
الكتاب بين كاتب يعيش المأساة والمعاناة ،يضحي بكل شيء من أجل أن ترى كتاباته
النور ،يصرف من ماله القليل على الكتب ،ينسى التفكير في المستقبل ومتطلبات
الأسرة وكاتب يستمتع بمباهج الحياة ،سكن واسع وسيارة فارهة ومداخيل كثيرة من
بيع كتبه أو مشاركاته الإعلامية ويحدث هذا في الدول الغربية التي بإمكان
الكاتب أن يعيش من التفرغ للكتابة .
فأين الكاتب المفكر سهيل الخالدي رحمه الله من شطر هذه المعادلة ؟لقد عاش
سهيل الخالدي رحمه الله شطر هذه المعادلة في جانبها المأساوي ( الحياة من أجل
الكتابة)لقد أعطى للكتابة بأنواعها: بحثا ورواية وقصة وعمودا صحفيا طوال
سنوات وفي كثير من الدول العربية التي احتضنته ولكنها لم تعطه أبسط حقوق
المواطن وهو سكن لائق و تقاعد مريح فعاش بعد عودته من سوريا مرغما لظروف الحرب
في دار العجزة بلا اسرة ولا مال ولولا المخلصون من ابناء هذا الوطن الذين
آزروه وحملوا قضيته حتى تحصل على سكن اجتماعي بولاية البويرة ليستقر مع زوجته
بعد معاناة المرض ولكن الملاحظة المهمة هو ان الكاتب سهيل الخالدي خانه كثير
من أصدقائه المثقفين الكبار أصحاب المناصب لم يستعملوا جاههم وسلطتهم لتوفير
بعض حقوقه وهذا ما أثر عليه نفسيا وجسديا فتبقى قصة سهيل الخالدي مؤشرا على
معاناة الكتاب والمثقفين الذين شغلهم الفكر والأدب على الاهتمام بالجوانب
المادية وقد كتبت مقالا في هذا العمود و أكدت فيه أن لا ينسى الكاتب وهو يعيش
هم الكتابة والإبداع الاهتمام بالجانب المادي فيؤسس لمشاريع تدر عليه مالا
وتساعده على التفرغ للكتابة وطبع كتبه ولو على حسابه لأنه ليس بحاجة إلى المال
.
بعد رحيل سهيل الخالدي مازالت هناك مسؤولية أخلاقية ملقاة على وزارة الثقافة
أن تعيد طبع كتبه و نشر مخطوطاته الكثيرة التي حدثني عنها ذات زيارة له مع
صديقي الروائي جيلالي عمراني و إعطاء حقوق الطبع لزوجته وقد يكون هذا العمل
تكفيرا لكل تقصير في حق هذا المفكر الذي أحب الجزائر و شعبها وبقي وفيا
لتاريخها و شخصياتها فرحمك الله أيها الطيب و أسكنك فسيح جناته .
الكاتب والباحث في التنمية البشرية:شدري معمر علي