سأحرثُ حقولي بالرجاء

201

احتل الأملُ مدنَ سكينتي، ووعدني بدنيا الجمال، فتحتُ أبوابي لشرانقِ الحبِّ القادمة من عبقِ الصبا، أترقَّبُ حريرها الرهيفَ يغزلُ قمصاناً لروحي المتعبةِ و يحيكُ فساتينَ من زهرٍ ، أحلمُ نسائمها تعطرني بقصائدَ الغزل العذري ، ورفعتُ أشرعتي للبحرِ إذ ابتسمت لي قواربهُ أنتظرُ قزحَه يمطرني تيناً وعنباً ، ويضمُّني إلى خميلتهِ الوارفةِ يعيدني لأراجيحِ الطفولةِ عصفورةً من طربٍ ، ترسمُ أشواقها للحياة ضحكاتٍ و شغفٍ ،وتلونُ الأيامَ بالدفءِ والحنانِ
يالخيبتي !! أين النسائمُ الرقيقةُ ؟ أين جزرُ الأحلام ؟! إنَّها رياحٌ عاصفةٌ، تحملُ رمالَ الخصامِ من صحارى الفكرِ و تنهالُ بسياطِ العتابِ واللومِ
هاهي تهشِّم أباريقي وتحفي الماسيةِ و تهدمُ ماشيدتهُ للحبيبِ من قصورٍ وأبراجَ بهاء
ماأقساكِ أيتها الريحِ شرَّدتِ طيورَ اللهفةِ ، واقتلعتِ غراسَ الفرحِ الصغيرةَ من صدري
بئس وعداً أيُّها الأمل الكاذبُ، خدعتني ببريقكَ الخلَّبِ ، وعدتني بجزرِ الفرح ولآلئ الهدوء ، زيَّنتَ لي الدربَ ،لبستَ ثوبَ الطموح، وتكحَّلتَ بميلِ الكرمِ ، حتى رأيتَك قاربَ النجاةِ لضياعي فسرتُ إليكَ بلا سؤالٍ ، وفتحتُ نوافذي لكَ من غيرِ ترددٍ ، وكنتُ قد تأقلمتُ مع خريفي ، وتصالحت نفسي مع سفوحِ الأحلامِ
ثلوجكَ السوداء أطفأتْ نيرانَ شوقي، غطرستكَ النرجسية حطَّمت أوتارَ عودي السعيدةَ . لكنَّني فلاحةٌ سأحرث حقولي بالإيمان وأزرعها بحبٍّ جديدٍ ، لن أرفعَ راية الاستسلام أو أعلن سقوطي
وأنت أيها النايُ خذني إليك لأوقع آهاتي على أصابعكَ وأسركَ آلامي فأنتَ أحنُّ عليَّ من أملٍ خلَّبٍ
_______
مرام عطية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر المقالات